مقالات وآراء سياسية

ثم ماذا بعد الثلاثون من أكتوبر

مبارك همت

إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ
فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ
ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي
ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ

اذا تأملت في مسيرة ثورة ديسمبر المجيدة ستجد أن الثوار الأحرار أصحاب الههم والقيم والمبادئ والنضال الطويل ،رغم كل ما لاقوه من بطش وضرب وقهر وتعذيب واعتقالات منذ بدايات الثورة لم يثنيهم ذلك يوماً من المضي قدماً والسعي لتحقيق ما يحلمون به , وكل لحظة تمر عليهم كانت تذيدهم اصراراً، فكلما سقط شهيد كان التماسك والتمسك بين مكونات الثورة والثوار يقوى ، فهؤلاء الثوار قدموا من أجل تحقيق أهدافهم ارواحهم ودمائهم فداءاً للوطننا الغالي ،ويكبر الحلم في دواخلهم بوطن الحرية والسلام والعدالة،فهؤلاء الشباب يستحقون وطن يشبههم ويشبه تطلعاتهم ومحبتهم لوطنهم، ولكن جاء الانقلاب بثوب جديد وحدث ما كنا نتوقعه وما لم نكن نتمناه ، والشواهد الكثيرة التي كانت تدل على حدوثه صدقت بنبؤتها ,وذلك بسبب الانقسامات الكثيرة والتي قسمت ظهر البعير ، وانقلب الامر ، واصبح الامر الان اكثر تعقيداً بالاضافة للتعقيدات الكثيرة التي تمر بها البلاد ، والتعقيدات التي مرة بها الفترة الانتقالية، وما حدث من كلا طرفي الوثيقة الدستورية ذاد الامر تعقيداً وضبابية، ولا اود ان استبق الاحداث؟؟؟ ولن نقبل انتهى الامور بهذا الشكل ، ونحن نرى الشوارع ، والتظاهرات المليونية والتي شهدتها اكتوبر في كل مدن السودان ،ونعلم جيداً ان الشوارع لا ولن تخون، ولكن يصعب التكهن بما يمكن ان تؤول اليه الامور ، ونرى ان فرض اي واقع لا يتماشي مع تطلع الشباب لن يجدي ،وان فر ض اي واقع بالقوة لن يجدي، وقد يعرض البلاد الى مزيد من الاحتقان والاحتجاجات والدماء، والتي لا نود انت تراق ، ونعلم ان الاحتجاجات ستستمر كثيراً وتذيد الطين بلة، فالاوضاع بالبلاد لا تتحمل اي انفلاتات ولا ضغوطات اقتصادية، فالشعب يعاني وعانى كثيرا ويصبر ممنياً نفسه بمستقبل مزدهر للبلاد. والمتابع للمشهد السوداني سيعلم جيداً ان المزاج السوداني وتفكير شعبه قد تغير كثيراً خلال سنوات النضال الماضية، وظهر جيل من الشباب يحمل هم الوطن ،وقد اذاد هذا الشباب وعياً وتشكلت لهم رِؤى ومواقف وافكار قوية ومختلفة ,هم الان يدافعونن عنها بكل بسالة ،واصبح هذا الجيل يؤثر في سياسات البلاد وساستها ، فهم يختارون طريقهم ويدافعون عن افكارهم وعن احلامهم المشروعة ، ولن يرضوا ان تضيع وتتلاشى احلامهم في ليلة وضحاها ،ولن يقبلوا ان تضيع عليهم وعلى بلادهم هذه الفرصة التي صنعوها بأنفسهم وبتضحياتهم ودمائهم وارواح شهدائهم . ولكننا ماذلنا نظن أن هنالك بارقة امل ان يعود الوضع كما كان أو افضل ، وان يحتكم الجميع للوثيقة الدستورية ، وان تكون هنالك تنازلات من اجل مصلحة البلاد والعباد،ولكي تتجنب البلاد الفتن وان نتفادى الاحتقان الذي يحدث بالشارع السوداني، والذي قد يتسبب في كثير من الازمات والتي قد تزيد الضغوط على المواطن السوداني البسيط الذي يعاني الامرين في هذه الظروف الاستثنائية ،لا بد من الوصول لحل مرضي للشارع السوداني ويجنب البلاد العزلة العالمية والتي عانى منها الوطن والشعب السوداني وكلفته الكثير طيلة سنوات العهد البائد بسبب السياسات الرعناء التي كان يتبعها النظام السابق ،ولكن الان اذا نظرنا بعمق للفترة الانتقالية ، وبالرغم من بعض الاخفاقات التى تخللتها وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد و يتحملها هذا الشعب بكل مراراتها يقينناً منه بجدوها والتي ظهرت نتائجها جلياً في استقرار الوضع الاقتصادي والحد من التضخم والذي كان مستمراَ طيلت السنوات الماضية، وايضا رجوع السودان للمجتمع الدولي ، والكثير من المبشرات الواضحة للعيانّ، فقد تعود البلاد لنقطة الصفر اذا لم نجد حلاً لما يحدث الان بالبلاد، وعلى الجميع تقديم التنازلات ، فالبلاد في مفترق الطرق ، ويجب ان تعود الشراكة بين المكونين المدني والعسكري بطريقة تضمن استمرارية الشريكين حتى نهاية الفترة الانتقالية ، ولو كانت برؤية جديدة تناسب الوضع الحالى ، وتغليب مصلحة البلاد ووضع البلاد نصب اعيننا ،أو لا يحكم السيد البرهان البلاد برؤيته الجديدة التي اتى بها من رحم افكاره والتي قد يؤيدها البعض ولن يقبلها الشارع السوداني الذي رأيناه في الحادي والعشرون في اكتوبر ثم رايناه في الثلاثون من اكتوبر وملاة الارض هتافاً ونشيدا . ونتمنى ان تأتي الرياح بما تشتهي السفن ، وان يتم تحكيم مصلحة البلاد وان تتبلور رؤية جديدة تتشكل بين السيد حمدوك والذي هتفت الشوارع باسمه ، والذي يمثل الان قارب النجاة وحلقة وصل المقبولة بين كل الاطراف من مدنيين وعسكريين ودولين ، وان يدخل السيد حمدوك بعمق في المشهد السياسي السوداني ، وتتقبل جميع الاطراف واقعا جديدا ، وتتجنب البلاد الفتن وتمر المرحلة الانتقالية لبر الامان. اللهم احفظ البلاد من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..