مقالات وآراء

أين مجلس الادارة؟

حديث المدينة .. عثمان ميرغني
استجابة للضجة الكبرى حول التبرعات التي طلبتها الشركة السودانية للموارد المعدنية من الشركات العاملة في مجال التنقيب؛ استدعى الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء الانتقالي مدير عام الشركة الاستاذ مبارك اردول لاستفساره عن الوقائع.. هنا يطفر سؤال مهم أين مجلس الادارة؟
معلوم ان قانون الشركات الذي يقترب عمره الان من قرن كامل، (صدر 1925) يلزم كل الشركات المسجلة بتشكيل مجلس الادارة بمهام محددة ينص عليها القانون ويكون المدير العام مسؤولا أمام مجلس الادارة..
المدير العام في أي شركة مهما صغرت أو كبرت مسؤول أمام مجلس الادارة، فهو السلطة الحاكمة التي تحرس مصالح المساهمين ..
وفي قضية الشركة السودانية للموارد المعدنية يجب ان يتجه السؤال عن أسباب غياب مجلس الادارة رغم ان هذه الشركة التي تأسست سنة 2014 وبعد تسجيلها عين لها مجلس ادارة ، فأين ذهب؟
هذه الثغرة الخطيرة لا تقتصر على الشركة السودانية للموارد المعدنية وحدها ، فهناك الاف الشركات الحكومية ينطبق عليها الحال ذاته، أين مجلس الادارة؟ وبعضها الوضع أكثر غموضا عندما يتولى الوزير المختص رئاسة مجلس الادارة رغم أن الحكمة من وجود مجلس من نور..
في العهد البائد اتذكر أنني كتبت هنا منتقدا وزير الزراعة الذى نصب نفسه رئيسا لمجلس ادارة مشروع الجزيرة بحجة تسريع القرار وتقصير الظل الاداري.. والواقع انه بذلك هدم وهزم أسس المؤسسية وجعل المشروع مجرد ادارة تحت كنف وزارة الزراعة..
من أهم أولويات بناء دولة السودان الحديثة بناء مؤسسات حقيقية لا صورية كما كانت في العهد البائد.. وأول خطوة في بناء المؤسسات وتعزيز المؤسسية هي ضمان سلامة الهياكل والتراتبية الوظيفية في المؤسسة..
في مرة سابقة اعترضت هنا على قرار رئيس الوزراء باقالة مدير المناهج د. عمر القراى وقلت أنها سلطة واختصاص وزير التربية والتعليم ،وتجاوزه يهدم المؤسسية في الدولة السودانية..
ربما الآن هناك الاف الشركات الحكومية ترتكب فيها أخطاء ادارية قاصمة لكن الحظ السعيد لم يلفت اليها نظر أحد، فلا ضمان لسلامة أموال الشعب السوداني الا بتوفر المؤسسية التي تفرضها الحوكمة وضبط الاداء المالي والاداري..
بناء المؤسسات والمؤسسية هو الخطوة الأولى في بناء دولة السودان الحديثة..
التيار

تعليق واحد

  1. لكن يا سيد عثمان ميرغني هناك فرق بين الوحدات الحكومية (كيانات ادارية) والشركات العامة (مؤسسات تجارية)! لذا اعتراضك على قرار رئيس الوزراء باقالة مدير المناهج د. عمر القراى (وقولك إنها) سلطة واختصاص وزير التربية والتعليم ،وتجاوزه يهدم المؤسسية في الدولة السودانية لم يكن اعتراضاً صحيحاً، لأن الحوكمة هنا تتمثل في التراتبية الادارية أي من الأعلى إلى الأدنى فرئيس الوزراء يمكنه إقالة الوزير ومن باب أولى المدراء التابعين للوزير ولا إخلال بالمؤسسية هنا. رئيس الوزراء يملك سلطة هيكلة أي وزارة بداراتها وأقسامها ويستطيع اعفاء (وليس فصل أو عزل من الخدمة) أي مدير أو رئيس قسم في أي وزارة والمؤسسات التابعة لها من منصبه.
    أما الشركات العامة فليست ملكاً خالصاً للحكومة بل هناك أطراف تجارية أو أجنبية مساهمة فيها وكان لابد من اشراكهم في الإدارة حماية ورعاية لمصالحهم في الشركة وف قانون الشركات الذي يجعل قمة الادارة فيها لمجالس الادارة التي يتم التعيين لها من الجمعية العمومية التي تشمل ممثلي الحكومة والشركاء الآخرين بنسبة أسهمهم ومن ثم عدد أصواتهم المعبرة عن أسهمهم في رأس المال. هذا بشأن الادارة والتعيينات والاعفاء من المناصب الادارية في الشركة. فالجمعية العامة تختار مجالس الادارة وفق الأسهم التي يمثلونها ويفوض مجلس الادارة أحد أعضائه عضواً منتدباً يمثل مجلس الادارة ويقوم مقامه أو يعين المدير العام ومدراء الفروع. وبحسب حجم مساهمة الحكومة فقد يكون ممثلها رئيساً لمجلس الادارة أو عضواً منتدباً مفوضاً بسلطة مجلس الادارة في عزل وتعيين المدير العام ومديري الفروع. أما بخصوص حل الشركة ومجلس ادارتها فيكون من داخل الجمعية العمومية للشريك الذي يملك النصاب المنصوص عليه مع المصوتين معه.
    عليه فهناك حالات قد ترى فيها أن الحكومة عبر الوزير المختص قد عزلت المدير العام لشركة كنانة مثلاً، فهنا لابد وأن ممثل الحكومة إما أن يكون رئيس مجلس الادارة أو العضو المنتدب أو نسبة الحكومة تخولها حل الشركة في أي جمعية عمومية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..