مقالات وآراء

السُودان في بَسمَة النُوَّار

محمد حسن مصطفى

في وثائقي قناة العربية -مع التحية لها- بعنوانه الفخيم عن “الأسرار الكبرى” لجماعة الإخوان و حكم السودان شاهدنا و سمعنا و انتظرناها الكبرى!
فالوثائقي كان عبارة عن “تحصيل حاصل” و أي معلومة اعتبرت سرَّا فيه-حصريَّاً- يذاع لأوَّل مرة كانت لدى غالبية الشعب “قديمة”! لكن لإحقاق الحق ما أضافته تلك التسريبات هي مشاهد الفيديو من صوت و صورة.
المشاهد التي اعتبرها الإعلام شاهد “مك” على جرم الإخوان أيام حكمهم فبثها على العالم و عنونها بالكبرى فكيف إذا كان هناك الأهم منها مقاطع صورة و صوت شاهدة على جريمة فض الإعتصام و “ماطلت” في قبولها و فحصها ما يعرف “بلجنة أديب” و العسكر مازالوا و من قبلها!
و هنا سؤال اللجنة غير المحامي أديب فيها منو؟! عشان بس العلم؟! و ما “نشيل حس” الراجل براه.

نعود إلى أسرار العربية الكبرى فنجد أهم مشهد جَسَّدَه كلام علي عثمان طه و نفيه توقّع الخروج عليهم و إن حدث الخروج فتسليمه -عبر كلامه هو- بحكمة مشيئة الله و قضائه.
هنا كان لابد من وقفة قد تكون الزبدة و “البركة” لكل ذاك المجهود في الإعداد و كتابة “سيناريو” الحلقات.
فشخص علي عثمان لم يك في أي وقت مجرد إسم أو عضوية “ساكت” في تنظيم الحركة الإسلامية و الكل يعرف الرجل و ما نحن نشير إليه هو لماذا صرح علي بذاك و هو في عرشهم و بين جموعهم و حشودهم و كتائبهم و ظلِّهم و “رهطهم”؟! لماذا استطرد بعد الإستبعاد بقبول إرادة ربه إن حصل ما رفضه عقله و صحبه توقعه ألا و هو خروج الشعب عليهم؟!
و قد حدث.

هل تذكرون أيام “المُفاصَلة” الشهيرة بين كيزان السلطة و شيخهم “حسن” و هل “صَدَّق” البشير يومها و من معه بأنهم “غلبوا” شيخهم بإنقلابهم عليه و سحب كل السلطات من تحت يديه و زجِّه في سجونهم في إعادة “بس صادقة” لحركة لتذهب للقصر و أنا للسجن ؟!
لماذا لم تشتعل الفتنة كحرب بين الإخوان وقتها و لماذا سكت الترابي على حيرانه و أتباعه و طلابه و لم يقلب البلد عليهم بما فيها و يستلم الحكم هو و من معه و قد  كان بإمكانه؟!

حتى قصة مصرع “الزبير” و  “شمس الدين” و مقتل “قرنق” مازالت تُحكى عنها الحكايا و الروايا؟!
و مصير من “غيَّبهم قسراً” و قتلهم سرَّاً نظام البشير و جرائم أبشع و أخطر و أوضع و قضايا و أسرار و “كميَّة” من الحقائق الضائعة و المُضيَّعة و المسجَّلة بفعل المجهول و المغلقة في محاكم السودان ثم تأتينا -مُتبرَّعة- لنا
قناة العربية بفعل شابه حال أفعال حكومة الفترة الإنتقالية عندنا في طرح “تسطيحي” لقصة السودان و أسرار ٣٠ سنة من ظلام السلطة فيه مُضيَّعة المجهود و الوقت -وقتهم و وقتنا- في إشغالنا عن القضايا الأساسية و التسويق لقضايا من العدم و “التطبيل” لها و إلهاء الناس بها؟
نظام البشير سقط لكن الأسرار و أهم القضايا لم يُكشف عنها بعد و لم تتحق العدالة لا لشهداء الثورة -أولاً- فكيف بشهداء السودان طوال سنوات حكم الإخوان و الإنقاذ له!

نقلت الوسائط عن البشير “شكواه” أنه غير مُصرَّح له بالحديث الإعلامي! و كثيرون غيره من حملة الأسرار “الحقيقَّة” الفعليَّة مازالوا في سجون السلطة الإنتقاليَّة أو خارج البلد لا نعلم عنهم شيئاً إلا لحظة أن يمرضوا فينقلوا إلى المشافي أو يتوفو فنقرأ نعيهم؟!
و كأن مصلحة ما لأشخاص في هذه السلطة أو من خلفها أن يتم “التكتُّم” على الحقائق و الأسرار و التخلص من حملتها و تحميل إرادة الله و مشيئته السبب؟!
فالتذرَّع بمحاكمات رموز النظام السابق في قضايا تحت النظر لا يمنع و لم يكن يوماً مانعاً في إعطاء المتهم حقه في الكلام و إن دفاعاً عن نفسه -كذباً- فكيف إن كان المتهم يحمل في داخله مفاتيح لأسرار الدولة و الأنظمة فيها و نحن نحتاج أن نسمع منه مباشرة و له  من قبل أن نسمع عنه!
ثم من الذي أصدر أمر المنع؟!

في محاكمة “صدام حسين” و رموز نظامه و البث المباشر ثم المسجل بتأخير دقائق لوقائعها لم يستفد أي أحد في العراق و خارجه منها إلا “الفرجة” عليها و الشماتة ممَّن في نفوسهم مرض من الغبائن و التفشِّي و هم من حرصوا علي إقامة تلك المحاكمات المسرحيَّة و بثها  في الزعم “حق الشعب” أن يُشاهدوا العدل حين يقام على الظلمة؛ ثم في النهاية أعدموه و في أول عيد الأضحى؟
من قتلوا صدام هم أنفسهم من أرادو له أن يسكت و يبتلع أسراره معه بعد أن أشغلوا الشعب و العالم في محاكمة نظامه؟! و هم أنفسهم من أفسدوا في العراق بعده!
حتى القذافي دفع ساركوزي الفرنسي لحربه و إسكاته بقتله خوفاً من كشف أسراره معه؟!

و في السودان و عنه نحكي؛
فجريمة فض الإعتصام و عندما نتفكّر في طريقة تعامل كل من في مجالس السيادة و الحكومة الإنتقالية معها و “التباطؤ” عن إظهار نتائج تلك “الجنة” المكلفة بها ألا يحق لنا البحث عن أسرار ما فيها خاصة و الأدلة ماثلة صوت و صورة و الأخص أن قائد الدعم السريع حميدتي قام بالتحفّظ على ضباط برتب كبيرة يتبعون للجيش متعاونين و مكلفين في قوَّاته “مُتهِمَاً” إياهم بإعطاء الأوامر بالفض. و تم إخفاء أولئك العسكر قسراً و قهراً و السر معهم.
فكيف عرف حميدتي أن أولئك الضباط هم من أعطى الأوامر و لم يعرف البرهان و لا قادة قوَّات الشعب المسلّحة هذا إن كان تبقى فينا من “قادة”؟!
و ألا يعتبر تصرفه -قانونيَّاً-هذا إعتراف مباشر بحدوث الفض و إشتراك قواته في لأوامر من قيادة تحت إمرته؟!
فأين لجنة التحقيق أو أديب أو وزير العدل او النائب العام أو الجيش أو حتى لجنة التمكين -ما هي الطالعة في الكفر- من هذا!!

ثم ماذا عن “ولد البشير” الفريق عثمان طه و أسرار النظام و الدولة التي معه؟! خلاص نسيناه و نسانا “الزول” -سابقاً- دا؟ طيب إحنا عاوزين “أسرارنا” العندو يرجعلها لينا و السلام.

الأسرار في السودان هي حياة أو موت و من في السلطة دائماً من سيتحمَّلُون وزرها. و إشغال الناس في “مُهاترات” القيل و القال و مُكايدات الغبن و الغل و الأحقاد و الثارات و التسلط على العباد كله لا معنى له غير كشف حقيقة و دواخل و أمراض من يقومون به و يدعون إليه و النتيجة أن الحقيقة كالحق حتماً ستظهر و كما كانت نهاية الإخوان في أكثر من دولة نموذجاً و عبرة فلا تستغربوا إن بشرناكم كما و بشرناهم بأنَّ الإنقلاب قادم.
و على الباغي تدور الدوائر.
قال أسرار كبرى قال!

و قالوا الزمن دَوَّار.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..