مقالات متنوعة
ومضة الوعي الثوري يا العنصري المغرور كل البلد دارفور

ديسمبريات (3)
عبد الجبار عبد الله
هدوءٌ،
يُهندِس في السِرِّ
ذرّاتِ وثبَتِهِ،
ومجرّاتِ ثورتهِ،
واكتساحَ جحافِلِه الجارفةْ.
هدوءٌ،
يدَمْدِمُ غَضْبتَهُ، ويُكوّرُ قَبْضَتَهُ
ويدوْزِنُ أوتارَ حناجرِهِ الهاتِفةْ.
هدوءٌ،
يسطّرُّ أشعارَ مسيرتِهِ العارفةْ
و يرتّبُ للنصرِ عبر صفوفِ كتائبهِ الزاحفة.
هدوءٌ،
يكدّس الرعدَ والبَرْقَ ضمّادةً
فوق شرايينه النازفة.
وكما زرقاء اليمامة استشرف الشاعر الكبير عالم عباس دنوّ آزفة ديسمبر هذه التي تزلزل أركان الطغاة البُغاة من تحت وميض نار ذلك الهدوء الذي تحسبه هدأة الموت ولكن هيهات. فما الهدوء سوى ذلك التراكم الثوري الكامن والمتنامي على امتداد 30 عاما صوب انفجار براكين الغضب الشعبي في هبّات شعبية قبلها بلوغاً إلى ذروته في انتفاضة ديسمبر الباسلة هذه.
ولكنَّ وحدهم الطغاة الدُّمَى لا يرون ولا يسمعون غليان حِمَم البراكين من تحت أقدامهم إلى أن تأزف الآزفة. وحدهم من يصكّون آذانهم حذر الموت والزلزلة.
وما أن أزِفت حتى سارع طاغوتهم الأعظم إلى ردها إلى عوامل هدم وتخريب وأيادٍ خارجية نسبها إلى إسرائيل وما أسماهم عملاءها في حركة العدل والمساواة. ولأنه ما زال يعزف على أوتار العنصرية البغيضة الذميمة، ظنّ هذه المرة أيضا أنَّ في عشرات الطلاب الأبرياء وغيرهم من أبناء دارفور الذين زجَّ بهم وراء قضبان الزنازين وغرف التعذيب -بذريعة العمالة لإسرائيل وموسادها- طوقَ نجاةٍ له من حِمم البراكين الزاحفة على قصره الرئاسي. ولكن هيهات.
فقد جاءه الهتاف داوياً مجلجلاُ مزلزلاً من حيث لا يحتسب: “يا العنصري المغرور كل البلد دارفور”…وبهذا الهتاف العبقري السديد كسرت جماهير الانتفاضة كل حواجز العنصرية الزنيمة التي طالما حرص نظام الإنقاذ على تشييدها وصونها أداة رئيسية له في بذر بذور الفتنة والتفرقة بين أبناء الوطن الواحد وبناته بذات سياسة “فرّق تَسُد” divide and rule التي انتهجها المستعمر الإنجليزي.
وضمن ذلك التجاوز وإبداعات انتفاضة ديسمبر الملهمة، خرجت علينا تلك الأغنية الشبابية النافية للانتماء القبلي الجهوي والمؤكدة للهوية السودانية وحدها ولا غيرها.
يوم قلتَ سوداني
عايز لي جنسية
قال لي قبيلتك إيه؟
وأنا قلت ناسيها
ممكن تعديها؟
قال ليّ ما ممكن
علشان ضرورية
أنا قلت…
وهاك يا قول وسواطة ولحم راس قبايل رسى في آخر الأغنية على الانتماء للسودان الوطن الواحد ما قد كانَ وما سيكون. وليلحس عنصريو الإنقاذ كيعانهم وليموتوا بغيظهم.
ومضة الوعي هذه ضد العنصرية الزنيمة وحدها ثمرة ما أعظمها من ثمار الانتفاضة. أضف إليها ومضة الوعي المضاد للإسلام السياسي البغيض بأي وجه تجمّل أو جاء. فقد ولى إلى غير رجعة الاحتيال السياسي على الناس وغشّهم باسم الدين. وأدرك شباب الانتفاضة وجماهيرها أن في وحدتهم تكمن قوتهم، وأنه لن يفرّق بينهم لا الدين ولا العرق ولا الانتماء ولا القبيلة.
وفي ذلك الهتاف “يا العنصري المغرور” طوق نجاة لأبنائنا المعتقلين من طلاب دارفور وغيرهم إذا ما صعّدنا قضيتهم العادلة أمام الرأي العام العالمي وعملنا مع منظمات حقوق الإنسان لأجلهم. سوف ننقذهم من قبضة سلطان العملاء والخائنين
وننتصر لهم لا محالة.
تلبس جيش
تلبس شرطة
تمشي امفكو
#تسقط_بس