مقالات سياسية

حمدوك (الثاني)..!!

عبد الله الشيخ

اليوم ينتهي عهد حمدوك الأول، ويدخل السودان عصرية حمدوك الثاني

بهذا الاتفاق يكون حمدوك الثاني قد باع قوى الحرية والتغيير وتهيأ للتعامل مع حاضنة جديدة قوامها العسكر وقوى تقليدية ممثلة في المشتركات (الجامِعة) التي يتشكل منها خطاب الوعاء الجامع نفسه، وهو خطاب لا يقبل البرهان عنه بديلا.

لك أن تعيد قراءة عنوان الشراكة الجديدة لترى أنها صُممت على مقاس مكوكية التعايشي، الناشط بين قاعات التفاوض لصالح كتائب الجنجويد!

أنت قد لا تفهم السياسة أكثر من حمدوك ومستشاريه، لكن يمكنك التكهن بأهمية وجود الراعي الرسمي لهذا ( المنشط)، فأين إذن تتواجد شروط حمدوك التي قيلَ أنه يتمسك بها؟ ألا يساهم هذا الاتفاق في (تفويرها) لتبدو مجرد اجراءات توحي أنه يستعيد (حكومته) بمباركة من حميدتي القادر على تغيير المسارات بـ (دهب عامِر) بالقدر الذي يجعل المكون العسكري راضياً عن عبور حمدوك كـ (مخلِّص) وحيد؟

مخلِّصاً لا شريك لرمزيته المدنية..! كيف لا والتفاوض طيلة الشهر المنصرم يتم مع حمدوك كمنقذ للأمة السودانية دون التفاتة لمستوى التضحيات الجسيمة التي يقدمّها شباب الثورة في الشوارع من أجل اسقاط حكم العسكر… كل هذا الوقت المهدر، وكل تلك الدماء التي اريقت، تذهب هدراً، لأن البرهان رضي أخيراً و(تشرَّف بالجلوس إلى ناشطين)!

يريدون أن تُطوى حرارة شارع (المؤسسة) وتُلغى جداول التصعيد الثوري، ويعدونك في المقابل بتشكيل لجنة على غرار لجان حمدوك الأول واطلاق السراح للمعتقلين وغيره مما يمكن للحاضنة الجديدة تبريره كضرورة سياسية، مثلما كانت الوثيقة الدستورية المعيبة…

تلك الوثيقة التي لم يزل البرهان يرفضها، على ما بها من ثقوب هيأت له كل هذا البطش!

اليوم، وبموجب هذا الاتفاق، تكون أولى واجبات حمدوك الثاني فتح منافذ – ملاذات آمنة – لمخارجة قيادة حاضنته، لأن الأهداف الكلية للشراكة الجديدة لا تضمن الوصول لمحطة الانتخابات دون ان تتحقق مُخارجة العسس من ورطتهم.. اليوم دخلت بلادنا في شراكة الدم الحقيقية، التي تتيح للعسكر التنصُّل حتى من الانقلاب، فما هم بقادرين للمدافعة عنه كتصحيح مسار ولا كوضع للبلاد على الطريق الصحيح.. هذا ما يطمح إليه البرهان بفضل من حمدوك الثاني،، فالبرهان يفهم العودة إلى ما قبل الخامس والعشرين من أكتوبر، كأنها نُزهة في شارع عبد العظيم..

هذه شراكة تتعلق بحمدوك الثاني في عهده الجديد كقدر سوداني لا فكاك منه..هذه خيانة لشارع ثائر يُراد له أن يعتبر غزوات البرهان الدموية في شوارع الخرطوم وبحري وأُم درمان، غزوة صيد للحُبار حول جبل الإكسير..!

اليوم، لم يعد هو حمدوك الذي يستحق الشكر.. هاهو يعود الآن موظفاً على أحسن تقويم من المجتمع الدولي، لا حول له ولا يستطيع ، و لايسعى نحو هذا شارع الثورة في سقفه العالي..

ومن هو حمدوك الثاني هذا، إن لم يكن قد ثابَ البرهان الى رشده، وأعاده لمنصبه بهذه الطريقة الاجرائية؟ وما هو الانقلاب إذن، إن لم يكن في هذه التكمِلة؟؟

الجريدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..