رحيل المسرحي المخضرم حمدنا الله عبدالقادر… تشارلز ديكنز أفريقيا

الخرطوم ? سارة المنا

انتقل إلى رحمة مولاه أول أمس الكاتب والرائد المسرحي حمدنا الله عبدالقادر بمستشفى دار العلاج، وشُيِّع جثمانه إلى مقابر فاروق. ويعد الراحل حمدنا الله عبدالقادر مبدعاً من طراز فريد وصاحب رؤية فنية عميقة، حتى أن البعض يطلق عليه لقب الفيلسوف الصامت، إذ عُرف بتجويد العمل وقلة الكلام، وهو من مبدعين كثر نذروا أنفسهم لعالم الدراما السودانية، ويُعد حمدنا الله كاتباً متميزاً أثرى الساحة الإبداعية، والمسرحية منها بصفة خاصة بأعمال درامية لا نظير لها بثت على أثير الإذاعة السودانية، فأحدثت دوياً هائلاً لا يزال صداه ماثلاً حتى اليوم.
مسيرته الأولى
ينتمي الراحل إلى أسرة عريقة ذات جذور دينية، فجده هو الفكي جاد الرب، وخالاه الشاعر مصطفى جاد الرب، والحكواتي حمور جاد الرب عليهم الرحمة. ويعد الراحل حمدنا الله مرجعاً من مراجع المسرح في بلاد النيلين. ولد أواخر ثلاثينيات القرن الماضي في مدينة الحصاحيصا وأكمل بها تعليمه الأساسي ثم التحق بكلية الآداب، وتخرج فيها في خمسينيات القرن المنصرم، وصادف وجوده في الجامعة تلك الفترة ازدهار في المسرح الجامعي، وقد اطلع بحكم دراسته على أعمال شعراء وكتاب مسرحيين كبار مثل وليم شيكسبير، موليد، هنريك أبسن، وكان تأثره بهم كبيراً، ويعد أبسن (أب الحركة) الواقعية في العالم، إذ أعتق الدراما من سيطرة الشعر، فهو صاحب المقولة الشهيرة “الشعر قتل روح الدراما”، فكانت تلك ثورة في الحوار المسرحي لم تخمد حتى اليوم.
المراحل التعليمية والمهنية
درس بخلوة حاج صديق بالحصاحيصا، ثم المتوسطة رفاعة، والمرحلة الثانوية بمدينة أم درمان ثم جامعة الخرطوم دبلوم الإدارة ودرج إلى جامعة كامبردج بالمملكة المتحدة، عمل مفتشا بالحكومة المحلية متنقلا بين الجنينة، نيالا، كادقلي، الرنك، الناصر، جوبا، يامبيو، كسلا ومروي ثم عمل في مصلحة الثقافة وعمل بالمملكة العربية السعودية وليبيا، كان إدرايا فذا، كما كان أحد الدعامات الأساسية للحكم المحلي إبان فترة الراحل جعفر علي بخيت، تقاعد للمعاش الاختياري.
جائزة في الأدب
حمدنا الله عبدالقادر كان أول مدير شمالي في جنوب السودان في بداية الستينيات بيامبيو، عمل مديرا لمديرية كادقلي، كسلا والشمالية ونائبا لمحافظ الخرطوم (مهدي مصطفى الهادي)، تم تكريمه في مهرجان الثقافة الأول ومنحه وسام بن السودان البار ونال جائزة الأدب الجاد ببريطانيا في أوائل السبعينيات تقريبا وأطلقوا عليه لقب (شارلس ديكنز أفريقيا)، تم تكريمة من قبل مجلة الدوحة القطرية وطباعة قصة خطوبة سهير.
الأعمال الدرامية
كاتب متميز له العديد من الأعمال الدرامية في الإذاعة، وكانت مسيرته حافلة بالعطاء والإنجاز، صاحب بصمة واضحة وملموسة لا تخطئها عين في الدراما السودانية، واشتهر بـ (خطوبة سهير) وكشك ناصية، أخرج معظم أعماله الفنان القدير مكي سنادة وكونوا ثنائياً مدهشاً ومبدعاً، وكتب أيضا مجموعة من الأعمال الدرامية منها (الكلمة الحلوة)، وكذلك مسلسل المقاصيف الذي كان يقدم في حلقات عبر الإذاعة السودانية، وكتب الحيطة المائلة، اللسان المقطوع ومات الدش وحكاية نادية وانتظار عمر والمنضرة، مازال يمارس الكتابة يوميا جالسا في حديقة منزله بالرياض منذ السادسة صباحا وحتى العاشرة مساء

اخر لحظة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..