مقالات وآراء

تعسر الفتق على الراتق

الباقر علي محمد الحسن
بعثة يونيتامس برئاسة فولدر بيترس ،  تدفع بمقترح لرئيس مجلس الوزراء  د.عبدالله حمدوك بتشكيل حكومة كفاءات ، بعيدا عن المحاصصات الحزبية الضيقة التي توسم بها الحكومة الحالية والتي وصفتها كثير من المنابر الحزبية المشاركة وغير المشاركة في تأسيس (قحت) بأنها حكومة مختطفة ، حسب ما ورد من تسريبات في هذا الصدد ، سيحافظ شركاء السلام على مقاعدهم الوزارية وكذلك المنصورة مريم الصادق ، بحيث يكون  70 % من الحقائب الوزارية من كفاءات غير حزبية (تكنوقراط)، إن صحت هذه التسريبات ، ووصلت الى غاياتها ، سترضي قطاع كبير من القطاعات الحزبية غير المشاركة وذلك على الأقل بصفة مؤقتة (إلا أن هذا التسريب تم نفيه بواسطة رئيس البعثة الأممية) ، رئيس مجلس السيادة قد نادى بحل الحكومة وتكوين المجلس التشريعي وإنشاء المحكمة الدستورية وترشيح رئيس للقضاء غير منتمي حزبيا ، أما نائب رئيس مجلس السيادة والذي أيضا لم يخرج من دائرة المطالبة بحل الحكومة وتوسيع قاعدة المشاركة فيها ، إن تم حل الحكومة وتم تشكيلها من الكفاءات ، ستلقى قبولا من المجلس المركزي لقبائل الشرق بزعامة الناظر محمد الأمين ترك ، وهذا الرضاء سيخفف من الأزمة في الأقاليم الشرقية والتي لم تراوح مكانها بالرغم من الوساطات المحلية والتهديدات الغربية ، (الولايات المتحدة الإمريكية والترويكا) .
أما العقدتان في الأزمة السياسية ، الأولى ، في مجلس السيادة والتي تتمثل في عدم التجانس بين المكونين العسكري والمدني ورفض الجانب العسكري الجلوس الى الجانب المدني بتشكيلته الحالية ذلك بسبب التشكيك والتراشق المتبادل بين الطرفين في اللقاءات الجماهيرية وعلى المنابر الإعلامية ، والذي شكل فتقا في المكون السيادي ، يبقى السؤال ، هل حل الحكومة سيؤدي الى إستقرار منظومة الحكم ؟ وهل تنجح بعض الوساطات في جبر الخواطر  لتكملة مسيرة الإنتقال ؟ أم سيتجه كل طرف لتجييش الشارع لدعم موقفه ورؤيته دون النظر الى المستقبل والأزمات الاقتصادية والأمنية التي إستنزفت كل طاقات الشعب السوداني ؟ اذا تم حل الحكومة ، وتمت توسعة قاعدة المشاركة بالرجوع الى منصة تأسيس قحت ، هل سيكون المجلس المركزي لقحت جسما رقيبا على أداء الحكومة ، جنبا الى جنب الى مجلس الشركاء الذي تم تكوينه بعد التوقيع على وثيقة جوبا ؟ أم سيكون مجلسا تشريفيا بلا صلاحيات ليضيف عبئا آخر على الدولة المنهكة إقتصاديا ؟ .
أما الأمر الثاني : وثيقة إتفاق جوبا ، هل يتواثق الجميع على إحداث بعض التعديلات عليها حتى تتمكن الأقاليم من التعديل على مساراتها وتوسيع قاعدة المشاركة في التعديلات المزمع تعديلها وإدخالها على  بنود الوثيقة ، وحذف ما ظن أنه  دون طموحات تلك الأقاليم . يتركز الحديث في معظم وسائل الإعلام والوسائط الإجتماعية ، على تعديلات في الوثيقتين إلا أن هذه المسألة لم تكن في الحقيقة هي أسباب الخلاف بين المجموعات السياسية في الفضاء السوداني ، لكن هناك صراع مبادئ وايديولوجيات بين تلك المكونات ، مثالا لا للحصر ،  الحزب الشيوعي السوداني ، يرى أن المكون العسكري على زمام الأمور في البلاد بتوجه يميني ، أدى إلى محادثات مع الطرف الإسرائيلي بغرض التطبيع ودليله إرسال وفد سري في الأيام الفائتة دون علم وزارة الخارجية بغرض المضي قدما في عملية التطبيع .
أما البعثيون والقوميون العرب والجمهوريون وهم يتسنمون السلطة التنفيذية الآن ، يرفضون المساس بكتلة الحكومة ، لإن خروجهم يمثل خسارة كبيرة لإحزاب لا تحظى بقواعد جماهيرية ، فهم في كل الأحوال ضد الميثاق الوطني الذي إعد في قاعة الصداقة السبت الماضي في الأول من إكتوبر الجاري والذي نادى بالرجوع لمنصة التأسيس .
حزب الأمة خرج من اللجنة المركزية لقحت ولكن يشارك في الحكومة ، ويكسب ود كل المتصارعين في الساحة السياسية ، ويلعب دور الوسيط في حل بعض الأزمات كأزمة الشرق ، ووجوده في الحكومة يمكنه من التسويق لبرامجه المستقبلية وبالذات في الانتخابات القادمة إذا قدر ذلك ، وعلى صعيد آخر يعود الحزب الإتحادي الموحد الى دائرة الضوء ويعلن العودة الى الحرية والتغيير ، جاء ذلك في تصريح لأمين عام الحزب ، وهو حزب عريق وذو قاعدة جماهيرية عريضة مثله مثل حزب الأمة ،  فالسؤال هنا ، هل الحزب الإتحادي الموحد حدد مواقفه ، في التطبيع مع إسرائيل ، توسيع قاعدة المشاركة في السلطة ، تعديل إتفاق جوبا ، وكيفية المواءمة مع كل المتناقضات في الساحة السياسية ؟ .
بالرغم من كل هذه الاختلافات والتباينات في الرؤى إن يجتمع هؤلاء السياسيون بهدف إنقاذ السودان من ويلات التفتت والإنقسام والتشرذم في ظل إطماع دولية وإقليمية ، هل يرعوي سياسيونا من مآلات  وخيمة لا تبقي ولا تذر  بالسودان  في حال تعنت كل طرف والتمترس خلف المطالب والمطامع ، سنعض الأصابع حسرة ونقول (تعسر الفتق على الراتق) .

‫2 تعليقات

  1. الضحية المواطن المطحون الذي يستجير من الرمضاء بالنار ولكن للصبر حدود متي ما استفحلت غريزة حب البقاء للانسان فهذا بمثابة موج جارف لا يترك امامه شي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..