قصيدة – خذنى يا غيم الى امدرمان

دردشة مع غيمة

فى كل مساء
يا سيدة الشعر أعود إلى دارى
مثقوب الروح
كما سفن مضغتها في البحر الأنواء
فى كل مساء يا سيدة الشعر أعود إلى دارى
مهدود العمر
كما غصن قصفته العاصفة الهوجاء
محروق النبض
كما كوخ
أكلته النيران العمياء
فى كل مساء أدفن وجهى فى صحف المدن الصفراء
و أخبئ وجهى بين دخان سجاراتى
أجتر مرير عذاباتى
أجتر قديم حكاياتى
فى كل مساء يا امراة
مدهشة اللفتة و الإيقاع
يأكلني الحزن رغيف جياع
يمتد العمر مشاويرا
من وجد و عذابات و ضياع
( و تلوح النجمات العمياء على الأفق كقطيع ضباع )
……………
فى كل مساء يا سيدتى
أخرج وطنى من شريانى
أحضنه
أتأمل صفحته الزرقاء
اتامل قامته الممشوقة مثل سماء
أتأمل بعض جمال النيل
و أشرب بعض رحيق الليل
و أكرف رائحة النوبات
أطارد أصداء الغابات
أنام على خاصرة النخل
أناجيك
و أسافر غيما صوب بلادى
أصبح جنات غناء
…….
فى كل مساء يا امرأة
زرعتنى أشعارا خضراء
أتخلص من أثواب المنفى
أكسر أصفاد البؤساء
و أسافر عبر البحر إليك كعصفور
فالبحر صديق للغرباء
آتيك على صهوات الغيب
خيولا تنضح بالترحاب
ألقاك دراويشا و قباب
ألقاك غراما يلبسنى تحت الأثواب
فالحب هنا مسخ زائف
الحب هنا ورد ناشف
أوراق العمر هنا سوداء
و الشعر هنا جارية تحترف الإصغاء
و أنا فنان يشنقني
ليل يتمطى بين ضفائر غجرية
و أنا فنان تقتلني
عينان غيوم و ثريا
و قوام يختصر الأشجار
و نبض الطبل الزنجية
…..
فى كل مساء ? سيدتى ?
أتامل وجهك مرسوما بين الآفاق
مختصرا أجيال الإشراق
و أصيح كطفل ” يا غيم
خذنى يا غيم إلى امدرمان
إني تقتلني يا امدرمان ليالى البرد
و ناب الحزن الوحشية
فعروق الناس هنا أوراق مالية
أضلاع الناس هنا نفط
و قلوب الناس هنا أرض بور جرداء
فى كل وريد ? سيدتى ?
تمتد ملايين الأسلاك
و جنود تحبس عن عينيك
نداء النوبة و النساك
و مخافر ليل تعتقل الطيف الأحلام
الحب بإفتاء السلطان يعد حرام
و العشق بإفتاء السلطان يعد بغاء
فى كل مساء
أتنسم عبر البحر أريجك يا امدرمان
أتسلل من جمع العميان
أتأمل عينيتك النيلين
و اغرق فى كحل يتعثر فى الأهداب
أخلع نعلى
و أخلع حزنى
أدلف يا سيدة الحسن إلى المحراب
أتخلص من أوجاع العمر
و أنفض عن عينيى غباري يا امدرمان
يا أحلى امرأة فى التاريخ
و يا وردا يتأنق فى قاع الشريان
يا كتب الشعر
و يا لوحات فاتنة
تتحدى ذاكرة الألوان
فى كل مساء انفض عن عيني سحابات الأحزان
أختبئ طفل بين يديك
أتدحرج حرا
مثل الريح على نهديك
أتألق كحلا فى عينيك
و أخبئ فى الشريان ضياءك يا امدرمان
فالقمر العاشق يا امدرمان هنا مخنوق
القمر الثائر يا امدرمان هنا مشنوق
تصلبه أعمدة عجفاء
تلوح أمامي مثل حراب
تمتد على جنبات الليل كأسئلة من دون جواب
تلدغه مثل خيول عسس
تكتبه بعض زمان غياب
ما أحلى القمر العاشق فى بلدى السودان
يتدلى من صفحات الغيب
و يرقص بين مياه النيل
كأحلى فرس
القمر العاشق مثل ضريح ليس يمس
القمر العاشق ? سيدتى ? يتبختر بين رمال بلادي
مثل الخيل
و ينفض آلام العشاق
عن العينين الناعستين
مذ كان العشق
و كانت حماه السكري
مذ كان القلب العاشق
يسهر لا يكرى
قد كان القمر صديق الأرواح المنفية فى الأحزان
يقصده الناس إذا ثارت
أمواج الوجعة كالطوفان
يشكون إليه صدود الحب
و هم القلب
و كل جراحات الإنسان
و أنا مشتاق لامرأة
تمتد على أصقاع الروح
تغازل ليل ضفائرها
ترتاح على سرر الأجفان
خذنى با غيم
خذنى يا غيم إلى امدرمان
………………………..
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. شكرا لهذه الأبيات الجميلة .. في حق أم در الحبيبة…

    وخذها كلمات قليلة من عاشقة أم در الأبدية…

    / قدلة يا مولاي .. حافي حالق بالطريق الشاقي الترام/

  2. 1. اعرف مهدى يوسف ابراهيم عبر كتابته كقاص مهول الموهبة، و كمهتم بالاغنية السودانية وعظماء حيلها الذهبي من فنانين وشعراء؛ ولم اعرفه شاعرا حتي اليوم! فيا لسعد السودان به.
    2. اعجبتني القصيدة جدا. يظهر فيها الجرس الغنائي والوقع الذي ربما جذب ناظمها الي اهتمامه بشأن الاغنية السودانية..
    3..بعض الصور الشعرية جديدة و رائعة، مثل المثالين أدناه·

    。【و الشعر هنا جارية تحترف الإصغاء】

    。【و قوام يختصر الأشجار
    و نبض الطبل الزنجية】

    4. ومع ذلك ? ومع ذلك (صلاح احمد ابراهيم)

    ١. بعض الصور مكررة
    وبعضها يصعب تصوره
    مثل:

    【الممشوقة مثل سماء】

    【الممشوقة طول سماء】_ صورة شعرية استطيع تصورها، ولكن سماء ممشوقة؟!

    ٢.【و أنا مشتاق لامرأة】
    البيت اعلاه يخرج من أيقاع الابيات المجاورة، و ينضبط الايقاع باستبدال الصفة بالفعل:
    【و أشتاق لامرأة】
    ٣. تصويب:

    عينيتك = عينيك
    با غيم = يا غيم

    5. شكرا للمبدع متعدد المواهب مهدى يوسف ابراهيم. ونعشم في المزيد.

  3. شكرا لهذه الأبيات الجميلة .. في حق أم در الحبيبة…

    وخذها كلمات قليلة من عاشقة أم در الأبدية…

    / قدلة يا مولاي .. حافي حالق بالطريق الشاقي الترام/

  4. 1. اعرف مهدى يوسف ابراهيم عبر كتابته كقاص مهول الموهبة، و كمهتم بالاغنية السودانية وعظماء حيلها الذهبي من فنانين وشعراء؛ ولم اعرفه شاعرا حتي اليوم! فيا لسعد السودان به.
    2. اعجبتني القصيدة جدا. يظهر فيها الجرس الغنائي والوقع الذي ربما جذب ناظمها الي اهتمامه بشأن الاغنية السودانية..
    3..بعض الصور الشعرية جديدة و رائعة، مثل المثالين أدناه·

    。【و الشعر هنا جارية تحترف الإصغاء】

    。【و قوام يختصر الأشجار
    و نبض الطبل الزنجية】

    4. ومع ذلك ? ومع ذلك (صلاح احمد ابراهيم)

    ١. بعض الصور مكررة
    وبعضها يصعب تصوره
    مثل:

    【الممشوقة مثل سماء】

    【الممشوقة طول سماء】_ صورة شعرية استطيع تصورها، ولكن سماء ممشوقة؟!

    ٢.【و أنا مشتاق لامرأة】
    البيت اعلاه يخرج من أيقاع الابيات المجاورة، و ينضبط الايقاع باستبدال الصفة بالفعل:
    【و أشتاق لامرأة】
    ٣. تصويب:

    عينيتك = عينيك
    با غيم = يا غيم

    5. شكرا للمبدع متعدد المواهب مهدى يوسف ابراهيم. ونعشم في المزيد.

  5. الساعة الآن 2و43 دقيقة….القاص البارع أسمه (يطاقش عينيك)…اثمة قصة…حكاية…أعرف أنه (حكواتي معتبر…وقاص بارع)…دلفت الى القصيدة….أرجعتني الى الى عوالم الخيال والخصب والصور الشعرية فائقة الجمال والروعة…أعدت للقمر بهاؤه…وللنهر صولجانه…وللبلد وامدرمانها هيبتها….,اسكنت سكينك الدامية في قلوب العاشقين…والمكتوين بالتغريبة الطويلة…في بلاد( النفط والرمال)…ومن حقهم علينا أن نقول (الطيبة وتحملهم وجودنا الممتد بلا أفق… ولا منطق!!!)
    …مهما تعرت أم درمان…أو استترت عند الواثق…أو مهدي…أو غيرهما…هي رائعة في الحالين ونحن (كدا)…نحبها كدا…فهى صقانا ومروانا….وهي مجرانا ومرعانا وملعب صبانا….ومرقد صناديدنا…(قوي الله ساعدك في الشعر وأطلق لك ناصية القوافي….يا ولد لتغرد حيث شئت…نشهد لك)
    ولى عودة للصور الشعرية المنسرحة فيي هذه القصيدة الممراحة و الباكية في آن…إن شاء الله

  6. الساعة الآن 2و43 دقيقة….القاص البارع أسمه (يطاقش عينيك)…اثمة قصة…حكاية…أعرف أنه (حكواتي معتبر…وقاص بارع)…دلفت الى القصيدة….أرجعتني الى الى عوالم الخيال والخصب والصور الشعرية فائقة الجمال والروعة…أعدت للقمر بهاؤه…وللنهر صولجانه…وللبلد وامدرمانها هيبتها….,اسكنت سكينك الدامية في قلوب العاشقين…والمكتوين بالتغريبة الطويلة…في بلاد( النفط والرمال)…ومن حقهم علينا أن نقول (الطيبة وتحملهم وجودنا الممتد بلا أفق… ولا منطق!!!)
    …مهما تعرت أم درمان…أو استترت عند الواثق…أو مهدي…أو غيرهما…هي رائعة في الحالين ونحن (كدا)…نحبها كدا…فهى صقانا ومروانا….وهي مجرانا ومرعانا وملعب صبانا….ومرقد صناديدنا…(قوي الله ساعدك في الشعر وأطلق لك ناصية القوافي….يا ولد لتغرد حيث شئت…نشهد لك)
    ولى عودة للصور الشعرية المنسرحة فيي هذه القصيدة الممراحة و الباكية في آن…إن شاء الله

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..