وداعا عيسى الحلو ..

أسامة رقيعة
عيسى الحلو مثل الكرستال صلب ولطيف ونقي وصافٍ، حينما تقترب منه وتحاوره تكتشف أن النظرات الحادة التى تبدو عليه و” الكارزما” الصارمة التى تكسو لغة بدنه هي لم تكن موجهة نحوك أبداً، بل إنها ضد الجهل والتراخي المعرفي والإنساني، عيسى الحلو يتحدث إليك بعمق الناقد الماهر ، وخيال الروائي الحاذق، ثم يغمرك بلطفه الإنساني ..
لا يجاملك أبداً مهما أحبك، ولكنه لا يجرحك، يتواضع حينما يقدم لك المعلومة الجديدة ثم يتطلف ويقول لك دعنا نتحاور، المحاورة هي المهمة، أدهشني عند أول وآخر زيارة مني له في بيته بحي الجامعة، كان وقتي ضيقاً كعادتي حينما أزور الوطن، ولكن المشافهة معه منحتني إحساساً بالاتساع والأبدية، أدهشني اهتمامه بالمعرفة والكتاب، فهو يهديك الكتاب بإحساس الجواهري الذي يقدم لك ماسة ثمينة، في اليوم التالي أصر على أخيه الصالح القاص صديق الحلو بأن يقطع المسافات الطويلة لكي يلحق بي في المطار ويهديني “ريش البغبغاء ” هذا الإصرار غمرني بلطف أحسسته كثيراً، أما حينما أصر على صديقه الشاعر الكبير الصادق إلياس بضرورة اللقاء بي، وكان قد وفد إلى الامارات كأحد ضيوف معرض الشارقة للكتاب أحسست أنه أراد أن يقول لي أن له ماسة أخرى، صديق صادق، ولقد تأكد لي ذلك حينما كتب لي آخر مخطوطة بخط يده ووصلتني كصورة عن طريق واتساب ابنته يصف فرحه بنبأ تكريمه من قبل حاكم الشارقة، فقد وصفني بالصديق الحقيقي :
الابن العزيز والصديق الحقيقي .. أسامة رقيعة
أنا في حالة من الفرح الطفولي الذي يمكن أن تفسده الثرثرة ويقلل من وهجه البوح الصريح
المهم .. أن أهلك الطيبين .. زواخرك العرب .. قيل الشارقة ستقوم بالتكريم .. كواحد من الكتاب العرب الذي من الممكن أن يعطوا شيئاً .. أنا ومعي زمرة من رفاق السفر وسنوات البحث عن الهوية والوطن وبطاقات السفر المباحة لكل أنحاء الوطن العربي الذي شاركنا أنت وكثيرون من الموجودين … أولئك الذين أشعلوا أضواء الربيع العربي
وهنا أفرح بك … كما أفرح بكل العروبة التى تحتفل بها إمارة الشارقة الشقيقة .. والآن هيا .. يا كاتب يا موهوب ليتم نسج ثوب الجمال والخير والحقيقة
عيسى الحلو
( توقيع)
مع تحيات أفراد الأسرة..
توقفت كثيراً حين وصفني بالصديق الحقيقي .. ثم أدركت أن ذلك ينبع من تقديره لقيمة الصداقة والأصدقاء ، ليس هذا فحسب فحين تأملت جوانحه النقية التى تعبأت بالفرح الطفولي عند بلوغه نبأ التكريم لم يكن الفرح لشخصه، وإنما لأنه ” كواحد من الكتاب العرب الذي من الممكن أن يعطوا شيئاً” لقد أنفق عيسى الحلو جميع عمره في العطاء وحتى وهو في الثمانين من عمره لا يفرحه شئ سوى شعوره بثقة من حوله أنه قادر على العطاء .
ليس يسيراً عليَّ ولا على الكلمات، أن تشمل عيسى الحلو صاحب العقل الباهر ، والرؤية الموسوعية، عبقري الثقافة السودانية إلا أنه قد يبدو يسيراً عليَّ أن أذكِّر بلادي وجميع بلاد العرب أن الثروات في قلوب أبنائها وعقولهم، وأن التاريخ لا يصنعه المجهود الفردي وأن عيسى الحلو ترك إرثاً من المواقف والمعارف جدير بها أن تخلد وتكرم ..
اللهم ارحم عبدك عيسى الحلو بقدر وطنيته وإيمانه بعروبته ..
وإنا لله وإنا إليه راجعون .
قبل الاهلة التى كان يمتلكها الرمز الراحل ادريس الحاج المعزل نوارة سنار تعرفت على الحلو عبر مختارات الراحل المجد على المك عرفته جيدا سرد مركز وكلمة صغيرة جدا ان الانقاذ فتحت للحلو كل منابرها وجديرة هى بالاحتفاء به بعد رحيله المحزن كان رحيله فى زمننا هذا سحابة صيف كانه لم يكن مبدعا استثنا فى زمن عز فيه الاصوات المبدعة والملهمة امدالله فى اعما ر نبيل غالى ومجذوب عيدروس وهاشم صديق