د. الفاتح إبراهيم / واشنطن
لا شك أن الوضع مشاب بالغموض ويحتاج الى كثير من الصبر والروية وحسن النية .. البلاد في حاجة ماسة الى اناس ذوي عزيمة وهمة هدفها الاوحد فقط خدمة الوطن وليس مكاسب شخصية وقد أشار الى ذلك محقا حمدوك في لقائه مع قناة الجزيرة .. هذه المرحلة الحرجة وكل ما سبقتها من مراحل منذ سقوط نظام الانقاذ تحتاج الى نكران للذات مع نفوس مخلصة طاهرة كإخلاص وطهارة نفوس هؤلاء الشباب والشابات الذين قدموا اقصى ما يمكن أن يقدمه انسان خدمة لقضية آمن بعدالتها .. وهكذا جعل كل العام بمختلف شعوبه وثقافاته يقف اجلالا لها..
إن ما يقدمه الذين يناط بهم مسؤولية إدارة البلاد والعباد في هذه اللحظة التاريخية الهامة مهما كبر في عين البعض فهو جهد المقل مقارنة بما يقدمه شباب الثورة وشاباتها من مهج فتيه بريئة نقية فداءً للوطن ورفعته ..
ومهما حسنت نية رئيس الوزراء – ولا شك في ذلك – هناك من يرى أن هذا الاتفاق وما صاحبه من تداعيات انقذت تلك الشرزمة الانقلابية – ولو الى حين – من مأزق كبير بعد ان ضاقت بهم الارض بما رحبت ولم يجدوا من يتعاون معهم ويقبل منصب رئيس الوزراء .. فجاء هذا الاتفاق وانقذهم في وقت صدرت ضدهم عقوبات الكونجرس وكل المجتمع الدولي يضيق عليهم الخناق ..
والأهم من ذلك وفي اطار حسن النية التي أحيانا تقود الى جهنم سؤال هام يطرح نفسه: هل يضمن حمدوك ومجموعة المتفائلون ان من تم الاتفاق معهم لن يغدروا بالشعب مرة اخرى علما بأنه ما زالت اسباب الغدر قائمة وهي الجرائم التي ارتكبوها والعقاب الذي ينتظرهم ..
تدور الآن نظرة متفائلة ولكن السؤال المحوري الذي يظل بلا إجابة ناجعة: ما الضمان ان يسمح مجرم ما بقيام مؤسسات ديمقراطية قد تقود الى تحقيقات نزيهة لجرائم موثقة التفاصيل مع مرتكبيها ..
وفي الجانب الآخر نرى ابطال الثورة ولجان المقاومة ليسوا معنيين بهذه التجاذبات وانما الذي يعنيهم اليقظة والحذر والاستعداد حراسةً للسقف العالي لمطالب ثورتهم مهما كثرت التحديات والحلول الوسط ولسان حالهم كما المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتـأتـي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
وكأني بمظفر النواب الذي زار السودان بعد نجاح ثورة ابريل تنبأ بوجودهم في قصيدة “خوازيق” حين قال:
نسبي إليكم أيها المستفردون
وكما اعلنوها مرارا:
“وكل الشوارع سد”
