أخبار مختارة

السودان والملل من البشير..!!

إنهم لا يتعلمون أبدا ولا يتعظون. آخرهم الرئيس السوداني عمر البشير الذي يواجه هذه الأيام غضبة شعبية كبرى ومظاهرات ساخطة سقط فيها عدد من القتلى والجرحى، ومع ذلك تراه يكرر وصفات فاشلة جرّبها غيره دون فائدة، من بن علي إلى مبارك مرورا بالقذافي وصالح، اللهم إذا كانت زيارته الأخيرة ولقاؤه بالأسد أقنعته بالطريقة السورية التي لا بد من الاعتراف بنجاحها وهي “الأسد أو نحرق البلد” فتحقق الأمران معا… بقي الأسد وحـُـــرق البلد.

هناك مسألة على قدر كبير من الأهمية لا يبدو أن البشير يعيرها كبير اهتمام، ولا من سبقوه، وهي أن الشعوب تمل من طول حكم أيا كان مهما كان. وإذا كانت القلوب تملّ كما تمــــل ّ الأبدان على قول الإمام علي رضي الله عنه، فإن الشعوب تمل كما تمل القلوب وأكثر. لم يكن بمقدور الشعب الليبي أن يتحمل أكثر من 42 عاما من حكم “صاحب الكتاب الأخضر”، ولا مصر أكثر من 30 عاما من حكم “صاحب الضربة الجوية”، ولا اليمن أكثر من 30 عاما من حكم “الراقص على رؤوس الأفاعي”، ولا تونس أكثر من 23 عاما من حكم “صانع التغيير المبارك”، ولا سوريا أكثر من خمسين عاما من حكم “آل الأسد” بين الأب فالابن فالحفيد ربما. لا يحدث هذا في ممالك وراثية الحكم وإنما في جمهوريات تجرى فيها انتخابات دورية بل وتتحدث عن الديمقراطية والشفافية!!

الشعوب تمل والأنظمة تهترئ… فلا الشعوب في وارد أن تتحمل المزيد من هذا الحاكم، ولا الأنظمة في وارد أن يكون لديها أي جديد تخرجه من جعبتها. لم تعد الشعوب قادرة على استيعاب كلام سمعته من قادتها آلاف المرات ولم يعد هؤلاء القادة بمقدرهم هم أيضا أن يبهروا مواطنيهم بأي شيء. لهذا تلجأ أغلب الشعوب التي تعيش في ديمقراطيات حقيقية إلى تغيير رئيسها وحزبها الحاكم بين فترة وأخرى لكسر هذه الرتابة ولإعطاء الفرص للتنافس وتقديم الأفضل. وحتى حين يستمر ناجح في حكمهم لسنوات متعاقبة تراهم يجنحون في النهاية إلى تغييره، لا لشيء سوى أنه لم يعد لديه ما يقدمه.

هكذا هو البشير، أحكم قبضته على السودان فلم يرخها منذ ثلاثين عاما لم يقدم خلالها سوى رقصات بالعصا وكلاما إنشائيا يتدثر بالدين ويحتمي به لتبرير سياساته المختلفة. ما الذي يجعل السودانيين يصدقون كلامه هذه الأيام عن “مرحلة صعبة عابرة وعن رخاء مقبل” وعن أن “الله حبا السودان بكل الخيرات” وهو الذي لم يحترم من قبل أي شيء تعهد به بما في ذلك عدم ترشحه لمنصب الرئاسة. ومع ذلك ها هو يشير إلى “التداول السلمي على السلطة” في انتخابات 2020، عبارة ما كان لينطق بها لولا تحرك الشارع الغاضب الذي بمجرد أن يهدأ فلن يكررها أبدا وهي المثقلة بالمعاني ومن بينها أنه قد لا يترشح… ولكنه “سيلحس” كلامه لاحقا كما فعل من قبل أكثر من مرة.

ثم كيف لرئيس يعد شعبه بأن مستقبله سيكون أفضل وهو من يطلق الرصاص على من يريد استعجال هذا المستقبل ؟؟ ثم كيف يأتي ليتحدث عن أن قتل المتظاهرين السلميين هو من باب القصاص لأن “القصاص هو شنو؟ هو قتل مش كده… هو ردع للآخرين عشان نحافظ على الأمن”؟!! وكما قال أحد السودانيين فإن البشير عقد خلال الأسبوع الماضي فقط ثلاثة اجتماعات ذات طبيعة أمنية، مع القوات المسلحة وجهاز الأمن والمخابرات وقوات الشرطة، وأشاد بأدائهم جميعا، وفي الوقت ذاته يقول إن الأزمة اقتصادية؟؟ إذا كانت فعلا كذلك فقد كان حريا به أن يجتمع أولا مع الأجهزة المعنية بالاقتصاد والتجارة والموازنة، فيما كتب أحد المغردين عن المتظاهرين ووصف البشير المتأرجح لهم ولمطالبهم فقال موجها كلامه للرئيس: “إذا كانوا خونة فكيف تعدهم بحياة كريمة، وإذا كانت مطالبهم عادلة فكيف تصفهم بأنهم خونة”؟!.

إن مواجهة المتظاهرين العزل بالرصاص هو انتهاء لشرعية أي نظام رغم كل التبريرات المتماسك منها نسبيا والمتهافت، خاصة وقد سبق للبشير أن فعلها مع مظاهرات أيلول / سبتمبر 2013.

وعلى رأي أحد الصحافيين السودانيين الداعمين للمظاهرات فإن “السودانيين ينشدون نظاما جديدا وعاما جديدا مختلفا عن الثلاثين عاما الماضية التي أورثتهم القهر والظلم والاستبداد، وكل ما يريدونه الآن هو استرداد وطنهم المختطف”.. مضيفا أن “ما يفعله البشير ويقوله الآن ليس سوى هروب إلى الأمام، فهو لا يفعل سوى شراء الزمن وبيع الوعود”.

شراء الزمن صعب للغاية، وبيع الوعود تجارة بائرة.

القدس العربي

‫8 تعليقات

  1. أول مرة نقرأ لك كلاماً منطقياً رغم أنه موجه إلى من يحكمون بلا منطق أخلاقي أو سياسي..

  2. التجاهل..لامراء. الجزيره..لو عايز تزور. السودان.اتمني..ان تحضر معك..موزه. الشعب. جعان..حس يا الما عندك..حس

  3. سلام للجميع
    هكذا تم اختزال حكم الجبهة القومية الاسلامية (الاخوان) في شخص البشير وحده لا شريك له في تزوير واضح لتاريخ حي يمشي أمامنا، الأخوان هم لا غيرهم الذين قاموا بالانقلاب، والتنظيم العالمي للأخوان هم من أتوا زرافات ووحدانا لمباركة هذا الانقلاب ضمن ما كان يسمى بالمؤتر العربي الاسلامي وكان من ضمنهم القرضاوي والغنوشي وخالد مشعل ومرشد أخوان مصر وغيرهم وغيرهم في التسعينات هل نسيت ذلك يا كريشان؟؟ الأخوان هم الذين أداروا البلاد نحو القتل والتعذيب والفساد وما زالوا خلف البشير من وراء ستار،هل تريدني أن أعددهم لك؟ نعم هناك من انسل هاربا من السفينة الغارقة بعد أن بلغ انهيار الدولة مداه.
    بعد ثورات ما يسمى بالربيع العربي وبعد انقلاب السيسي العسكري في مصر وجد جماعة الاسلام السياسي في العالم العربي أنفسهم في حرج بالغ، وفي انسحاب تكتيكي صاروا يتنصلون من انقلابهم في السودان بعد أن ” كال الرماد حماد”، وهكذا يتم تزوير التاريخ الماثل في خساسة وجبن واضحين، تحلوا بالشجاعة وضعوا النقاط على الحروف، لا للتذاكي لا لتزوير التاريخ.

  4. كلام كبير من إعلامي كبير،، أخشى الا يعجب كلامك هذا قناة الجزيرة الأخوانية وحكام إمارة قطر التي تمثل رأس الأفعى الإخواني.
    عزيزي الأستاذ / محمد كريشان،، نحن ممتنون لك، لقد جعلتنا نشعر وكأنك واحد منا،، لك محبتي وتقديري، وأتمنى أن يصلك كلامي هذا.

  5. الشعوب تمل الحكم والحاكم الذي يجكم مدة الطويلة .. نعم اليوم فقط فهمنا لماذا انقلب الشيخ حمد ال ثاني – ولي نعمتك – على والده خليفة ال ثاني ونفيه خارج البلد فبقي طريدا ومات بالقهر. طيب وماذا عن الاسرة الحاكمة في الخليج من عقوود!؟ وماذا عن السلطان قابوس المتسلط على عمان وظفار من حوالي نصف قرن!!؟ ام عيونك يا كريشان لا تبصر ولسانك لا يتطاول الا على السودان وامثال السودان من الدول الفقيرة. اما دول الخليج المترعة بالداهم ففي ابصاركم غشاوة وآذنكم صمم
    اصلا انت شنو دخلك بعمر البشير وغيره. هل ينقصكم الكلام عن الذين سرقوا الثورة التونسية ورجعوا للمربع الاول من ايام الطواغيت الهالك بورقيبة واللص الهارب بن علي او عن المخرف السبسي العجوز المحارب لدين الله.
    ليس لا تطالبون بارجاع بن على من السعودية ومحاكمته على جرائمه في حق الشعب التونسى؟؟

  6. ياجماعه الأستاذ محمد كريشان ما أخوانى أى نعم شغال فى الجزيره لكن أراءه واضحه فى حكم الأحوان
    قرأت له أكثر من مقال ينتقد فيه حكم الأخوان فى السودان ..
    مقاله اليوم حصيفا وحجر فى بركة الثوره وأى حجر فى وجه الأحوان يفيد ثورتنا

  7. رئيس يواحه بلده ازمة اقتصادية غير مسبوقة بماذا يقوم هذه الايام الصعبة
    الرئيس يقوم بعقد قران كل من يريد الزواج من منسوبي حزبه فكل يوم هو في عقد

    هذا هو الرئيس السوداني واحد كيسوا فاضي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..