مقالات وآراء

مفهوم الترس والتتريس

د.طيفور البيلي

” شويه سيكولوجي 17 ”
مفهوم الترس والتتريس
The Concept of Barricade and Barricading

ربما أول ما يخطر على بال القارئ هو التساؤل عن علاقة الترس والتتريس كما نعرفه بعلم النفس وعنوان “شوية سيكولوجي” .. ونقول اجابةً بأنه قد آن لنا أن نقدم الترس أو التتريس كأحد المفاهيم التي ينبغي أن تنتمي إلى مفاهيم علم النفس السياسي ، هدية من قاموس مفردات ومفاهيم ثورات الشعب السوداني إلى قاموس مفردات ومفاهيم علم النفس السياسي .. ونقول في هذا الشأن أننا ؛ وعبر عدة مقالات سابقة قد أكدنا على أهمية التفرقة بين المصطلحات والمفاهيم ، وذكرنا أن المصطلح ما هو إلا تسمية وإشارة إلى شخص أو شيء أو فعل ما ، بينما يحوي المفهوم في داخله العديد من المعاني والمبادئ والقيم .. والترس والتتريس ليس كما يراه البعض مجرد تخريب وخلع لطوب الانترلوك وقطع الاسفلت وإغلاق الطرقات بها ، وانما هو فعل يتجاوز مجرد الفعل إلى اعلان وتثبيت مفاهيم وقيم ومبادئ التصميم على الرفض والمقاومة والنضال والصمود في وجه من يتغولون على حرية الشعب السوداني ومقدراته وثرواته ، وقيم المدنية والحرية والعدالة والسلام .. وفي جانبه الآخر يكون التتريس هو السلاح السلمي المتاح لإنجاح استراتيجية العصيان المدني ، ومنع دوريات الجند من الدخول إلى الاحياء والحلال وترويع الأسر وترهيبها باقتحام البيوت وإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وكذلك الذخيرة الحية .. التتريس اذن ليس مجرد تخريب وخلع للانترلوك وقطع الاسفلت ، وانما هو كما ذكرنا هو مفهوم يحمل إعلانا ورفع لقيم الرفض والمقاومة والتصميم على النضال ، وحمايةً للأحياء والأسر .. ونذكر هنا بأن ذات الشباب الذين قاموا ويقومون الان بخلع طوب أرصفة الشوارع لتتريس الشوارع ، هم أنفسهم الذين قاموا بعد استقرار الأمور عقب ثورة ديسمبر المجيدة بحملات تنظيف الطرقات وإعادة رصف الانترلوك ، بل وتجميل الشوارع ودهن ارصفتها ومزهرياتها بالجميل من الطلاء ، وينادون بعضهم البعض اعتزازا وتمجيداً باسم ” يا ترس”.

الترس أو التتريس مفهوم تزدحم فيه القيم والمبادئ الإنسانية المرتبطة بحرية الانسان وتصميمه على الدفاع عنها واستعادتها ان سلبت .. والماجدات الأكارم أمهات الشهداء وآبائهم ؛ والذين يشارك غالبهم في التتريس ، يعرفون جيداً ويرددون أغنية الثورة التي تقول بعض ابياتها :

يا أمي لازم تعفي لي         ***   شان زغت خليتكم نيام
كان بالي في الترس الهناك  ***   صايمين وبايتين في الخيام

إلى أن يقول الشهيد عبر كلمات الأغنية :
لا تبكي لا تحديي لي يوم      ***   واقريلي للترس السلام

وتكتبوا فوق لتربتي ” مدنية حرية وسلام”.

الذين يتباكون على تكلفة خلع الأرصفة والتتريس بها وتعطيل الحركة لساعات أو بعض أيام ، حري بهم أن يزرفوا الدموع دماً على شبابنا الذين  ارتفعت ارواحهم إلى بارئها برصاص الخسة والغدر .. نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة ومقاعد الشهداء في عليين ، وندعو بالشفاء العاجل للجرحى والمصابين ..
وأخيراً نقول : راكز يا ترس ..
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..