أهم الأخبار والمقالات

الشرف العسكري هو حماية الوطن والدفاع عن ترابه وحدوده وليس التنمر على القوى الديمقراطية والصراع حول السلطة في الخرطوم ونقض العهود

د. حيدر إبراهيم علي

يستعرض العسكر هذه الأيام مسلسلاً سخيفاً من الردح والهجوم على المدنيين مهملين دورهم الوطني في الدفاع عن الوطن، فهم يتفرجون على قرصنة صريحة يقوم بها أحد نظار القبائل ويحتل جزءاً استراتيجياً من البلاد. ويصرخ حميدتي بكل جرأة في وسائل الإعلام بأن البلد انتهت! صدقت انتهت لأنك في الخرطوم تناوش في قوى الحرية والتغيير ولجنة إزالة التمكين ولم تحرك استفزازات وتحديات الناظر شعرة من شرفك العسكري.

شرع بعض العسكر في خلق العدو إذادعى بعضهم الإساءة للقوات المسلحة دون تقديم أي دليل ولا يهم الدليل فهم يريدون الوصول إلى أن الجيش يتعرض للإساءة، لذلك فهم يهاجمون المدنيين ويبادلونهم الإساءة. وهكذا دأب العسكر على البحث عن التبريرات لموقفهم العدائي الجاني.

في الماضي كانت علاقة المدنيين والعسكريين طيبة وودوة بوجود عسكريين راقين ومحترمين كان بينهم الشعراء والفنانون والرياضيون والظرفاء، ولكن الوضع تغير وساهمت فترة حكم الإسلامويين في ظهور فصيلة جديدة من العسكر، تفتقد كثيراً من الطباع السودانية الأصيلة ولا تحترم الآخرين، لذلك فالمشكلة الآن ليست سياسية فقط بل أخلاقية وسلوكية.

الوصول إلى هذه الأوضاع التعيسة ليست مسؤولية العسكر فقط بل ساعد المكون المدني بمواقفه المائعة وتردده وسطحيته في تشجيع العسكر على التنمر ومن يهن يسهل الهوان عليه، المدنيون ليست لديهم رؤية واضحة بقيادة المرحلة ولا لإدارة الدولة، فبعد توهان طويل عجزت خلاله “النخبة” المدنية عن رفد المرحلة الانتقالية بأفكار جديدة أو برامج مبتكرة بسبب نقص الخيال، تفتقت عبقرية المكون المدني ومنظريه عن شعار خاو ورجعي يقول: “بالعودة إلى منصة التأسيس” فهم لم يسمعوا قول الفيلسوف اليوناني قبل قرون “إنك لا تنزل النهر الواحد مرتين!” وهذا شعار لا تاريخي (ahistorical) وكأن الزمن ثابت لا يتحرك وأنهم سيجدون المنصة المسكينة كما هي عندما اندلعت الثورة. القصة القديمة انتهى دورها وهذه هي نتائجها الراهنة. فلماذا نجرب المجرب؟ والثورة في حقيقتها دائماً مستقبلية وليست ماضوية رجعية تبحث عن الحلول في ماضيها، بل تؤسس مستقبلاً جديداً لهذا استحقت اسم الثورة وهي لا تعود إلى الخلف أبداً.

لذلك الأزمة ليست صراع عسكريين ومدنيين بل أزمة نخبة فقيرة فكرياً ووطنياً كررت الفشل والإخفاق منذ الاستقلال 1956 ولم نتعلم شيئاً، فهي نخبة واحدة ذات جناحين عسكري ومدني. وفي الختام على الجيش أن يدرك مهمته ووظيفته جيداً ألا يقف متفرجاً أو شامتاً وهو يرى القرصنة البحرية تمارس يومياً دون ان يتحرك شرفه العسكري لحماية الوطن وفرض هيبة الدولة، وفي نفس الوقت يقرر التمسك بالملف الأمني باعتباره حكراً على العسكر، بينما كل التفلت الأمني ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع في يد الجنرالات.

أقارن بين الجيش المصري والسوداني – الجيش المصري مشغول ببناء الكباري وتنظيم المدن بينما الفريق حميدتي يرفع عصاته علينا كل صباح ليعطينا دروساً في محو الأمية السياسية ويقسم السلطة على هواه مقللاً من قيمة المدنيين. أما الجناح المدني للنخبة فهو مطالب بإطلاق حملة فكرية وثقافية بين الشباب ومساعدتهم على تنظيم أنفسهم استعداداً للانتخابات العامة والخروج من حالة العفوية إلى حالة التعليم والتدريب، على كيفية إنشاء كياناتهم السياسية المنظمة والفعالة والقادرة على خوض الانتخابات وإفشال مؤامرات القوى الظلامية التي تحشد نفسها منذ الآن، وتحرك أموالها الفاسدة لشراء الذمم وتطلق سموم إعلامها المأجور.

حل الأزمة في وحدة قوى الثورة وفي مواجهة عنف العسكر بسياسات تخص الحاجات الأساسية لهذا الشعب الصبور والمتفائل.

الديمقراطي

‫6 تعليقات

  1. شكرا يا دكتور كلامك لامس الحقيقة تماماً. تهاون احزاب الشتات وبضعفهم استمد العسكر قوتهم.

  2. هذا صراع علي السلطة في السودان بين حفنة من العسكر و المدنيين و مصطلح عسكريين و مدنيين مصطلح خيالي لا وجود له في الواقع و هدف منه سرقة السلطة من الشعب كما سرق الكيزان الدين من السودانيين و كما سرق مدعيين الثورة الثورة من الشعب السوداني.

  3. ده كلام حالم مع الاعتذار لك يا دكتور العسكر هم اعداء الأحزاب المدنية الكلام ده ما جديد الخطا كان من الأول بوضع يدك في يدهم والتحالف معهم مافي زول بيربي ليهو حية جوه سرواله (لا مؤاخذة) العسكر حية رقطاء طالما ارتضيت تكون وصولي طامع في سلطة مجتزئة من الاول ووضعت يدك في يدهم وتحالفت معهم فلتتحمل مخططاتهم الشيطانية كان ترفض من الاول وتقيف الف أحمر يا مدنية خااالصة يا بلاش الآن سبق السيف العزل لانهم انقضوا على حكم المدنيين والتهموه وانتم (كنخب مدنية) لا زلتم في احلامكم ومنتظرين العسكر يخلوكم تحكموا ويجودوا عليكم بفتات السلطة وهذا مالن يحدث

    1. أسالوا ابراهيم الشيخ والدقير وناس الهبوط الناعم الذين تفاوضوا مع العسكر من وراء ظهر زملاءهم ووثفاهموا معهم علي قسمة الكيكة واقصاء الاخرين المجربين.

  4. كتب الدكتور حيدر إبراهيم قائلا:
    “يستعرض العسكر هذه الأيام مسلسلاً سخيفاً من الردح والهجوم على المدنيين مهملين دورهم الوطني في الدفاع عن الوطن، فهم يتفرجون على قرصنة صريحة يقوم بها أحد نظار القبائل ويحتل جزءاً استراتيجياً من البلاد. ويصرخ حميدتي بكل جرأة في وسائل الإعلام بأن البلد انتهت! صدقت انتهت لأنك في الخرطوم تناوش في قوى الحرية والتغيير ولجنة إزالة التمكين ولم تحرك استفزازات وتحديات الناظر شعرة من شرفك العسكري.”

    و نلاحظ هنا أن الدكتور حيدر يعترف لحميتي بحمل الشرف العسكري و يعيب عليه عدم الإستجابة لإستفزازات و تحديات الناظر التي لم تحرك شعرة من شرفه العسكري. و إستجابة حميتي للإستفزازات و التحديات بإستخدام البطش العسكري تعد مدعاة لإسترجاع حميتي لشرفه العسكري.

    قضية الشرق عادلة و يمكن حلها بإلغاء مسار الشرق تماما و ليس بإستدعاء آلة الحرب و خاصة إن كانت تلك الآلة هي إستخدام الجنجويد يد الظلم الباطشة. السماح بإستخدام القوة في شرق السودان يعني فيما يعني إمكانية إستخدامها مستقبلا ضد المسيرات و التظاهرات السلمية و يكون ذلك مدخلا لتبرير إستخدمها السابق في فض الإعتصام.
    إذا كان أحد متعلمي السودان لا يمانع في إنزال صفة الشرف العسكري على قاطع طريق إن هو إستخدم آلة البطش التي يحملها في وجه معارضة مدنية – نختلف نحن معها كذلك – فعلى السودان السلام.

    المقال يعبر عن أزمة المتعلم السوداني الذي سرعان ما ينكشف أمام الأزمات و ينسى واجبه الوطني الذي يحتم عليه أن يكون “ركازة” قومه و حاديهم عند الشدائد لا أن يترك مكانه و يسير مع الموجة ليدخل في جملة “النخبة السودانية و إدمان الفشل”.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..