
مدخل.
عندما يأمن الموظف من العقاب سيقع في الفساد ويسوم الفقراء سوء العذاب
“نجيب محفوظ”
بطبيعة الحال اغلب الناس على علم بحملات النظام العام التي يشنها عمدة مدينة جوبا كاليستو لادو وضباط بلديته داخل عاصمة البلاد جوبا منذ ان تم تعيينه في مارس مطلع العام الجاري ابتداء من حملة ازالة “البرندات” من امام المحلات التجارية (الدكاكين) والاكشاك، مرورا بحملة اغلاق اماكن الدجل والشعوذة داخل الاحياء ومحاكمة مرتاديها في المحاكم، ولا تنتهي بالمداهمات لبيوت الدعارة وغيرها في سبيل محاربة الممارسات السالبة.. كل هذه الاشياء وجدت اشادة كبيرة لدي البعض وتحفظ عليها البعض الآخر، وشخصيا كنت من المؤيدين لهذه الحملات .. ولكن بعد معايشتي ومتابعتي اللصيقة لهذه الحملات ليومين متتاليين، تمكنت من رصد بعض (التجاوزات المتعمدة) التي يقوم بها ضباط العمدة وينتهكون بها حقوق المواطن الذي تتم اهانته والإساءة إليه وتعريضه لعملية التخويف والوعيد بالويل والثبور وعظائم الامور ان لم يفعل كذا وكذا..وكلها مطالب تؤدي الي إنتزاع ماله بدون وجه حق، سنورد النماذج بالتفصيل.
“تضليل المواطن وارباكه”
يتعمد ضباط العمدة تضليل اصحاب المحلات المراد ازالتها، وكي يفعلوا ذلك يقسمون انفسهم الي اتيام متعددة المهام.. كل تيم عليه مهمة تضليلية محددة .. على سبيل المثال: في يوم الثلاثاء 21 سبتمبر الجاري اتي تيم من ضباط العمدة الي سوق كاستوم في حوالي الساعة الخامسة مساءا واخبروا اصحاب المحلات التجارية (الدكاكين والاكشاك) بانهم بصدد ازالة “البرندات” من امام محلاتهم، وطلبوا منهم ان يزيلوها بانفسهم بدلا من ان تقوم المحلية بذلك حتى يتفادوا الاضرار المحتملة التي قد تنتج عن الازالة القسرية!!. بطبيعة الحال وافق جميع تجار السوق على ذلك واستفسروا ضباط المحلية عن المهلة المتاحة لهم قبل تنفيذ عملية الازالة القسرية.. كان ردهم بان المواعيد سيتم الكشف عنها لاحقا ومضوا.
بعدهم بدقائق اتى تيم (البوهية الحمراء) وبدأوا يضعون علامات الصليب امام المحلات التجارية المراد ازالة برنداتها حسب ما افاد به التيم الاول.. ثم مضوا وأعقبهم مباشرة تيم الايصالات.. كل محل سواء كان (دكانا او كشكا) عليه ان يدفع غرامة البرندة التي يعتبرونها مخالفة.. وقدرها ” ما بين 50,000 و100,000 وقد دفع اغلب التجار هذه المبالغ على مضض.. ثم مضوا ايضا واتى بعدهم تيم (الاقفال) يسألون التاجر بابراز ايصال مخالفة البرندة لهم، وان لم يجدوه عنده يأمرونه باغلاق محله ثم يضعون عليه قفل تخصهم (الطبلة) ويطلبوا منه القدوم الي رئاسة البلدية في اليوم التالي لسداد قيمة الايصال مع غرامة اضافية والا… فلا يسمح له بفتح محله… مع الملاحظة هنا ان كل ما جرى في هذا السوق لم يتعدى ظرف الساعة الواحدة فقط ليس من بينها مواعيد مضروبة لتنفيذ عملية الازالة القسرية..
(الغدر غير المتوقع)
في يوم الاربعاء 22 سبمتبر الجاري شرع تجار السوق منذ الصباح الباكر في ازالة البرندات من تلقاء انفسهم من امام محلاتهم… غير انهم تفاجأوا بالعمدة شخصيا وفي رفقة مجموعة من جيشه وألياته الثقيلة وهو يقف وسط السوق.. ومباشرة بدأ عملية هدم (الاكشاك والكونتينات) هدما كليا.. عكس ما افاد به ضباطه في اليوم السابق والذين اوهموا الناس بان الازالة تقتصر فقط على البرندات.. وبطبيعة الحال الوقت لم يسعف اصحاب هذه المحلات من اخلاء محلاتهم، فالامر برمته تم في ظرف اقل من “24” ساعة منذ ان حضرت اتيام البلدية الي السوق..
تعرض التجار الي خسائر فادحة مع الملاحظة ان بعض المحلات التي وضعت البلدية الاقفال عليها مساء يوم أمس لازالت مغلقة واصحابها ذهبوا منذ الصباح الي رئاسة البلدية لغرض سداد فاتورة غرامة البرندة.. ووراءهم هنا في السوق اعقبتهم البلدية وشرعت في الهدم الكلي لمحلاتهم بجميع محتوياتهم التي بالداخل … سادت حالة من الهرج والمرج في السوق.. وقد عاد اصحاب هذه المحلات علي عجل وحطموا اقفال البلدية من ابواب محلاتهم وبينما يسارعون في انقاذ ما يمكن انقاذه من ممتلكاتهم قبل الهدم وقف لهم ضباط البلدية بالمرصاد وطالبوهم مجددا بدفع الغرامة المالية.
شخصيا طرحت على ضابط المحلية المشرف علي عمليات الازالة ببعض الاسئلة وفي يدي ايصالات الغرامات التي الزموا التجار بدفعها يوم أمس القريب … لم اجد منه ردا واضحا غير انه أمر احد جنوده باقتيادي الي الحبس وفتح البلاغ ضدي لقيامي بإعتراض الموظف العام اثناء اداء واجبه.. ولحسن الحظ الجندي الذي اوكل اليه أمر اقتيادي كان انسانا.. نعم تماطل في تنفيذ اوامر الضابط.. ثم رفض صراحة… ساطلعكم على ما دار بيني وبين الضابط.
يتبع
سايمون عليك الله اكتب كلامك دا غادي غادي مننا