مقالات الرياضة

الغربال سرحوه

تأمُلات
كمال الهِدَي

. أجد نفسي على اتفاق تام مع بعض الأهلة الذين لا يرون السودان مكاناً ملائماً للاعب مثل محمد عبد الرحمن.

. نعشق الهلال نعم ونحس بمتعة كبيرة كلما رأينا الغربال يسجل واحداً من أهدافه الجميلة في شباك المنافسين ليضمن لناديه التفوق وزيادة غلة الأهداف، لكننا في ذات الوقت نخاف عليه من دفن موهبته في بلد يعاني في كل شيء.

. فالكرة تُمارس عندنا بلا أي منظومة.

. ولولا حب الجمهور الكبير لهذه اللعبة لربما صارت نسياً منسيا منذ سنوات خلت.

. فليس هناك كرة قدم تُدار بمثل هذه العشوائية والتخبط والفوضى والعشق غير الواعي مثلما يحدث عندنا.

. اللاعب السوداني نفسه لا يجد ما يحفزه على الاجتهاد والعمل على نفسه، خاصة بعد أن يدخل كشف أحد الغريمين.

. فالوصول للهلال أو المريخ هو غاية أغلب لاعبينا ليكتفي الواحد منهم بعد ذلك بما تكتبه عنه الصحف ويطرب لهتافات الجماهير وترديد اسمه في المجالس.

. هذا هو الوضع للأسف الشديد حتى مع ترديدنا الدائم لعبارة ” نحن في عصر الاحتراف”.

. وسبق أن قلت أن مثل هذه العبارات تتردد فقط عندما يتحول لاعب من الهلال للمريخ أو العكس ويريد معجبوه أن يدافعوا عنه في وجه الانتقادات أو عندما يدفع أحد رؤساء الغفلة في الناديين الكبيرين رغماً فلكياً للاعب لا يجيد تمرير الكرة بشكل صحيح.

. وفيما عدا ذلك من الصعب جداً أن تشعر بأن لاعبنا صار محترفاً حقيقياً يتعامل مع مهنته كما يفعل رصفاؤه في أنحاء أخرى من العالم.

. قد نجد لهؤلاء اللاعبين بعض العذر باعتبار أن الجو العام والبيئة المحيطة لا يحفزان على الاجتهاد والابداع.

. وقد رأينا نماذج لمحترفين أجانب كثر تحولوا لهواة بمجرد أن وطات أقدامهم أرض بلدنا.

. وحين يظهر وسط كل هذه الظروف غير المواتية نجم بقدرات واستعداد الغربال ورغبته الجادة في تطوير نفسه والتعامل مع الكرة بمثل هذه الاحترافية العالية يفترض أن نشجعه ونعينه على أن يشق طريقه خارج حدود الوطن.

. محمد عبد الرحمن يتمتع بحس تهديفي عالٍ وقد عمل على صقل موهبته وتطوير نفسه بدنياً وفنياً وذهنياً وسلوكياً.

. صحيح أنه خاض تجربة احتراف خارجي قصيرة لا أعرف ظروفها وما جرى خلالها.

. لكن الشيء الأكيد أنها أفادته كثيراً.

. والشيء المؤكد الآخر هو أن العرض الذي قدمه له الهلال كان كبيراً.

. وبما أنه ابن هذا النادي فقد وافق على العودة لدياره.

. لكن في رأيي أن استمراره في الهلال بمثل هذه المستويات الراقية سيهدر وقته وعمره.

. ولهذا أتمنى وأناشد الأخ أبو بكر مصطفى وبقية وكلاء اللاعبين أن يجتهدوا في تسويق هذا النجم القادر على احتراف خارجي محترم.

. لا أعرف من هو وكيل الغربال، لكن رأيي أن الفتى ثروة قومية في هذا المجال إن سعى الكل في اتجاه فتح منافذ خارجية لها فسوف تشمل الفائدة الجميع أندية ولاعبين ووكلاء لاعبين.

. أما الاستمرار في اللعب المحلي فستكون خسائره أكثر من منافعه لنجم مثله.

. ولكي تتأكدوا من أن بلدنا يدفن المواهب ولا يعينها على التطور خذوا نجم المريخ التش كمثال.

. فهذا الفتى موهوب موهوب، لكنني كتبت قبل سنوات عديدة أن موهبته تحتاج لعمل جاد يبدأ بنظام غذائي محدد وتقوية بنيته الجسدية.

. وبعد كل هذه السنوات ما زلت أرى التش بنفس نواقصه.

. وبالرغم من ذلك هناك من المتعصبين الواهمين من يقول أن فترة الغربال في المريخ هي التي أفادته.

. ولهؤلاء أقول لِمَ لا يستفيد التش بكل هذه المهارة من فترته في المريخ إذاً!

. لما تقدم أقول أن بيئتنا غير مشجعة اطلاقاً.

. فلا الهلال ولا المريخ أفادا الغربال.

. هذا اللاعب حالة خاصة عزم على تطوير نفسه وقد ساعده في ذلك الاحتراف الخارجي.

. وهناك لاعبون غيره احترفوا خارجياً دون أن نرى أي نقلة تذكر في مستوياتهم (شيبوب نموذجاً).

. لهذا أعينوا الغربال في مواصلة مسيرته خارجياً قبل فوات الأوان وسوف تجني كرة القدم السودانية من ذلك فوائدة عديدة.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..