القيادي بالحزب الشيوعي، صالح محمود : لقاؤنا برئيس الوزراء لا يعني بتاتاً العودة للتحالف الحاكم
المدنيون والعسكريون يعملون بتنسيق ويتبادلون الأدوار

* لجنة أديب تلعب على عامل الزمن
حوار – شمائل النور
كان لقاء الحزب الشيوعي برئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك مفاجئاً شيئاً ما للوسط السياسي لجهة أن الحزب خرج مغاضباً من الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية وأصبح يناصب الحكومة العداء، بل وأكبر من ينادي بإسقاطها من القوى السياسية والأحزاب في الساحة السياسية. وقد دافع القيادي بالحزب الشيوعي؛ صالح محمود في هذا الحوار مع “اليوم التالي” حول لقاء قيادات الحزب برئيس الوزراء، وأوضح صالح – خلال المقابلة – عن مواقف حزبه وتحالفاته السابقة، قائلاً “على قدر اجتهادنا في أن نصلح من الداخل مع حلفائنا، كانت مصالح حلفائنا أكبر من أي التزام تجاه مطالب الجماهير، وأقوى حتى من الوثائق التي وقعنا عليها سوياً، لذلك بات من المستحيل استمرارنا في هذا الوضع”.
مواقف الحزب هُزمت بالتصويت:
ويعتقد محمود أن حلفاءه في “الحرية والتغيير” انحازوا بشكل واضح لسياسات المكون العسكري، ومطالب المحاور معتبراً أن هذا سبباً رئيسياً في خروج الحزب من التحالف واعتذاره عن تلك الفترة لجماهير الشعب، رغم أن الشيوعي كان لاعباً رئيساً في كل التحالفات التي انتهت إلى تشكيل حكومة انتقالية، ويضيف عضو اللجنة المركزية ” رفضنا الوثيقة منذ البداية ولا زلنا نرفضها، رفضناها أكثر حينما تم تضمين اتفاق جوبا الذي أدى في نهاية الأمر إلى تغيير جوهري في الوثيقة، وهذا خلل في المبادئ الدستورية”. طرحنا عليه سؤالاً: كيف لحزب ذي تاريخ طويل وتنظيم قوي أن يُهزم أمام أحزاب حديثة التكوين وأجسام وليدة، يشرح صالح محمود: “طبعا حينما تصبح القرارات بالتصويت، الآخرون عددهم أكبر منا، فعلياً مواقفنا كانت تُهزم بالتصويت، وطبعاً ميكانيكياً، طبيعي جداً أن نُهزم بالتصويت، لذلك قررنا احترام مسؤوليتنا التاريخية”.
ومواقف الحزب التي يشير إليها صالح محمود يأتي التدخل الخارجي على رأسها، والسياسات الاقتصادية، وفي رأي الحزب أن التدخل الخارجي يظهر جلياً في إحجام الحكومة الانتقالية عن الحديث عن قضية حلايب، إذ لا تزال القضية عالقة وفقاً لحديث صالح محمود وهو ما يعده انتهاكاً للسيادة الوطنية، باغتناه خلال المقابلة؛ بحجة أن الحكومة الآن تسترد في أراضي الفشقة مثلاً، لكن في اعتقاد الحزب الشيوعي أن قضية استرداد الفشقة نفسها ليست مبدئية إنما تأتي في إطار الصراع حول سد النهضة.
حلفاء الإمارات موجودون في الحكومة بشقيها:
أما التدخل “الإماراتي”: يقول صالح محمود بلا تردد: “حلفاء الإمارات موجودون في الحكومة بشقيها، العسكري والمدني” إلا أنها في المكون العسكري واضحة بشكل أكبر ويستدل محمود بوجود قوات سودانية في مناطق تخوض فيها الإمارات حروباً، ويوضح محمود أن التدخل الإماراتي بدأ مع تفجر الثورة ولا يزال، ويؤكد حديثه بالإشارة إلى طلب مستعجل كان بالإمكان أن يتم في اجتماعات لجنة حقوق الإنسان بجنيف عقب مجزرة القيادة العامة مباشرة، إذ تقدم طلب بجلسة استثنائية عاجلة بشأن السودان للتحقيق في مجزرة القيادة، تصدت لهذا الطلب دول لا يجمعها إلا العداء وكانت (مصر، قطر، السعودية، الإمارات، إثيوبيا واريتريا) وفقاً لمحمود.
ما يحدث هو استمرار لسياسة المحاور القديمة لكن بشكل أوضح:
سألته “اليوم التالي” ما الذي تريده الإمارات من السودان، يقول محمود إن للإمارات أهدافاً اقتصادية كبيرة؛ تتمثل في الأراضي الزراعية والمعادن، وبالمقابل طرحنا عليه سؤالاً، ما مكاسب الحكومة الانتقالية من هذا التدخل، في اعتقاد محمود أن المصالح لا علاقة لها بالشعب، إنما هي مصالح فردية وشخصية، ويرى القيادي الشيوعي أن ما يحدث هو استمرار لسياسة المحاور القديمة؛ لكن بشكل أوضح، ويقول إن الحزب لن يقف منفرداً للتصدي للتدخل الخارجي، وابتداء يحاول الحزب تنوير الرأي العام وفضح التدخل الخارجي وتوضيح مخاطره.
إذا استمرت سياسات الحكومة ليس أمامنا إلا إسقاطها :
لا ينفي صالح أن هناك محاولات لإعادة الحزب الشيوعي لمنصة الحرية والتغيير، ظل الحزب يرفضها على الدوام، وقرر أن لا يكون جزءاً منها بحسب حديثه، وحول هدف الحزب من هذه المواقف يقول “أولاً على الحكومة أن تدرك أنها مكلفة وليست منتخبة، وإذا استمرت الحكومة بسياساتها هذه ليس أمامنا إلا إسقاطها”.
الشيوعي لا يرى فرقا بين المكون العسكري والمدني:
سألته “اليوم التالي”: أين تكمن الأزمة في معادلة الحكم الحالية، هل في الحاضنة السياسية، أم رئيس الوزراء. بالنسبة لصالح فإن السبب في هذا الوضع المعقد؛ طبيعة الشراكة نفسها والوثائق التي تحكم علاقات الحكم، والحزب الشيوعي لا يرى فرقاً بين المكون العسكري والمدني، وبحسب تعبيره فإن الطرفين “يتبادلان الأدوار ويعملان بتنسيق”.
كان الشعبي حليفنا، ولكن اليوم تغيرت المواقف:
وعن إمكانية نشوء تحالف بين الحزب وتيار من الإسلاميين لكونهما يلتقيان في عدد من القضايا، يقول القيادي الشيوعي صالح محمود: صحيح في وقت مضى كان الشعبي حليفنا في قوى الإجماع الوطني، لكن الظرف الحالي لا يسمح أي تحالف نظراً لأن الشعبي ظل مع البشير حتى يوم السقوط، إضافة إلى أن للحزب الشيوعي شروطه في الدخول في أي تحالفات.
تعقيدات دارفور والشرق ناتجة عن سياسة مسارات سلام جوبا:
وعن السؤال حول رأي الحزب في تجدد الاقتتال القبلي في دارفور والشرق، رد صالح مملوءاً بالزهو “طبعا الحزب تنبأ بهذا الواقع” وهو واقع ناتج عن سياسة المسارات التي انتهجها اتفاق جوبا، ويضيف محمود أن رأي الحزب واضح منذ البداية في اتفاق جوبا؛ لأنه اتفاق منقوص ولن يساهم في عملية السلام، ولتأكيد وجهة نظر الحزب يقول صالح “الآن الاقتتال في دارفور بين الأطراف الموقعة في اتفاق جوبا” وبالنسبة للتحدي أمام حاكم الإقليم الجديد؛ مني أركو مناوي فهو بحاجة ملحة لإجماع قوي للتصدي للمواجهات القبلية المتصاعدة في الإقليم وفقاً لصالح.
خمسة تحديات أمام الحكومة الانتقالية، أبرزها السياسات الاقتصادية.
وفي قضية العدالة، يرى الحزب الشيوعي أن توقيع الحكومة على ميثاق روما خطوة إيجابية لكن الضحايا ينتظرون خطوات عملية، ويضيف؛ أنه لا خيار أمام الحكومة إلا تسليم المطلوبين للمحكم الجنائية الدولية، وعلى رأسهم الرئيس المخلوع، لكنه يعود بالقول؛ إن طبيعة الشراكة أدت لتعثر العدالة وانعدام الحماس رغم خطورة الجرائم المرتكبة وفي مقدمتها مجزرة فض الاعتصام، ورغم أن هناك بلاغات حدث فيها تقدم واضح مثل بلاغ معلم خشم القربة؛ أحمد الخير لكن المنتظر أكبر من ذلك.
لجنة أديب تلعب على عامل الزمن ويرجح انتهاء مهمتها برفع توصيات فقط:
ويشير صالح إلى التعثر المصاحب للجان التحقيق وبشكل خاص يذكر لجنة التحقيق في فض الاعتصام التي يرأسها المحامي؛ نبيل أديب وفي رأي القيادي الشيوعي أن لجنة أديب تلعب على عامل الزمن ويرجح في نهاية الأمر انتهاء مهمتها برفع توصيات فقط، وينبه صالح – وهو محامٍ – إلى أنه من الضروري أن تدرك الحكومة أن مجزرة القيادة ترتقي لجرائم ضد الإنسانية وأن أي تلكؤ في التحقيق يعطي مبرراً كافياً للتدويل، ويضيف صالح “من المهم جداً الإشارة إلى شكاوى نبيل أديب من إمساك الدولة عن تقديم أي مساعدات للجنة” وهذا يعني أن الدولة لا تملك إرادةً لتحقيق العدالة، حسب حديث صالح. ويعدد الحزب الشيوعي تحديات الحكومة الانتقالية في: السياسيات الاقتصادية، التدخل الخارجي، الجيوش المتعددة وقضية العدالة والفساد.
اليوم التالي