الشعب وصل الى إيمان لا يتزحزح بالنصر

هشام عباس

فى العملية الانقلابية الاولى التى قام بها حميدتي والبرهان ورغم انهم ارتكبوا وقتها ابشع جريمة انسانية بالمجزرة التى قاموا بها امام القيادة العامة وفعلوا نفس ما يفعلونه اليوم من نشر الجنجويد فى الشوارع والبطش بالناس وكم الانتهاكات التى تمت وقاموا ايضا فقطع الاتصال والانترنت وفصلوا الوطن عن العالم، وقتها اشفق الكثيرون على الثورة وأُحبط الكثيرين وقنع البعض واعتقدوا انها نهاية الثورة قلنا وقتها ان من اصيبوا بهذه الحالة لم يستوعبوا بعد ما حدث من تغيير فى الشارع السوداني.

اليوم بعد العملية الانقلابية الثانية البعض يمر بنفس الحالة والشعور وهذا امر طبيعي لكن واضح ان التجربة الاولى لم تعلمهم حقيقة التغيير ايضاً.

سابقا وطوال 30 سنة من عهد البشير كانت تحدث الكثير من التحركات لكنها ابدا لم ترتق الى درجة الثورة القادرة على التغيير، احيانا كنا نشاهد تحركات قوية مثل سبتمبر 2013 م واحيانا تحركات اقل على مستوى دعوة يقوم بها انصار حزب او تحركات طلابية تصل الى الشارع او اضراب يقرره قطاع ما او عصيان مدني يقوم بها قطاع هناك .. كلها كان من السهل احباطها ليس فقط لمحدوديتها لكن ايضا لأن الشارع نفسه لم يرتق لمستوى الحدث وياخذ المبادرة.

اما اليوم الامر مختلف جدا الشعب وصل الى درجة الايمان الذى لا يتزحزح ولا يحتاج اصلا الى قيادة او دعوة ولا يرتبط بمكان او زمان .. هو ايمان نابع من كل فرد ستجده فى كل بيت وكل شارع وكل قطاع وفى كل قرية وكل مدينة هو حديث الصباح والمساء وهو هم كل فرد فى المجتمع باختصار هى باتت قضية شعب.

عندما يصل شعب كامل الى درجة الإيمان بقضية ما يستحيل ان يقف فى وجهه اى شئ مهما كانت قوته ومهما كان حجم البطش والاجرام.

قد تنخفض الوتيرة احيانا وقد يمتد الوقت احيانا كما حدث فى العملية الانقلابية الأولى لكنها حالة لا تنتهى فى كل يوم يمر سيزداد المنقلب انهيارا وستزيد قوة وايمان الشعب.

من الإستحالة ان تحرس الشوارع كلها طول الوقت ومن الاستحالة ان تعزل الدولة عن العالم طول الوقت فالشعب لا يتعب انما المؤجر هو الذى يتعب … النفس طويل وزخيرة الايمان بالقضية كبيرة جداً.

والأهم من ذلك أن هناك وعي سياسي زاد من شوكة الثوار، هذا جيل لا يمكن الضحك عليه بحكومة من المساخر تسمى مدنية ولا تقنعه أي محاولة للرشوة بتوفير سلع او خفض اسعار فلو كان شعب يهتم ببطنه لركع طوال سنتين من التخويف وخنق الاقتصاد وجعل الحياة مستحيلة .

لذلك لم تتزحزح ثقتى يوما ان أي انقلاب ماهو الا عملية انتحار لحظي.
واليوم يقف الانقلابي حائرا عاريا امام العالم والشعب يتخبط بين القرارات وغير قادر على اتخاذ خطوة الى الامام.

ربما هذه اول عملية انقلابية فى التاريخ لا يعرف قائدها ماذا يفعل وماذا يريد وكيف يقنع مختبئا فى قصره خائفا على مصيره.

بمزاجنا، مواكب وقت ما نريد عصيان وقت ما نحتاج، تتريس كيفما يروق لنا. ونعود لننام فى بيوتنا اما انت ايها الجنرال التعيس ستظل انت وانصارك ديك العدة لن تروا النوم ولن يرتاح لكم بال حتى الانهيار .

رسالة اخيرة :
نرجو من الجنرال التعيس تخفيض سعر الشاي والقهوة اسوة بالسكر
ترس من غير قهوة ومواكب من غير شاي ما بيكتمل المشهد