مقالات سياسية

من شركاء الانقلاب وماهي مصالحهم

النور العباس

بعد ثلاثة اسابيع من الانقلاب على حكومة الثورة السودانية قد بدات تتضح ملامح اهداف الانقلاب السياسي وبالتالي مصالح شركاء الانقلاب في الداخل والخارج .بتحديد هولاء الشركاء وتفكيك طبيعة مصالحهم وما يجمع بينها يمكننا ان نعرف طبيعة اهداف ومرامي الانقلاب.

اصحاب المصلحة العليا للانقلاب الداخليين هم العسكر بتفريعاتها المختلفة وفي مقدمتهم القوات المسلحة وقوات الدعم السريع والاولى معروف لديهم مصالحهم تاريخية في الحكم خصوصا وان الجيش السوداني ولد من رحم الحكم الاستعماري وظل على حاضر في المشهد السياسي والاجتماعي للبلاد حتى اصبح نخبة سياسية اجتماعية ويتمتع قادته بنفوذ كبير في الدولة حيث حكموا حوالي ٥٢ عام من تاريخ السودان السياسي الممتد من. سنك ١٩٥٦ جميعها بواسطة انقلابات عسكرية على حكومة الاستقلال واخرى حكومات منتخبة فما ان يستعد الشعب للانتقال الديمقراطي حتى ينقض العسكر على السلطة ويقطعون الطريق امام اتمام التحول الديمقراطي وهذا الانقلاب والشواهد كثير ولاتحتاج الى برهان او دليل.

قوات الدعم السريع الشريك الداخلي الاكبر في الانقلاب وهي مليشيا عبارة عن واجهة تنظيمة معقدة التركيب حيث انها تتكون من جماعات قبلية من عرب غرب السودان وترتبط بتحالف سري مع تنظيم الاسلاميين المحلولوهذه القوات تربطها مصالحها متعددة كجماعة وكقيادة حيث يطمح قائدهم حميدتي في حكم السودان بدعم اماراتي وربما تعيقه سيطرة التنظيم القوية داخل قواته بسبب تضارب مصالح التنظيم الاسلامي وال دقلو .

تتمتع قوات الدعم السريع بتسليح واعداد متقدم جعل منها لاعب اساسي في اتمام الانقلاب من حيث التامين واعتقال السياسين والنشطاء وربما يفكر حميدتي في المساهمة في الانقلاب لابعاد الشريك المدني مما يسهل عليه مهمة التحالف او الانقلاب علي الجيش ، وكذلك تلاحق حميدتي قضايا كثيرة وكبيرة تتصل بفض الاعتصام وحرب دارفور قد تقود الي محاسبته وهو ما يرجح قوة تحالف مع البرهان باعتباره يواجه ذات التهم.

من اهم المستفيدين من الانقلاب داخليا هو تنظيم الاسلاميين هو فهذا التنظيم وبحكم سيطرته على الحكم لمدة ثلاثين عام استطاع ان يمكن منسوبيه في الاجهزة العسكرية والامنية مما يجعلهم حاضرين في عملية انقلاب ان لم يكون هم اصحابه الحقيقين فهذا التنظيم عابر للاجهزة العسكرية والامنية والان بعد هدا غبار المعركة بدات تظهر بصماته على المشهد الانقلابي وعاد رجاله من الصف الثاني والثالث للحكم مجددا محتفظين بقيادتهم في السجون للتمويه وغايتهم هي ليست الحكم بقدرما فرض وجودهم في المعادلة السياسية وتشكيل المشهد بمايكفي لحماية مصالحهم وضمان عودتهم في المستقبل القريب بشكل جديد يتناسب مع المرحلة القادمة.

حركات الكفاح المسلحة خاصة الموقعة على اتفاقية سلام جوبا هي احد اكبر المستفيدين من الانقلاب لانه يوفر لها فرصة للعودة للمشهد مجددا بعد ان كادت تنتهي عسكريا بسبب هجمات الدعم السريع عليها اثناء حرب دارفور وخطط منفذوها الانقلاب ان تكون الحركات المسلحة هي الحاضنة البديلة للحرية والتغيير التي تم اقصاءها من المشهد بصورة كرست لانهاء احلام الطامحين في التحول الديمقراطي من الثوار وغالبية ألشعب السوداني ومن الواضح ان سلام جوبا كان احد بوابات تنفيذ عملية الانقلاب حيث ان الحركات ليس لها اوزان عسكرية او سياسية وانما تم احضارها كتمومة جرتق لتزيين الانقلاب كما ان الحركات المسلحة بطبيعتها اقل ميلا للتحول الديمقراطي وان صرح قادتها بغير ذلك وقبول قيادات الجبهة الثوربة بمناصب في مجلس السيادة هو خير دليل فضلا عن فقدانها للسند الاجتماعي والدعم المالي الذي كانت تحصل عليه من بعض الاطراف في المجتمع الدولي كما ان قبول جبريل ابراهيم ومناوي المشاركة في الانقلاب يوكد انتهاء الحركات ككيانات كانت تناضل من اجل حماية اهل دارفور وحمل راية المهمشين والنازحين ليتحول قادتها الى امراء حرب يسعون الي تحقيق مكاسب ومصالح محدودة لهم وللمقربين منهم وانتفاء مشروعية اهدافهم ونضالهم وضياع فرصة تحولهم لاحزاب سياسية تمارس الديمقراطية لانها بلا مشروع او برنامج.

هناك اشخاص داعمون للانقلاب لايمكن تصنيفهم كحركات او احزاب امثال التوم هجو ومبارك اردول وعسكوري وغيرهم من ممن ظهروا حديثًا في الساحة او لفظتهم احزابهم وهولا ام استخدامهم الانقلابيون لتحقيق اغراض معينة في ظل عدم وجود كيانات شعبية سياسية تشكل سند للانقلاب.

هناك شركاء خارجيون شكلوا سندا قويا للانقلاب ابرزهم مصر وهي التى زرتها البرهان قبل الانقلاب بيومين وظل رئيس مهابراتهافي حالة حراك دايم بين عاصمتي البلدين
معلوم اطماع مصر التاريخية في السودان للاستيلاء موارده الطبيعية السيطرة على قراره الذي فقدوها لسنوات طويلة وياتي في صدارة مصالحهم في السودان تامين عمقهم الاستراتيجي الجنوبي وكذلك قفل باب ارهاب الاخوان الهاربين من نظام السيسي وكذلك موضوع سد النهضة بالاضافة لاستغلال السودان لكبح طموحات اثيوبيا وتحييد السودان في موضوع سد النهضة الذي يمثل قضية استراتيجة لمصر هذا بالاضافة الى الاطماع في الموارد الطبيعية والاراضي الزراعية وعلاج مشكلة الكثافة السكانية في مصر وغيرها من المصالح الكبرى لمصر في السودان التى جعلت بعض المصريين يطالبون باحتلال السودان ولكن القيادة يبقي خيار دعم الانقلاب العسكري هو اقل كلفة واكبر مصلحة لمصر في السودان وقتل احلام السودانيين في الديمقراطية التي تهدد نظام السيسي الاستبدادي.

الامارات العربية هى من اهم شركاء الانقلاب ومعلوم ان لها مشروع توسعي في المنطقة تعمل عليه منذ اندلاع الربيع العربي لاعادة صياغة حكم دول المنطقة بما يخدم مصالحهم الاستراتيجية وانهاء اي مشروع للتحول الديمقراطي ويتصح ذلك في ليبيا واليمن وسوريا والسودان وتونس والجزائر وهي تدعم العسكر والمستبدين في تلك الدول ومعروف انها ظلت تدعم حتى اواخر ايام البشير وهو مايفيد عداءهم لنظام الاخوان في السودان
لايخفى على احد دعم الامارات للبرهان وحميدتي حتى باتا بعرفان برجال الامارات في السودان منذ نهاية نظام البشير ولديهم شراكة ومع السعودية في اليمن اصبحت قوات الدعم السريع حامي الحدود السعودية اليمنية فضلا عن استخدامهم كمرتزقة للعلميات البرية داخل اليمن .

الامارات متهمة بانها تقف وراء تسليح الدعم السريع بما جعلته قوة عسكرية منافسة للجيش السوداني وساهمت بشكل كبير في ازاحة البشير من الحكم بعد ٣٠ سنة وبالاضافة الي قمع المتظاهرين المحتجين على الانقلاب العسكري وتجدر الاشارة الى وجود شراكات تجارية بين الامارات وال دقلو تتمثل في التجارة وتهريب الذهب وتجارة العملة والعقارات والنفط هذا غير الاستثمارات وشركات حميدتي وشقيقه القوني في ابوظبي ودبي .

تسعى الامارات في تنصيب حليفها حميدتي لحكم السودان لانها تطمع في السيطرة على مواني البحر الاحمر وكذلك اراضي الفشقة الزراعة وقبل كل ذلك انهاء تطلعات وطموحات السودانيين في اقامة دولة ديمقراطية مخافة انتقال عدوتها الي الخليج العربي.

السعودية كذلك لديها مصالح من الانقلاب ولكن بدرجة اقل من الامارات ومصر حيث ان العلاقات الاجتماعية بين السودان والسعودية تجعل من اطماع السعودية في السودان اقل بكثير من بعض دول الخليج مثل الامارات وقطر الباحثتين عن النفوذ الاقليمي وينحصر اهتمام السعودية من الانقلاب في ضمان استمرار قوات الدعم السريع المشاركة في حرب اليمن وكذلك تخشى المملكة من اقامة نظام ديمقراطي في السودان قد يزلزل عرشها وبالرغم من ان السعودية قد وقعت مع والامارات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بيان رباعي مشرك يدعو لانهاء الانقلاب فورا والعودة للحكم المدني الان انها تراجعت عن ذلك واصبحت تدعم الانقلاب علناً جاء ذاك في تصريحات لوزير خارجيتها خالد بن فرحان لقناة فرنسا ٢٤.

روسيا الداعم الدولي الاوحد للانقلاب لديها مطامع في اقامة قاعدة بحرية على البحر الاحمر وخط امداد يمكنها من تزويد سفنها الحربية الوقود فضلا عن ان منطقة البحر الاحمر اصبحت منطقة تنافس استخباراتي وعسكري بين كثير من الدول مثل الولايات المتحدة واسرائيل وايران والامارات والصين وسبق ان وقعت روسيا اتفاقية اقامة قاعدة فلمنقو البحرية مع الجيش السوداني لكن تم التراجع عنها بضغط امريكي والان اصبحت هذه القاعدة مهمة جدا لروسيا خصوصا بعد منافسة الولايات المتحدة عليها هذا غير اهتمام روسيا بتحقيق نفوذها الدولي لاسيما في افريقيا خصوصا كامتداد لتواجدها الكبير في افريقيا الوسطي واستطاعت روسيا منع تمرير قرار ادانة رئاسي من مجلس الامن ضد الانقلاب الامر الذي وجد ارتياح لدي قادة الانقلاب.

اسرائيل هى من اكثر الدول دعمًا للانقلاب ان لم تكن صاحب الفكرة بالتعاون مع مصر ومعروف ان الجيش السوداني اصبح اكبر حليف للكيان الصهيونى بعد ثورة ديسمبر وقد قاد البرهان مفاوضات التطبيع مع اسرائيل في يوغندا بشكل منفرد بعيدا عن الحكومة المدنية بقيادة حمدوك وكانت فكرة التطبيع وجدت اهتمام مخابراتي اسرائيلي كبير جدا مما عزز العلاقات العسكرية بين الطرفين وتشير التقارير الي ان إسرائيل حاضرة بقوة كبيرة في التخطيط والاتصالات التي تنفذ بها سلطة الانقلاب رصد واعتقال النشطاء والسياسين وسبق ان زار وفد عسكري تل ابيب قبيل الانقلاب كما زار قادة من المخابرات الاسرائيلية السودان قبل واثناء وبعد الانقلاب وتتمثل مصالح اسرائل من الانقلاب هي دعم الجيش كحليف للكيان يضمان لها تحقيق مصالح بدلا عن الدخول في مغامرة حكم مدني غير مضمونة المصالح كما ان اهداف في السودان في هذه المرحلة هي اهداف امنية استخباراتية محضة منها منع تصدير السلاح من ايران لحماس او تقديم اي دعم اخر لها بايواء قياداتها او تمرير اموالها هذا بالاضافة الي ان موضوع التطبيع الذي قادته الامارات يصب في فك عزلة الكيان الصهيونى في المنطقة ويسهل لها عملية عبور الطائرات التجارية لافريقيا وامريكا عبر الاجواء السودانية.

عموما يمكن تلخيص المصالح التي تربط شركاء الانقلاب في انهاء جميعا تتفق على ان خيارزالحكم المدني الديمقراطي لايحقق لها مصالحها بل بالعكس فانت يتضارب ممع مصالح بعضها بشكل رئيسي ليس من بين اهتماما جميع الشركاء الداخليين والخارجيين تحقيق طموحات الشعب السوداني في الحرية والكرامة والرفاهية تتقاطع مصالح شركاء الانقلاب مع الشركاء اللاعبيين للتحول المدني الديمقراطي من دول الغرب التي تعول على الحكم الرشيد و قضايا حقوق الانسان والحريات.

كثير شركاء الانقلاب تربطهم مصالح وشراكات مع النظام السابق بصورة او باخري وبعضهم ظل داعم له حتى اخر ايامه سيعمل شركاء الانقلاب على مده بمقومات البقاء على قيد الحياة لاطول فترة ممكنة حتى يقف على ساقيه الكسيحتين حتى يكون اكثر استبداداً قمعاً مما هو عليه علي غرار نظام السيسي الاستبدادي.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..