مقالات وآراء سياسية

محنة حمدوك

الزبير إبراهيم الكبور 
ما نتفق عليه جميعا .. ان شعبنا القوي قاد ملحمة بطولية انتزعت احترام واعجاب شعوب العالم  بلا استثناء .. الشعوب الغربية التي حسمت امر دولتها المدنية باكرا ، كانت الاكثر اعجابا بثورتنا العظيمة ، وقد تجسد ذلك من خلال التنازلات الكبيرة والسريعة في إنهاء العزلة الدولية وتخفيض الديون غير المسبوق  .. صحيح ان حمدوك كان رمزا لهذا الانجاز مما اكسبه شعبية واسعة حتي مع من يختلف معه بالرأي  ولكن تبقى هذه الانجازات العظيمة وساما أهداه لنا شهداء الثورة وتروس الأرض  من الثوار الذين هم كواليس هذا الاختراق الكبير في عودتنا إلى الأسرة الدولية وتجاوز العقوبات .. الشعوب الافريقية ايضا لم تخفي اعجابها بثورة السودان وتحاول أن تلهم نفسها  وتمنيها بأحلام ثورة شبيهة تصلح واقعها المقموع بدكتاتوريات  الحكام الأفارقة القابضة .. وكذلك الاحترام العربي الخجول باستثناء قلة .. كشعب الجزائر مثلا  الذي وقف بصلابة في أكثر من موقف تضامنا مع شعبنا في المضي قدما بثورته الظافرة المنتصرة ..

أما داخليا .. بعيدا  عن الانحياز لاي حزب او راي منظوم  لفئة .. فلا تزال أمتنا تتباين درجة استيعابها لهذا التحول الكبير .. فالشباب المستنير  من جهة هم الفئة الأكثر تحمسا وهم من أشعل هذه الثورة وقدم مهرها دماء غالية  ولا يزال يعمل بسياسة النفس الطويل (واعيين ومكملين) يعملون بأقصى طاقات الشباب لتحقيق درجة رفيعة من التحول المدني  ولكن ما يعيب حراكهم هو محاولات الأحزاب تبني مجهوداتهم وتسلقها  مستقلة عدم الانتظام والهيكلة الواضحة في صفوفهم فقامت بجرهم إلى أجندتها والتي  في حقيقتها ما هي  إلا استبدال طاغوت بطاغوت وتمكين بتمكين .. وبعد أن نجحت بالفعل في المرحلة الأولى من عمر الانتقال في تسلق ثورة الشباب  رمت بفلذات كوادرها  واهملت دور الشباب  وحجمت دورة  واستكثرت  في أن تبسط لهم ولو بساطا أرضيا بجانب كراسي السلطة التي احتكرتها لكوادرها  ..  وقد وصلت لأبعد من ذلك  بمحاولات مرصودة لقمع تظاهراتهم المتواصلة من اجل الإصلاح في مرات كثيرة  حتي وهي تتبني دولة الحرية والديمقراطية .. فقمعت وبطشت بل وقتلت أصحاب الحق الأصيل واصحاب الملحمه المسروقه .. وهو في تقديري خطأ فادح ارتكبته قوى الحرية والتغيير المنصرمة  وهي تنخرط في صراع محموم مع  أطيافها في لعبه من يحصد مقاعد أكثر لحزبه .. وقد تعدي هذا الصراع شباب المقاومه ليصل الي تناحر هذه القوي مع بعضها البعض وقد شهدنا (زعل) الكثير من هذه الاحزاب .. الانسلاخات المتكررة للقوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير الأصل  .. حتى الشركاء الجدد من  قوى الكفاح المسلح لم يسلموا من هذا الغول الذي اكتنز بشراهة  كل مقعد من مقاعد السلطة صغر ام كبر هذا الكرسي  .. وقد تقلصت هذه اللسته من اكثر من سبعون جسما إلى  مجرد رقم يتم حسابه باصابع اليد الواحدة الي أن حدث ما حدث ..

ومواصله في سرد التباينات التي لا يمكن تجاهلها في هذه المرحلة .. هنالك الشرق .. الذي له لغته الخاصة التي قد تؤدي الي اختلاط الأوراق قليلا مع سقف شباب الثورة .. فصراع الشرق له خصوصيته التي يجب أن ينظر لها بمنظار مختلف عن بقية مكونات البلاد .. فهنالك لا تزال عصبة القبيلة هي الاقوي ارتباطا من اي ارتباطات سياسية او فكرية او حتى دينية اخرى .. اختلفنا مع ترك ام اتفقنا معه واي كان شكل نظامه السابق الذي ينتمي له .. فترك الان ينطلق من منصة مختلفة .. دعونا نتحدث بوضوح .. هو الان لا يتحرك عبر منصة المؤتمر الوطني المحلول بأمر الشعب .. انه ينطلق الان من منصة أبناء الشرق كأحد مكونات بلادنا التي نعترف بها .. لذلك فالتعامل معه يجب أن يكون من هذا المدخل .. واي تمسك منا بحماسة مفرطة في تجاوز ترك يعني أننا نقوم بخلق مزيد من الأزمات التي تحتاج الي عمل متواصل  لتخطيها   واخماد فتنتها .. فليس هناك ثمة ما يمنع من الجلوس والإنصات للمكون الجديد الذي ينطلق منه الرجل ..
وهنالك الاغلبيه الصامته من اهل بلادي .. الذين ضاقت بهم سبل الكسب نتيجة اللا استقرار ولا سلام  ولا رخاء  .. همهم في قفه الملاح اكبر بكثير من طموح المدنية التي نبحث عنها بين متناقضات الأنظمة والأجسام المختلفة في كل صغيرة وكبيره .. وليس لها حتي برنامج حد أدنى تتوافق عليه .. الكل يتآمر على الكل .. إقصاء الخصم .. وتدميره ومحو وجوده من خارطة السياسة في البلاد ..
وفي خضم هذه الفوضى .. عاد السيد حمدوك ..
يلملم جراح وطن اختاره ان يكون ملهمة ومؤسس نهضته .. ليواجه تناقضات مجتمع يتنوع طيفه وفهمه وإدراكه للأشياء وتتعدد مدارسه ومشارب فكره .. أضداد تحتاج خلاصة وعصارة الحكمة لتجتمع في شيء يسير  لبرامج الحد الأدنى الذي أعلنه حمدوك وتحدث عن تفصيلاته  باغتضاب مضغوط يستبان من لقاءه الخاص بقناه الجزيره الانجليزيه ..
حمدوك يقرر ويضع  نفسه في معركة صفين التي كادت ان تقوم قيامتها  .. صف المقاومة الشبابية عاليه السقف وسقف مواطن صامت مغلوب ينتظر ان يحمله حمدوك في مركبته التي قد لا تسع الجميع ليعبر بهم على الأقل في هذه المرحلة .. فالرجل يعلم ان هنالك بيضه قد حان وقت فقاسها وحصاد قد أينع للقطاف ..
وفي ظل كل ما يسوء .. اختار افضل السوءات .. ليامن لقمه شعب جائع اولا ثم ينظر ما هو تاليا من أولويات .. لذا فحاجته الي الإعانة من كل وطني غيور اكثر من اي حاجه مضت .. لمن أراد خيرا للبلاد وللعباد .

إن المرحلة الانتقالية قد لا تكون هي التوقيت الأفضل لتحقيق كل شيء بمثالية .. وحدها صناديق الاقتراع هي الأقدر على صناعة دولة مدنية كاملة الدسم .. لذلك تقف تحديات الاعداد خلال فترة الانتقال كاحد متاريس البناء الذي ينتظر رئيس وزراء الانتقال ..
علي احزابنا  وبخاصة التي رفع عنها التكليف .. أن ترشد قليلا وتتحلى بضبط النفس .. عليها ان تجلس مع قواعدها لترسم ملامح برامجها وإعداد كوادرها وصقل سيوف معركتها القادمة استعدادا لمرحلة وان  الانتقال . .  وان لا تبخل برايها متى ما  تمت الاستعانة بها طالما أنها لا تزال محل ترحيب   .. يجب ان لا تقصم ظهر هذا الاحترام  .
ان الجري خلف المجتمع الدولي ومحاوله خنق البلاد بالعقوبات  امر مؤسف جدا الخاسر الاكبر فيه هو الوطن والمواطن الغلبان .. ان سياسه هدم الاوطان علي الخصوم  ومحاوله التخلص منهم بهذه الطريقه امرا قد تجني علقمه هذه الاحزاب نفسها حين تاتي الي الحكم باي صيغه كانت .. وهو ثمن سيدفعه الجميع طال الزمان ام قصر .. يجب علي القوي المعارضه استبدال وسائلها المسمومه في معارضه الانظمه  وان تبتكر وسائل لا تضر بشعوبها وتهدم بنيان اوطانها .. اننا بالفعل  نحتاج الي معارضه نظيفه ومهذبه تستخدم ادوات لا تضر باوطانها ..
نتمني ان يوفق السيد حمدوك في خياره الصعب  ونتمني ان يجد الدعم من الاغلبيه ان لم يكن من الجميع .. فليس هنالك اجماعا مطلقا  ولكن اشياء كثيره خير من شيء واحد.

‫2 تعليقات

  1. عفواً حمدوك قل اي شيء قل خدعوك قل غشوك ولا تقول لي من اجل الاقتصاد او حقن الدماء كلها كلمات حق يزينون بها الباطل وحمدوك أنت سيد العارفين وخريج مدرسة الشيوعيين نقول عنك كل شيء الا جاهل او سراق تعرف من يموتون لاتفه الاسباب في المستشفيات والطرقات والمنازل بالمئات يوميا ومن يموتون بسبب الغبن والقهر والظلم بالمئات يوميا في انحاء الوطن الشاسع وكله بسبب هؤلاء اللصوص المرتزقة القتلة يمنحون سيادتنا وثرواتنا لدول الجوار الذين يحتكرون ما تبقى من الثروة والسلطة لماذا دمائنا غالية ودماء اهلنا رخصية ام اصوانا عالية واصوات اهلنا ضعيفة وتريدون صمتنا وتخافون الغرق في دمائنا من ارد وقف آلة القتل لا يضع يده على يد القاتل إن كان صادقا يناصرني باضعف الايمان بكلمة حق في وجه حاكم ظالم ولا تمنعني من مواجهة الظلم فأنا في وطن مغتصب ميت ميت بالجوع او المرض او القهر عفواً حمدوك فالموت برصاص العدو بالميدان اشرف بكثير من الموت قهراً ومن غيركم يعطي لهذا الشعب معنى ان يعيش وينتصر

  2. يا سيد كبور ان سيدك حمضوك قد باع دماء الثوار رخيصة في سبيل انقاذ ثلة من شذاذ الافاق و الفلول و المرتزقة و المجرمين و عملاء دول الاقليم من لجنة البعير الامنية الا بعدا لخمضوك و سيبك من مسألة حقن الدماء و الاقتصاد و الطلس دا يجب تسمية الاشياء بمسمياتها حمضوك خان ثقة الثوار و السودانين عليه يجب ان يذهب غير مأسوفًا عليه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..