
يظهر ذلك جلياً بقيام مؤتمر البجا عام 1958 بقيادة دكتور بليا ورفاقه دكتور جرتلي ومثقفي الشرق والنظار والعمد للفت أنظار الحكومة المركزية لموت إنسان الشرق بالفقر والمرض في سفوح الجبال وأطراف المدن والقرى والتهميش .
(1) كان مؤتمر البجا منذ البداية متسعاً لكل سكان شرق السودان ، ويتضح ذلك من دعوة دكتور بليا لتضافر كل أهل الشرق لحل مشكلة شرق السودان ، وذهب إلى أن مشكلة شرق السودان لن يستطيع البجا وحدهم حلها ، لذا وجدت دعوته لقيام المؤتمر صدىً كبيراً عند سكان شرق السودان ، وكمثال نجد الريح أبو الحسن وعز الدين سلمان من تجار الشمال الذين تحمسوا لقيام المؤتمر وقاموا بدعمه .
بات مؤتمر البجا مابين العلن والنزول لسطح الأرض خلال فترات وحقب الحكومات
فيشهد حراكاً وتطوراً أثناء الحكومات الديمقراطية، ثم بياتاً خلال الحكومات العسكرية
فكان إن اكتسح مؤتمر البجا أول انتخابات برلمانية بعدد عشرة نواب في الجمعية التأسيسية .
كاد الموقف في الشرق أن ينفجر لولا اللطف الإلهي فقد حاول بعض الشباب ممن حضروا مقابلة الفريق عبود في أركويت ، أن يشعلوها ثورة على عبود ونظامه ومنذ ذلك اليوم ظلت فكرة الحركة المسلحة تراود أذهانهم .
نجد أن مطالب البجا في أن يحكموا أنفسهم لم تتحقق إلا في عام 1980م عندما أصبح حامد على شاش حاكماً للإقليم ، وأيضاً عندما أصبح محمد عثمان حامد كرار حاكماً للإقليم بعد انتفاضة أبريل (1985م ـــ 1989م) .
شهدت تلك الفترة أحداث بورتسودان في مايو عام 2005 م . لمقابلة الحكومة مظاهرة سلمية نسبة للاستغناء عن كثير العمالة في ميناء بورتسودان بالعنف مستخدمة كل أساليب القمع ، حيث أدى ذلك لقتل 29 شخصاً مما أدى لتعميق إحساس الغبن ومرارة التهميش ، ليتجه من بعد ذلك الكثير من الشباب للانضمام للجناح المسلح .
(4) لكن ما الذي دفع بالمشكلة للسطح الآن ؟ .
الثابت أن مسار شرق السودان باتفاقية جوبا للسلام ، والذي يرى المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة بقيادة الناظر ترك أنه لايعبر عنهم ، وهضم حقوقهم في شرق السودان ، رغم أن الذي قاد ملف السلام في جوبا هو المكون العسكري ، إلا أن المجلس الأعلى لنظارات البجا اتخذ من رئيس الوزراء حمدوك وبقية المكون المدني في الحكومة الخصم، حيث شملت مطالبهم استقالة رئيس الوزراء وحل الحكومة المدنية ، ليأتي سقف المطالب مرتفعاً بدلاً من أن يشمل مطالب الشرق ، ليسارع الفلول وكل صاحب منفعة أو غرض ويتبنون هذه المطالب سوى كان ذلك بعلم ترك وجماعته أم لا ، ليتم وضع المتاريس على الطريق القومي وقفل الخط الواصل للبترول وتعطيل الموانئ بهدف شل حركة البلاد وصناعة الاختناقات حتى ترضخ الحكومة لمطالبهم .
ليأتي صندوق أعمار شرق السودان كثمرة من ثمرات اتفاقية شرق السودان واقعاً عليه عبء التنمية ، ولكن هل أدى الصندوق دوره كاملاً وقاد التنمية في المنطقة ؟ .
الثابت أن الصندوق لم يلعب دوره المناط به ، لعوامل تتعلق بتكوين إدارة الصندوق وطريقة عمله والمخالفات الكبيرة في المعاملات المالية وطريقة تنفيذ المشروعات ولم يلبي طموحات أهل الشرق وحلمهم بالتنمية .
المسلم به أن الحوار وجلوس كل الأطراف على مائدة مستديرة ومن بعد التخطيط السليم وإشراك إنسان الشرق في التنمية هي الحلول الناجعة لمشكلة الإقليم .
قبل لوم الآخرين
على أهل الشرق ان يجروا جرد حساب داخلي
سيكتشفون ان قادتهم عبر مختلف الحقب ليسوا بريئين من التهميش الذي يتهمون فيه المركز