مقالات سياسية

(قايلني هندي) صارت (قايلني سوداني)

أسامة ضي النعيم

جزي الله الامة الهندية كل خير، من خلال صناعة السينما تعرفنا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي علي مجتمعهم ، لكن بعض أفلامهم ركزت فقط علي صورة الهندي الساذج ، هو ما انطبع في أذهاننا وسرنا بالمقال ( قايلني هندي) عند الشعور بأن الطرف الاخر يحاول خداعك ، في الواقع المعاش تجد أمة الهند شعبا حدوده الثريا في التطلع ، في زمن وجيز غزو وادي السيلكون في أمريكا وصاروا يتقدمون علي اليهود ويتقاضي بعضهم من الاجور الاعلي في العالم ، معظم خبراء العالم في مجال البرمجيات وصناعة  المصفوفات وتوظيف أجهزة الحواسيب هم من أصول هندية. وللعلم معظم العمالة التي حفرت أنفاق ( الاندرقرواند ) الانجليزي هم أيضا من شبه القارة الهندية. 

مناسبة المقاربة جاءت عند التأمل في موقف السودان من سد النهضة الاثيوبي ،  في البداية كان السودان علي مسافة سواء بين أثيوبيا ومصر ومصالح السودان هي الاعلي عند وفد المفاوضات السوداني ، ثم ظهرت التهديدات المصرية بالحرب وتمنطق السودان بأحذية ناسفة تمثلت في مناورات عسكرية تتقدمها أسلحة مصرية في أرض السودان  ، تستعرض قوتها التدميرية في الوصول  الي بنية سد النهضة ومحوه من الوجود كما في نسخة حماة النيل الشهيرة ، تبدل الحال والمقال المصري فانعطفت معها الرؤية السودانية الي مجلس الامن و كانت النتيجة اعادة القضية الي الدرجة الاولي حيث  بدأ نقاش الموضوع في الاتحاد الافريقي.

( قايلني سوداني ) هو لسان الحال المصري بعد هذه التباديل والتوافيق ، تنططننا الي روسيا وقبل أن تنتهي زيارة وزيرة الخارجية الي موسكو حتي كان بوتين وحكومته يوقعون الاتفاقات مع أثيوبيا ويرسلون الاشارة الي ضرورة حل مفاوضات سد النهضة عن طريق التفاوض كدرب وحيد تسلكه المفاوضات تحت مظلة الاتحاد الافريقي ، ثم قبل أن يطوي الاتراك البساط الاحمر عقب زيارة معالي رئيس مجلس السيادة السيد/ عبد الفتاح البرهان حتي كانت الاتفاقات بين أردوغان وأبي أحمد تناصر وتدعم موقف أثيوبيا في بناء سد النهضة ، بل ربما كانت اتفاقات الاستثمار الزراعي التركية في السودان هي لصالح توفير الغذاء للشعب الاثيوبي. 

تتحدث ( الميديا ) المصرية عن فيضانات وصلت بركة وخير وحتي تحمل تماسيح الي هبة النيل ، لقد حمي الله مصر من النقصان في تدفقات المياه بعد ملء سد النهضة هو ما تسير به أيضا اسافيرهم ، تذهب كلها في طريق أن لا حرب مع أثيوبيا بشأن سد النهضة وغدا ملعب المناورات الحربية في السودان هو الملام لإشهاره  التهديد بالعتاد الحربي في وجه الجارة أثيوبيا وهي من بين الاهم في حوض النيل ، تسربلنا بدروع الحرب المصرية لمقاتلة ومجالدة أثيوبيا الا أن الله وفر فيضانات ومياه تكفي مصر ويسكت عن أم الدنيا الغضب وها هي تبحث بلسان التعاون المشترك لاستغلال مياه  الانهار بين دول حوض النيل.

تأتي الاجاويد من تركيا للتوسط بين السودان وأثيوبيا لحل الخلاف في مفاوضات سد النهضة ، ترتفع هامة دولة الامارات العربية عاليا في نخوة عربية  تحسبها أصيلة ، تعرض حلها للمشكل  بين السودان وأثيوبيا والعربون هو أراضي الفشقة تصبح منفعة خالصة لدولة الامارات ، نزداد حرارة السوق فتتدخل أيضا قطر الاخ اللدود لدولة الامارات وتعرض أيضا مساندتها لأثيوبيا ، ولو تابع السودان النهج الهندي لما احتاج الي تلك الصقور الجوارح  تطير عاليا للانطلاق نحو السودان الفريسة ، من خلال التجربة مع عينة من أمة الهند تتعجب لتواضع مقدراتهم الذهنية مقارنة مع الشعب السوداني ، لكنهم يتفوقون بالمثابرة ولا يرضون بالفشل نتيجة نهائية ، ( يأخي أنا زهجت ) علامة تنبئ أن مطلقها سوداني ولا تجدها عند صديقي ( جيروم ) خبير الكمبيوتر الذي يتميز بصبر هندي يحمله الي مواصلة العمل في المنزل لحل مشكلة وربما اتصل علي خارج ساعات الدوام يزف خبر وصوله الي حل  للمعضلة حتي دون مساعدة خبراء شركة أوراكل الامريكية ، المثابرة والاصرارعلي النجاح بضاعة هندية صيرتهم أمة عظيمة .

كشفت مفاوضات سد النهضة قصر حبل الصبروضيق الافق  الذي وسم  الموقف السوداني  وحوله الي مجال للتندر بين عواصم العالم ، هاهي مصر ترتاح الي موقف تدفق المياه وتمد أرجلها طلبا للمفاوضات ومشروعات مشتركة مع جميع دول حوض النيل، تذهب مصر الي تحلية مياه البحر كمصدراضافي لتدفق المياه ومشروعات عملاقة مع دولتي الكونغو وجنوب السودان ، يقف العقل السوداني عند الية تشغيل سد النهضة والحصول عليها لا يمثل عقبة ليتحول الموقف الي مواجهات بين الجارين أثيوبيا والسودان. تقديم مشروعات مشتركة لتوفير الغذاء للشعوب الاثيوبية وطلب الكهرباء الاثيوبية وتنظيم تجارة الحدود تخرج العلاقات السودانية الاثيوبية الي مرونة في التعاون للوصول الي درجة النجاح كمبتغي نهائي كما هو عند أمة الهند لمحو المقال النمطي ( قايلني سوداني) الذي حتما يعبر عن انسداد الافق وتقاصر الرؤي والأحلام .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. مخلصكم  أسامة
[email protected]

تعليق واحد

  1. شوف انتو قلوبكم مع المصريين لأنها شمالكم والحبشة قلوبهم معاكم لأنكم شمالهم. ما علينا نرجع للأمريكان الدرس يمكنك الحصول على أكثر بابتسامة مع بندقية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..