مقالات سياسية

لنخرج من ماضينا الاليم استفيدوا من تجارب الآخرين

محمد حسن شوربجي

تقاس ذاكرة الشعوب بمدى استفادتها القصوي من تجاربها وتجارب الآخرين.
ولكن لابد ان تستخلص الشعوب العبر من تلك التجارب  لاصلاح مسيرتها.
وتحويل محنها الصعبة  إلى حياة وأمل.
في السودان مررنا بتجربة الكيزان  المؤلمة  والتي امتدت لثلاثون سنة.
عزل فيها الشعب السوداني عن الحرية فكان اشبه بالقطيع وهو يسير امام رعاة متمكنون وقد سيطروا علي كل موارد البلاد شركات ومؤسسات  قسموها فيما بينهم.
وكان اقسي ما في الامر تلك المؤسسة السجنية الكبيرة و المسماة ببيوت الاشباح والتي تركت آثارا سلبية عميقة  في نفوس كل الشعب السوداني.
فلقد ظلت هذه المؤسسة المجرمة مصدر رهبة للمواطنين.
وقد ظلت آثارها باقية حتي يومنا هذا.
والمحزن حقا ان اهل النظام البائد  وحتي الآن لا يشعرون بالخجل من تلك الافاعيل الشيطانية التي اغضبت الرب .
وليتهم فعلوا كما فعلت  المانيا التي تعذبت كثيرا بسبب  ذاكرتها  النازية.
فلقد انشغلت المانيا ببناء حياة متطورة راقية لدرجة انها لم تسمح ابدا لمواطنيها بالغوص في الماضي البشع والتاريخ الاليم.
فسرعان ما شرعت في تحسين سجونها الحالية بموجب  قاعدتين أساسيتين:
الأولى معاملة جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن معاملة إنسانية تحترم فيها كرامة الشخص الإنسانية.
والقاعدة الثانية:
بتمتيع السجناء والمحتجزين بالحقوق المتعارف عليها في المواثيق الدولية،
فكان ان ضمنوا أول بند في الدستور الألماني بأن تكون كل حقوق السجناء مكفولة.
وان يوفروا داخل كل سجن مستشفى مجهز بأحدث الأجهزة الطبية.
ثم حققوا كل التوازن المطلوب للسجين.
فتشابهت حياته داخل السجن بحياته العامة خارج الأسوار،
وتم تزويد السجناء بألواح إلكترونية تم تدعيمها حتى لا يمكن اختراقها من أطراف أخرى.
وزرعت كل معسكرات الاعتقال وتحولت الي حدائق جميلة
وهكذا نسي الشعب الالماني كل مآسي النازية بل ونسبها لجهلاء قومهم.
وهكذا حولوا كل الرعب القديم الي ابداع.
فهل سنفعل نحن ما فعلوه ونخرج من كل مآسي عهد الانقاذ المظلم.
وما كان من بيوت اشباح وتنكيل وقتل.
نعم سنفعل ذلك وسنخرج وفقط علينا محاربة كل عقول الجاهلة والصنمية والتي ظلت  تصفق لها هذه الايام لطالبان الارهابية.
وان كان امر  لن يتوقف عند  التجربة الالمانية وحدها.
بل لابد من الاستفادة من كل تجارب الشعوب الاخري.
فقد نستفيد من قوة عزيمة الشعب الياباني الذي عاش مآساة  قنابل  هيروشيما ونجازاكي.
و نستفيد من التجربة الكورية في الثورة الزراعية وتبرع النسوة بالذهب.
و من التجربة الهندية وغاندي والصناعة الهندية .
ونستفيد من تجربة بورندي والصومال واثيوبيا.

تعليق واحد

  1. نحبى مثل هذه الكتابات الراقية و التى تعطى لهذا الشعب الطيب الامل فى ان يعيش ويتقدم ويترك خلفه كل احباطات الماضى البغيض

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..