
فالثورة إنما جاءت لإزالة الظلم عن كاهل الشعب واسترداد المظالم وإقامة دولة العدل والحرية والكرامة الإنسانية وسيادة حكم الدستور والقانون بعيداً عن اي أدلجة للصراع الا ان قوي الثورة المضادة تحاول جاهدة بكافة الوسائل والسبل ان تنسبها لجهة ما لتوقف المد الثوري وتحدث انشراخ في قواه الحية لتنفذ من خلاله وتعود للواجهة من جديد في ثوب ثوري قشيب
وهنا يتوجب علي الثورة أن تقودها نخب واعية تدير دفة الصراع باحترافية حتي لا يخرج عن الإطار الوطني القومي المدرك لتعقيدات الواقع وطموحات المغامرين اعداء الحرية والسلام وأن تكون لجان ثورية على الأرض ملتصقة بالجماهير لتدير الحراك الثوري وتصارع حيل الاستبداد وازرعه وتسيطر علي ميدان المعركة جماهيريا فهذا الامر له اثر كبير في انتصار الثورة ووصولها لمحطات العبور وتجاوزها بسلام .
ففي كل المجتمعات الإنسانية تمر عملية الاستقلال و التغيير بمخاض عسير فهي انتاج لميلاد فجر جديد لدولة جديدة تحمل رؤى وافكار مغايرة لما كان سائدا فيها وبعث لقيم وأخلاق تنجلي بها الظلمة وتتحرك منظومات المجتمع من بعد سُبات الي العمل والمطالبة بالحقوق علي اسس مهنية او جهوية او حتي عنصرية وتنفتح شهية الانفصاليين والانقلابيين و تظهر الأيدلوجيا كمحرك فعال لقوي الثورة والثورة المضادة فتصبح من عقبات التغيير الجذري فيجب الانتباه والحذر لانها تفسر الأحداث والوقائع من منظورها الفكري لما يجري امامها ومالاته فتقع الفرقة وينشا الصراع بين مكونات قوي الثورة فاذا لم يدرك الثوار خطورة ذلك ويعملوا سويا للوصول لغاياتهم من التغيير في إرساء دعائم الحرية والعدل وتغليب لغة الحوار والتفاهم للمحافظة علي وحدة الصف الثوري وتألقه وتماسكه وقوة دفعه فان أطراف الصراع داخل منظومة قوي الثورة ستلجأ الي الاستعانة بمكونات سياسية ومجتمعية اخري لتناصرها وهنا يختلط الحابل بالنابل وتنشط بقايا النظام القديم الاجرامية وتدخل حلبة الصراع وهي اكثر حنقا واصرارا علي تصفية الثورة وإيقاف قطارها كما يحدث اليوم في بلادنا وخير شاهد علي ذلك لقاء قاعة الصداقة الاخير والذي تم ترتيبه من قبل بعض من قوي الثورة التي كانت تناضل معنا جنبا إلى جنب وقدمت تضحيات غالية الا انها شعرت بالاقصاء تحت ذرائع ان غيرها من قوي الثورة مكن نفسه فلكي تتصدي لها وتوقفها عند حدها او تصرعها تنادت واجتمعت وتحالفت مع بقايا النظام القديم الاجرامية وخرجت لتعلن وجودها وانها صانعت الثورة التي سرقت وتريد استردادها لان انحرافا عنها قد وقع وتغولا عليها قد حدث واذا لم تتصدى له وتصححه فإن تضحيات المناضلين ودماء الشهداء ستضيع هدر ..!
هذا التباين في وجهات النظر طبيعي لكنه اذا اتكأ على البعد الايدولوجيا مضر ويذهب بالصراع في غير وجهته ويصرفه عن هدفه وعن مسار الثورة لكن المناضلين الشرفاء الثوار الحقيقيون صناع الثورة وحماتها يظل ايمانهم العميق باهمية وحدة الصف الثوري حائلا فلا ينجرون نحو الصراعات العدمية الغير منتجة كما انهم يدركون ان الحرية في الفكر والاعتقاد وتبني الأفكار حق اصيل لهم ولغيرهم وان العدل بين الجماهير من مطلوبات الاستقرار للمجتمعات والشعوب ولا بد من مشاق وكيد ماكر لكنهم ينتبهون للمؤامرات التي تقوم بتوصيف نشاطهم انه يتبع لجهة ما لتحويل مسار الثورة التي تتجه صوب الحرية والكرامة وحقوق الشعب كله دون تمييز باي شكل من الاشكال
ولئن كانت الثورة من اضخم عوامل التغيير.
فلابد إذن من دور فاعل للمناضلين الشرفاء في إبقاء شعلة الوعي للشعوب متقدة وازكائها لتقود ركبها ليعبر بها لبر الأمان ولشاطئ الحرية والديمقراطية لتبني دولتها في ظل السلم والحرية والدستور والقانون منتصرة علي كل حيل الطغيان وكيده الضعيف ومستفيدة من إرثها النضالي وموروثها الثقافي في قبول الاخر والتغلب علي كل التحديات والصعاب لتسود ثقافة السلام في المجتمع وتنتصر إرادة الشعب السوداني في بلوغ غايات التغيير الجذري وتحقيق كل اهداف ثورة ديسمبر المجيدة
الغرفة المشتركة للحراك الثوري