يوم في مدينة الطالبات!

كان نهاراً طويلاً من أيام يوليو الرمضانية وكانت الشمس حارقةً كلسعة التوابل الحارة، قررنا وزميلاتي أن يكون إفطارنا بمدينة الطالبات حتى نشارك رفيقاتنا الساكنات فى حرمه، وقد أعددنا العُدة لهذا اليوم مُسبقاً حتى يخرج فى أبهى حلة ولم نفلت أى من تفاصيل الإفطار الرمضاني من مأكولات ومشروبات ومُحليات.

خرجنا من أسوار الجامعة تماماً عند ذروة حرقة الشمس كانت الساعة حينها تشير إلى الثانية ظهراً وكل مِنا عطشى لرشفة من ماء تروي ظمأ ذلك اليوم الطويل، وقصدنا موقف الإستاد لنستقل حافلة جماعية حتى تقلنا الى مقر المدينة الجامعية التي لا تبعد كثيراً عن أسوار الجامعة وفى الطريق كان الصمت بطلاً لمجموعتنا فقد إستحوذ العطش على أصواتنا وإستنفذ جل طاقتنا ولم يعد لدينا الكثير منها لتسعفنا فى أحاديث أو حوارات.

وصلنا إلى مقر المدينة الجامعية وكانت إجراءات الدخول مُشددة حيث قاموا بتسجيل أسمائنا وكلياتنا وتحفظوا على بطاقاتنا الجامعية فى الإستقبال بينما دلفت رفيقاتنا الساكنات مباشرةً دون قيد أو شرط ….. كانت المدينة الجامعية ذات مبانٍ ضخمة ومرافق متعددة حتى إننى أًصبت بدوار ولم أعد أعي مما حولي شيئاً ويبدو أن لقساوة ذلك اليوم أثراً فى تغييب إحساسي بالمكان ودخولى فى حالة توهان أشفقت على نفسي منها ولكننى تحايلت عليها إذ تبعت صاحبات الدار الى حيث أعددن العدة لضيافتنا فى إحدى الغرف ولعلهن إخترن أفضلها وأكثرها راحة فمن المعروف أن طالبات القُري ذوات كرم وحفاوة منقطعة النظير.

مرّت الساعات المتبقية ثقيله كئيبة وكأنها دهرُ لم نكن نقوى عندها على شئ سوى تلاوة ورد من القرآن ثم الإعداد للحظة الإفطار التى خُيل إلينا أنها تأخرت عمداً عن موعدها المحدد، وضعنا كل تركيزنا فى التجهيز للإفطار فى ساحة المدينة الجامعية …. ظللتُ أراقب المنظر البهيج من أعلى شرفة الغرفة التى إستضافتنا و لعل روعته أفلحت فى أن تُنسيني إرهاق هذا اليوم فقد كانت الأطباق والصواني مصفوفة بشكل منتظم يكاد عددها يفوق المئات وكانت الطالبات كحورياتٍ بحرية تجول حول السجادات يضعن الأكواب والأواني إستعداداً للحظة الآذان.

صدح الآذان مُعلناً لحظة طال إنتظارنا لها فإنساب الماءً مابين الشفاه الجافه وإبتلت عروقنا، كان المنظر مٌهيباً يفيضُ روعةص وجلال فمئات الفتيات يجلسن فى دنوٍ من الأطباق يتناولن إفطارهن ويرتشفن من الأكواب الموضوعة بنظام أمامهن وكل واحدةِ منهن تتلو دعواتٍ هامسات فى حياء شديد … لم تستمر طقوس الإفطار طويلاً فسرعان ما اصطففن لآداء صلاة المغرب فى خشوعٍ تام بدأت بعده حشود الفتيات فى التفرق وتكوين مجموعاتٍ صغيرة للسمر واللهو المُباح، ذرفت حينها أجمل الساعات فى رفقة فتيات حبيبات الى القلب لا زلن يتصدرن مقاعدهم فى ذاكرتى المُعبأة بالكثير من المواقف والأحداث والأشخاص ولكن لتلك الأمسية كساحة عصية جداً على مخالب النسيان.

كعادة الوقت مع اللحظات الجميلة فإنه يمرُ سريعاً خاطفاً إيانا منها، فقد حان موعد المغادرة وكان لابد من الخروج من المدينة الجامعية حتى نعود أدراجنا لمنازلنا- إذ أن قوانين المُدن الجامعية تنص على ميعاد معين يحظر بعده خروج الطالبات الى الشارع- ولكننا ومع أنس السمر وجمال الحديث تقاعسنا وتكاسلنا حتى مرت ساعة أخرى ونحن لا نزال رهيني المدينة الجامعية …. إستفقنا بعدها وقررنا الخروج حتى لا يتأخر الوقت أكثر إذ أن الساعة قاربت الثامنة والنصف وقانون المدينة الجامعية يحظر خروج الساكنات بعد السابعه بينما يسمح بدخولهن حتى التاسعة مساءً.

عند بوابة الخروج حدث ما لم يكن فى الحُسبان إذ أن حرس المدينة الجامعية قاموا بمنعنا من الخروج بدعوى أن الوقت المسموع للخروج قد إنقضى منذ أكثر من ساعة ولا يسمح لأى طالبه بالخروج، عندها فقط باءت كل محاولاتنا بالفشل ولم ندخر جُهداً بإقناع الحرس بأن القانون الذى يحظر الخروج هو خاص بالساكنات وليس الزائرات فى تحليل بديهي ومنطقى يؤكد أن خروج الطالبة بعد الثامنة مساءً لا يمكنها بالطبع من العودة قبل الساعة التاسعة وهو آخر موعد للدخول، فبأى حق يطبق علينا!

مرّت اللحظات عصيبة قررنا بعدها أن نخرج دون أن نستعيد بطاقاتنا (التى بدونها يصعب الدخول الى الجامعة غداً) ولكن إقناع الحرس الجامعي أسهل بكثير من إقناع حرس المدينة الجامعية.

همسات- عبير زين

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الفطور كان بي شنو وهل الابري سكرو كويس ولا قليل والاخوات بعد الصلاه تاني قعدوا اكلوا ولا طوالي ونسه وهل شربتوا الشاي والجبنه ولا لا والتحليه كانت باسطه ولا بليله ولمن طلعتوا لقيتوا مواصلات ولا ركبتوا امجاد ولا جا بص الوالي وهل لمن وصلتوا صليتوا التراويح ولا حضرتوا السر قدوووووووور
    ولمن انت السكن الطلابي عاجبك كده ما تقعدي فيهوا ولا خايفه من لفه الراس ……….

    ده نموزج للكاتبات والتعليم في هذا الزمن الاغبر والجماجم الخاويه من الفكر والموضوع

  2. واضح جداً كتابة مرتجلة وسريعة ومن غير اي مراجعة ضغطت الاستاذة عبير ع زر الارسال مما يدل على ان الموضوع جاء مخاضه فجاءة ورغم ذلك جاء جميلا مكتملا وروعة في السرد والحكي ولو ما النص المشوي من الدجاج الضربناهـ قبل شوية في الغدا لسال لعابنا لهذا الافطار الرمضاني الجميل! لا يفوت على القارئ الفطن الصاد التي بعد روعة لم تكن الا تنوين حين تباطأ زر الشيفط كتباطوء وبيروقراطية وتعامل الحرس الجامعي مع الزوار ! حرس جامعي وحرس داخليات وحرس جمهوري وحارس مرمى وشدد حراسة عليّ ورئيس وزراء هولندا يدوام بسايكل وبدون حراسة وبارك الله في حُرّاس الفضيلة !

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..