
ما من شئ أفسد التعليم على فساده وبؤسه في هذا السودان مثلما أفسدته هذه الجامعة غريبة الاطوار التي أسموها جامعة السودان المفتوحة، وهي جامعة نبتت فجأة كما ينمو فطر (ود الواطه) عشوائياً في أماكن المياه الراكدة.
بلا أي مقدمات نشأت جامعة السودان المفتوحة وفتحت عشرات الفروع في كل ولايات ومدن وقرى السودان وصار كل من هب ودب يدرس فيها وصار كل من هب ودب يعمل بالتدريس فيها خصوصاً في القرى والحال حيث أسموها زورا وبهتانا المناطق التعليمية. وصار من يملك نصف شهادة يجلس على مقاعدها طالباً جامعياً وهي أصلاً جامعة بلا مناهج بل مناهج محشوة بالمقتطفات التي وضعها أساتذة من كبار الكيزان كلفتهم الحكومة بتجميع مناهج من هنا وهناك واقتطاع أجزاء من مقررات جامعات اخرى وتضمينها في مؤلفات وكتب بديباجات تحمل عنوان الجامعة المفتوحة.
صار الجميع يدرس في هذه الجامعة الاخطبوطية بفروعها التي تناسلت مثل الأميبيا الانشطارية في كل قرية وفي الاطراف تسأل الواحد من أنصاف المتعلمين فيقول إنه يدرس في جامعة السودان المفتوحة فرع سقط لقط والادهي انه يتخرج بشهادة بكلاريوس ثم يقدم شهادته لجامعات حكومية نظامية ليحضر للدراسات العليا بل وللدكتوراه وتلك كارثة تتجاهلها وزارة انتصار صغيرون التي عجزت عن حسم تفلتات التعليم العالي وعجزت عن قصقصة أشواك الصبار التي زرعها ابراهيم احمد عمر في وزارة التعليم العالي وهو أول من دق إسفين بل خازوق في التعليم العالي بكل تراكميته وسمعته الرائدة خارجياً، صار تعليمنا العالي نهباً للجهلاء بمثل هذه الجامعة الغريبة التي ليس فيها من الجامعة إلا إسمها.
أدار هذه الجامعة في الكثير من القرى والمدن الطرفية بل وفي مدن منتصف البلد مثل مدني مثلاً كبار الكيزان ففي مدني حكم هذه الجامعة عبد الرحمن عامر وهو اسلامي متزمت وزرع في الجامعة عدد كبير من الجهلاء الموالين للنظام وقد كان عبدالرحمن عامر استاذ ثانوي يقود عجلة ثم صار سكرتير للوالي يمتطي سيارة صغيرة ثم قفز ليصبح استاذ جامعة في جامعة الجزيرة بتوصية الولاء الكيزاني ثم صار مؤسس لهذه الهلامية جامعة السودان المفتوحة.
منحت الجامعة للأسف الآلاف من الجهلاء والرانكرات شهادات بكلاريوس بلا جهد وضعوها في ملفات التوظيف في الخدمة المدنية وهي خدمة متهالكة ضيعتها مثل هذه الممارسات السياسية والمجاملات.
جامعة السودان المفتوحة لم يعرف عنها غير انها معقل للكيزان ولم يعرف عنها صرامة اكاديمية، وضربت أسوا نموذج في التعليم المفتوح وهي دراسة بالانتساب لكنها تمنح شهادات عليا بل للأسف ماجستير ودكتوراه في فترات قصيرة دون الالتزام بالقيد الزمني الجاد كما تفعل الجامعات المحترمة هذا غن بقي التعليم العالي محترماً في السودان.
وللعلم السودان المفتوحة تمنح كل من ينتسب إليها درجات الدكتوراه في وقت وجيز لا يتجاوز سنة ونصف وسنتين وبأقل شروط اكاديمية ، ويجب إيقاف الدراسات العليا في الجامعة المفتوحة وإلغاء الشهادات التي أصدرتها لأنها تظل شهادات بلا فائدة منحها من لا يملك ولا يفقه لمن لا يستحق.
الجامعة المفتوحة من تركات الكيزان المثقلة بالفساد ويجب مراجعتها كلها وكيف منحوا الدرجات لمنسوبيهم بأقل وأضعف الشروط يدب مراجعة هذه الجامعة وتصفيتها فهي محسوبة سلباً على نظامنا التعليمي الذي أفسده النظام المندحر.
حاتم حجاج
[email protected]