
لقد كان من المتوقع مخاطبة جماهير الثورة يوم أمس عبر منصة خاصة تنصب لهذا الغرض خاصة وأنه قد فهم ضمنيا من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته الغرفة الموحدة للجان المقاومة الذي دعت فيه السيد رئيس الوزراء لمخاطبة المسيرة المليونية خاصة و أن ذلك سيكون الظهور الجماهيري الأول له منذ تقلده المنصب . إن عدم وجود منصة لبث خطاب الثورة ومطالبها يوم أمس يثير الكثير من الشكوك . فمخاطبة الملايين من جماهير الشعب التي خرجت للشوارع كان ضروريا لتوجيه رسالة الثورة مباشرة لمن يهمهم الأمر و ليشهد على ذلك العالم .
و كما ذكرنا فقد سبق أن دعت الغرفة الموحدة للمقاومة في مؤتمرها الصحفي المنعقد مساء 20 أكتوبر 2021م رئيس الوزراء حمدوك للخروج لمخاطبة الجماهير بمناسبة مسيرات 21 أكتوبر المعلنة . لقد كانت الجماهير وفية لثورتها وخرجت في مواكب مليونية هادرة إلى الشوارع في العديد من مدن السودان تحت شعارات موحدة هي المطالبة بتحقيق الدولة المدنية ، القصاص للشهداء ومكافحة الفساد . ولكن على الرغم من خروج الملايين من أبناء الثورة السودانية إلى الشوارع لم يكلف رئيس الوزراء نفسه للخروج لمخاطبتها وأكتفي بتوجيه خطاب مسجل يذاع على الجماهير من خلف درج مكتبه . والخطاب نفسه فقد كان ككل الخطابات السابقة باردا باهتا رماديا لم يعبر عن الثورة في قليل أو كثير .
كان من المتوقع إقامة منصة أو منصات في مواقع مختلفة لمخاطبة الجماهير الثائرة بخطاب موحد وفي وقت واحد ليعبر عن مطالب الثورة . لقد ظل بعض النشطاء والمتابعين يتردد بين تجمعات المتظاهرين و بين المواكب بحثا عن المنصة التي سيبث من فوق منبرها مطالب الثورة للشعب السوداني دون جدوى.
إن عدم وجود منصة/ منصات للثورة يوم أمس يثير الكثير من الشكوك حول من يقف خلف ذلك . إذ كان يجب أن تخاطب قيادة لجان المقاومة الجماهير وتوجه طلبات/ أوامر محددة باسم الشعب خاصة للمكون العسكري في مجلس السيادة بالتنحي وتحديد ميقات زمني محدد للجيش لتعيين بديل يمثلهم في مجلس السيادة يؤمن بالثورة و يدفع في إتجاه الدولة المدنية بدلا عن أن يكون معطلا كما رأينا من مجموعة اللجنة الأمنية للعهد المباد والمتمثلة في البرهان وزمرته .
لقد شاهدنا بدلا عن المنصة الجماهيرية ظهور إبراهيم الشيخ الذي سمع من جماهير الثورة ما سمع وهو يصرح ببعض مطالب الثورة من على منبر تلفزيون الجزيرة . هذا الظهور يثير الكثير من الشك في إمكانية تجيير كل العطاء الثوري للجماهير لصالح صفقة باهتة تفضي إلى تفاهم باهت لتعود بعده “حليمة لقديمها” بعد أن فقد الشارع الثقة في أقوال وتصريحات الكثير من السياسيين الذين كانوا هم السبب المباشر فيما يحدث من تخريب للثورة السودانية العظيمة.
