مقالات وآراء سياسية

فشلت العقلية لا الديمقراطية يا ضياء الدين بلال ..

مجاهد بشير

أعلن الصحافي والكاتب البارز ضياء الدين بلال، أن الديمقراطية في تونس فشلت لأنها عجزت عن مخاطبة احتياجات المجتمع وتلبية متطلباته الحياتية والاقتصادية والخدمية.
وقال ضياء أن الديمقراطية الليبرالية غير قادرة على النمو والازدهار بصورة طبيعية في مجتمعات الفقر والعوز.
ومن الواضح هنا أن الرجل يشير إلى تونس، لكنه يلمح ضمنا إلى السودان كذلك، على اعتبار أن التجربة الانسانية تتشابه وإن لم تتطابق.
وسبق ضياء الدين إلى التنبؤ بفشل الديمقراطية في السودان، الكاتب والسياسي المسيحي الفلسطيني الإسرائيلي والحليف السابق للإسلام السياسي عزمي بشارة، في مقال عقب سقوط البشير.
كثيرون، من المنطقة والعالم، طرحوا منذ عقود طويلة أسئلة حول الديمقراطية ومدى صلاحيتها لحل مشكلات الدول والمجتمعات في العالم الثالث.
لكن المشكلة التي يطرحها ضياء وعزمي معروضة بالمقلوب.
السؤال الجوهري في تقديرنا، هل منطقة الثقافتين الأفريقية والعربية والإسلامية قادرة ابتداء على النمو والازدهار مثل مناطق أخرى في عالمنا المعاصر، بالديمقراطية الليبرالية أو بغيرها من النماذج؟.
في المنطقة العربية والأفريقية، والسودان تحديدا، لم تفشل الديمقراطية وحدها في تحقيق النهضة والازدهار وتوفير الاحتياجات الأساسية والاستقرار، بل فشلت الشمولية والأنظمة الاستبدادية كذلك، ومختلف الأيدلوجيات القومية والشيوعية والإخوانية.
من الملاحظ أن النماذج الملكية في المنطقة تعمل بشكل أفضل نسبيا لناحية الاستقرار والكفاءة والقابلية للبقاء والتطور مقارنة بالنماذج العسكرية والشمولية أو الديمقراطية الشكلية التي لا تتوفر عناصر نجاحها.
إن نجاح الأمم ظاهرة مركبة، ولا يمكن أن يعزى بشكل مباشر للديمقراطية أو الشمولية، فالصين أذهلت العالم بنجاحاتها وقفزاتها الحضارية غير المسبوقة وجودة الحكم في ظل نظام يصفه البعض بالشمولي، بينما اليابان تفوقت بتبني النموذج الديمقراطي الليبرالي.
الفشل في السودان والمنطقة ليس مرده عدم تطبيق الديمقراطية الليبرالية أو العكس، فهذه جدلية ثنائية تبسيطية مضللة وغير فعالة في تحليل الواقع، أساس هذا الفشل هو ثقافة وعقلية هذه المجتمعات، التي تخصصت في إنتاج الفشل الحضاري سواء في ظل الديمقراطية أو الشمولية أو حتى المحاولات التجريبية ذات المسميات الطريفة مثل الجماهيرية الشعبية الخضراء العظمى للراحل القذافي.
المجتمعات ذات الثقافة والعقلية الفاشلة غير قادرة في ظل الديمقراطية أو الشمولية على تطبيق المعايير الأساسية لجودة الحكم والإدارة، وتبني القيم الفردية والجماعية الضرورية للنجاح، سواء قادها جنرال أو خبير أممي.
نخب المجتمعات والثقافات الفاشلة، متخبطة داخل كهوف وزنازين عقلية بدائية قاصرة، تمتلك قدرة مدهشة على إفراغ أي شعار ديمقراطي أو شمولي من مضمونه وأهدافه المجتمعية العليا، وعجز عجيب عن تطبيق الأفكار والمشروعات عبر برامج أو خطط واقعية علمية محكمة، فينتهي الحال بالشعارات الرنانة إلى فراغ عريض تحتله المشاريع والنزوات الشخصية.
الحل لمشكلة التأخر الحضاري وغياب التنمية والاحتياجات الأساسية، إصلاح هذه الثقافة الفاشلة والعقلية البدائية عبر مختلف الأدوات التعليمية والتثقيفية، ويستحسن أن يكون ذلك في ظل سلطة ذات نزعة مركزية ومتسقة في القيادة واتخاذ القرار، أو انتظار عجلة التاريخ العمياء أن تدور دورتها، على مدار قرون، فتتحقق احتمالات أخرى من تجليات الظاهرة البشرية العشوائية المعقدة.

‫4 تعليقات

  1. الديمقراطية كأيدلوجيا لكى تسوس الناس لم وتحكمهم .. !!
    أو عبرها يصل قطاع من المواطنين لكى يسوسوا الناس ويحكمونهم بآلياتها المعروفة والمتفق عليها وأن ينفذوا تلك الآيدلوجيا لم تفشل ولن تفشل…!! ثم أيضا العقل ( السوى ..!! ) الخالٍ من الأمراض النفسية والمجتمعية والمحب للخير لنفسه وبالقدر لغيره لم يفشل ولن يفشل حتى ولو وصل لإدارة الدولة من دون آليات الديمقراطية ..!!
    مشكلة البعض يريد أن ينفث كل عقده إن كانت أخلاقية أو مجتمعية أو أسرية كلما وجد مسرحا مهيئا ولو عن طريق آيدلوجيا مضادة للديمقراطية حتى ولو كان هو نفسه لايؤمن بتلك الآيدلوجيا فقط هى تحقق له أغراضه إن كانت وظيفية أو مادية أو حتى لو صار أحد أقطاب المجتمع بعد حرمان طويل .. !! وطالما أن تلك السلطة الغاشمة وهى تذل الناس وتقهرهم وتخرس أى صوت أو إشارة تجاه ماصار إليه وقطعا مثل هؤلاء يتمسك بتلك السلطة الغاشمة ويفديها ويدافع عنها كما هو الحاصل الآن من بقايا وفضلات نظام الكيزان البائد .. !!

  2. وقال ضياء أن الديمقراطية الليبرالية غير قادرة على النمو والازدهار بصورة طبيعية في مجتمعات الفقر والعوز. كضبا كاضب لانه عندما تم تطبيق الديمقراطية في فرنسا وبريطانيا كان وضعهم اسوأ من وضع الصومال كانت الامراض تفتك بهم بسبب الجوع والجهل وهذا يعني لا العوز ولا الجهل عايق امام الديمقراطية وانما العائق الوحيد امام الديمقراطية هو عدم الايمان بها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..