مقالات وآراء

خُرافةٌ اسمُها “الحُبّ “..!

 عبد الله الشيخ

الحُب وهمٌ يتفاقم في الحنايا فنعبر عنه بلهفةٍ لها ألفُ لسان. الحب وهم تختبئ تفاصيله وراء زهرة مِنْ ألف لون، لكل لون من ألوانها ” أشداق”… وما الأشداق!؟

أغلب الظن،أنّ ملوك طمبور الزمان يُمسِكون ببعض حبال الوهم، لكن ما أعرفه أن الحب، لا يمكن أن ينبثق فوق أرض يباب..  لا يمكن أن ينبثق الغرام إلا فوق حقول الانتاج، لأن هناك طلاقٌ بائن بين العِشق والفلس.

واحد قريبنا، غَرِقَ فى الحب حتى أُذُنَيه.. هام بفتاةٍ لبعض ذويه، حتى تكشّف سره للرمال الزاحفة.. شاع خبر عشقه، حتى غدا  سره المُشاع مسخرة عند الكِبار و الصِغار.. كنا نراه هائماً فى الدروب يحاكي القماري.. كان”يسوي القوق” غناءاً لمعشوقته، ولا يخلو حديثه من فرمالته الضائعة : إنتو ما جربتوا الريد يا الكُبار؟

الناس في بلدي يصنعون العشق.. يعرفونه ويكتمونه “عشانْ جِنسْ البهدلة دي”.. إنهم مثل كثير من النساء والرجال في هذا العالم: يبحثون عن شيئ مفتقد، يمارسونه لكن “تِحِتْ تِحِتْ “..

الناس في بلدي “يأكلون ويمسحون أفواههم” كأن شيئاً لم يكن، إلا صاحبنا هذا، شذّ عن القاعدة، وعملا ظاهرة، و براهو “دخّل روحو فى خشْم الحريم”!

كان عندما تتفاقم عِنده الوهمة، ينوح فى الظهيرة أو في الليل: عووك أنا عيّان..عووك أنا داير أعرِّسْ سُعاد ..عوووك إنا قلبي مجروح !

عووك، ثم عووك، ثم عووك..!

وبين عوكٍ وأُخرى يأتي بفرمالته ذات الحق المبين: إنتو ما جربتوا الريد يا الكُبار؟

وكتين كتّر الشغلانة، إجتمع الأهل و”ختّوا اللوم” على سُعاد..

قالوا: البنت دي لِحْستْ راسْ الغبيانْ ده.. قالوا: الدِلاهي ده مِشهينا الغمدة، دحينْ مَسِكوهو طرفْ توبا، النّشوفو بعد داك، شِنْ بِسَوّيِ..

و”حَدَثَ مَا حَدَثْ”..!

شوهد صاحبنا، مَجيرتقْ، وعواجيز الحِلة ما قصّرِنْ، ختوا ليهو الحِنّة و الضريرة، والحريرة ، وسيّروهو لى بيت “العَدَلْ” كما يقولون..

بعد داك، زولك كَضمْ..!

صمت عُواءه، ونُسيت حكايته بين الحكاوي الكثيرة التى تفور مع الفيضان، وتتلاشى خبَره مع تمر الهبوب.. بعد سنوات عددا، سألتهم عنه، فقالوا أنّ “سُعاد الكانْ بِيَهاتي بيها دِيكْ، خَلّتو يَقْنِتْ بي شيلْ الشُفّعْ”..

فى إحدى المناسبات الجامعة، رأيته زائغ العينين،عليه عراقي من خرائط  كنتورية، أبدع عرقه الكثيف في رسمها..

سألته : يا زول.. خبرك شنو، والدنيا معاك كيف؟  قال والمِحنة ــ لا المَحَنّة ــ  تبدو عليه : والله  يا زول، غايتو نقع ونقوم ..

ــ تقع وتقوم كيف؟ إنت مش كنت بتكورِك، وتقول إنك مشغول البال بسُعاد؟

حدجني بنظرة عِتاب، أتبعها بقوله: والله أنا فى الدنيا البطالة دي، مافي شيتاً شاغل بالي غير عيش الطاحونة..

ــ  طاحونة شنو  يا زول.. ِنسيت غُناك وسهر الليالي؟ وين  دروب الريد و مراسي الشوق؟

ــ يا زول، أقول لك: الدقيق، بس الدقيق!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..