الخروج عبر الطريق الثالث

تهادى المتحاورون السودانيون وربما توافقوا تحت سقف قاعة الصداقة على مدى أكثر من أربعة أشهر بلياليها وصباحاتها، كانوا يحدقون كثيراً في اتجاه الأزمات السودانية في محاولة لتفكيك طلاسمها وشفراتها، فقد أوصلتهم محاولتهم هذه، الى بعض الحقائق والتقديرات والحلول النظرية لما ظلت تعاني منه بلادنا على مدى أكثر من ستة عقود من الزمان، خصوصاً فيما يلي قضية من يحكم السودان؟ وليس كيف يحكم السودان، كما يظن الكثيرين وهي الحقيقة التي تجنبها المتحاورون فلو أن هؤلاء كانوا يحدقون ويثرثرون في مجالسهم بجد واجتهاد بحثاً عن الكيفية الي يمكن عبرها أن يحكم السودان لوصلوا الى مبتغاهم في ليلة، وصبح دون كل هذا العناء والسهر والرهق «والردحي» كل هذه الشهور الأربعة.
ولكن وبحسب المعطيات وملامح المخرجات لهذه المائدة الحوارية فإن خاتمة المطاف ربما هي حكومة قومية او قل وفاقية او انتقالية، فهي لا تهم كثيراً غمار السودانيين طالما هي جافت مطالبهم وأهملت معايشهم وأرهقت اقتصاديات أسر تعاني بؤسها وفقرها وكدحها، قد يذهب البعض في اتجاهات اخرى في نظرته وتقييمه لهذه المخرجات ويصفها بأنها سعت الى رسم طريقاً «خاصاً» للحكم على قوامة الحلفاء القدامى والجدد للمؤتمر الوطني، فيما تجهد مجموعة اخرى عبر حوالي 41 حزباً تتحرك في المساحة الفاصلة بين المواطن والحوار الوطني، وهي مجموعة امتنعت عن غمس يديها في مائدة الحوار، ربما لقناعة منها بعدم جدوى هذا الحوار او بالاحرى جدوى نتائجه، وبذلك اتخذ هذا الحلف طريقاً آخر لا هو طريق الحوار ولا هو الطريق الذي يقود الى معالجة المشكلات السودانية.
فماذا يريد هذا الشعب اذن؟ فالإجابة هنا بحسب القراءة الفاحصة لتطورات الاحداث والقضايا في السودان أن بلادنا تحتاج الى طريق ثالث يقطع السكة امام المهرولين الى السلطة ويجنب البلاد كذلك مزالق العنف والتشظي والانتفاضات..وهنا لا ننسى أن للسيد الصادق المهدي مشروعاً سياسياً قديماً ظل يناور به الحكومة في سجالاته ومرافعاته السياسية معها دون الوصول الى نقطة التقاء، فهل يمكن للحكومة أن تستدعي هذا المشروع لتبنيه كخيار ثالث للخروج بالسودان الى فضاء جديد بلا مطبات؟. فنحن الآن بين خيارين، خيار حكومة الحوار الوطني وخيار الانتفاضة؟
هل تعود النقابات؟
تغيرات وتبدلات كثيرة جرت على الفكر والواقع النقابي ليس على المستوى القطري ، وإنما حتى على المستوى الاقليمي والدولي، فلم تعد النظرية «اللينينية» بذات الشروق والابهار قبل خمسين عاماً فالطبقة العمالية كادت أن تتلاشى، على الأقل في مستواها الفكري والتنظيمي. وعلى المستوى المحلي فإن النقابة السودانية لديها تقليد او شعار راسخ بأن «لكلٍ حزبه والنقابة للجميع»، وكانت الحكومة حينما عطلت الأحزاب في أيامها الاولى كان في تفكيرها اطلاق يد النقابات، والآن تجري ترتيبات لانتخابات نقابية على المستوى القاعدي بلا أدنى تفاعل، خاصة أن هذه النقابات لم تبدو في طبيعتها ومهامها بذات الادوار التاريخية للحركة النقابية. كل الانفعالات القديمة للحركة النقابية مع قضايا العمال ومكاسب تلاشت تماماً. فهل من عودة لهذه النقابات في اجواء الحوار والانفتاح السياسي يمكن للنقابات القاعدية أن تعيد بناء التوازن السياسي في الدولة السودانية؟. فالنقابات هي المعنية بحراك القواعد الجماهيرية والمهنية والقطاعية في سبيل تأمين حقوقها ومكاسبها في وقت انشغلت فيه النخبة كثيراً بقضايا الأقلية السياسية، ولهذا فإن عودة النقابات تقتضي أولاً خروج الحزبية من مفاصل هذه التكوينات النقابية.
الإرادة الغائبة
الدكتور التجاني سيسي وبحر إدريس ابو قردة قياديان جاءت بهما اقدار دارفور جمعتهما وثيقة الدوحة تحت سقف «السلطة الانتقالية» وباعدت بينهما شرعية الاستفتاء لأهل دارفور. فهما يقفان على طرفي نقيض ..الدكتور التجاني سيسي يتخندق في معسكر الدعوة الى الاقليم الواحد، اما ابو قردة فهو يدعم خيار الولايات في شكلها الحالي بدارفور، وهكذا انقسمت السلطة الإقليمية وزادت الجراح على الراتق، اما الحقيقة الصادمة فهي أن كل مكونات سلام دارفور بما فيها السلطة الإقليمية وآليات الدولة والحركات المسلحة التي لحقت مؤخراً بالسلام اهدرت وقتاً وجهداً كبيراً، فيما لا طائل منه لأهل دارفور، فانشغلت كل هذه المكونات بذاتها وشغلت معها الآخرين وابقت على الازمة عصية على الحلول.
لم يكن استحقاق الاستفتاء لدارفور هو الارادة الغالبة ولا المطلب الملحاح رغم انه فريضة واجبة في وثيقة الدوحة ولكن يبدو أن قطاعاً كبيراً لا يستهان به من أهل دارفور في مجتمعاتهم ومنظماتهم المدنية والسياسية والفكرية وحركاتهم المسلحة وكذا التي اعادت سيوفها الى اغمادها فهولاء جميعاً ربما يتحدثون جهراً وسراً هذا الاستفتاء، فكم من الاصوات الآن تعلو ثم تهبط وهي تحاول التقليل من الفكرة لأنها في نظرهم واعتقاداتهم لا تكافي اولويات اهل دارفور ولا تخاطب مشاعرهم ولا مطلوباتهم الانية، ولهذا كله فان الاستفتاء ربما يعني للكثيرين مجرد شعار او استحقاق سياسي يعني في المقام الاول اطراف «الدوحة» وما لحقت بها من مجموعات.
بعض الواقفين على الشاطئ الآخر من هذا الاستحقاق يعتقدون انه من الاوجب والانفع لاطراف الدوحة ان تعيد ترتيب وبناء اولوياتها وبالتركيز على القضايا المباشرة في حياة ومعاش اهل دارفور المذكورة في نصوص سلام الدوحة فمثلا قضية الترتيبات الامنية «والادماج» مشكلات عالقة مازالت تحتاج لارادة قوية من الاطراف كما ان المشروعات المدنية والانسانية والمتمثلة في اعادة النازحين الي قراهم المحروقة بعد اعادة اعمارها وانفاذ مشروع بنك دارفور تلك هي المطلوبات العاجلة التي يجب ان تسبق اي مشروع سياسي آخر بما في ذلك الاستفتاء نفسه.
فساد الوظائف (بالقرشي)
في محلية القرشي الوليدة باقصى غرب ولاية الجزيرة حقائق صادمة وتجاوزات مثيرة للغرابة كشفتها لجنة خاصة شكلها السيد والي الجزيرة “ايلا” لمراجعة ملفات الخدمة المدنية.
السيد المعتمد بالقرشي علي يحيى استنطقته «الإنتباهة» حول حقيقة قضية 75 معلماً تم ايقاف مرتباهم لاكثر من خمسة اشهر، السيد المعتمد برر هذا الاجراء العقابي بان “لجنة ايلا” كشفت عن حالات تزوير وتجاوزات كبيرة في المرتبات والترقيات والملفات وان بعض هؤلاء المعلمين لم يتم تعيينهم عبر لجان الاختيار وهذا هو اساس البلاء والفساد الذي عانت منه الخدمة المدنية بالجزيرة خصوصاً في الفترات التي صعدت فيه قيمة الولاء السياسي والتنظيمي على اكتاف الخدمة المدنية.
وقد طالت التجاوزات الوظائف العمالية حيث يعتقد معتمد القرشي ان هذه الوظائف تمت بالترضيات فظهرت الحقائق بان هناك اشخاص بلا وظائف او مهام وان اسوأ ما في هذه الوظائف انها تمت داخل المحلية الام “المناقل” دون توزيعها للمناطق التي تحتاجها غير ان ما يبعث بالامل في الاصلاح هو ان المعتمد ربط صرف المرتبات بالمواظبة اليومية

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..