مقالات وآراء

ألأوفر إكسبيكتيشن    … التوقعات العالية

الباقر علي محمد الحسن

كما أسلفنا في مقال سابق ، كان يوم 25 أكتوبر 2021 ,  كان يوما مفصليا في تاريخ السياسة السودانية ، خلف بصمة ذات طابع خاص في مجريات الأحداث ، البيان العسكري وما سبقه من إعتقالات لرموز سياسية كانت بالأمس هي صاحبة الصولة والجولة في ساحات السياسة السودانية، الإعتقالات أحدثت ربكة في المشهد السياسي في عمومه ، وبدأت ردود الأفعال متباينة،  ما بين مؤيد ومعارض طبعا على مستوى الشارع المنقسم أصلا، المؤيد لم يدرك تماما مترتبات التغيير وآثاره ، والرافض والمعارض للتغيير كان له إعتقادا جازما وحاديا  في أن مناهضة الإنقلاب أو التصحيح ،جهته فقط الشارع بحيث أن الشارع هو من صنع ثورة ديسمبر ،وثورة ديسمبر مستمرة والشارع لا يخون .
بقراءة متأنية لمسار  الأحداث قبل الخامس والعشرين من أكتوبر ، والتي كانت تنبئ بأن هناك إنقلاب وشيك لا محالة  ، إن لم يكن من كبار الضباط الذين على سدة مجلس السيادة كان من المحتمل أن يكون من صغار الضباط وهذا كان الأرجح ، لأن المناخ السياسي كان قاتما ومتوترا بين شركاء الحكم أوصل البلاد إلى حالة من الركود في الأداء العام للسلطتين السيادية والتنفيذية إلى حد سواء ،م ن المؤكد  أن قراءة كهذه لا تخطؤها عين كبار الضباط ولذلك كان لهم حق السبق في عملية التغيير قبل قيام أي مغمورين من الجيش بتغيير النظام بالقوة وهذه المغامرة إن شاء الله لها أن تحدث،  من المؤكد أن تدفع بالبلاد إلى كثير من المزالق،  عزلة دولية وإراقة دماء في شوارع المدن ، بالإضافة إلى عودة الحركات المسلحة إلى الحرب في كل بقاع السودان ،
يتوازى مع ذلك سؤال مشروع ، هل كان بالإمكان عدم اللجوء إلى خيار الإنقلاب التصحيحي؟ أعتقد أنه كانت هناك إمكانية لتفادي قرار الإنقلاب ،إن كان ذلك ، بإزالة أسبابه ، الإساءة والتشكيك الذي تعرضت له القوات المسلحة من جهات شريكة في الحكم مع المكون الذي يمثل القوات المسلحة رمز البلاد وتاجها،  وذلك باللجؤ إلى القضاء، أما حالة فشل الحكومة وبطء أدائها وبالذات فيما يخص معاش الناس كان بإمكان د / حمدوك حل الحكومة وإبدالها بحكومة تكنوقراط مع المحافظة على مقررات إتفاق جوبا مع مداواة ما أصاب الإتفاق من علل ، إن كان ذلك في المسارات أو أي بند آخر .
إما الوثيقة الدستورية والتي خضعت للعديد من التعديلات كان من الممكن إعادة تصويب ما إعتراها من تشوهات أو إعادة صياغة بنودها لتستوعب أكبر قدر من الاحزاب و ممثلين لتجمع المهنيين ،فن تفويت الفرص ، يحتاج إلى كم تراكمي من الخبرات السياسية ، وهذا الامتياز لم يكن متوفرا في الحاضنة السياسية، الحرية والتغيير بجناحيها .
المبادرات الخارجية ، العربية ، الأفريقية ، الترويكا ، الولايات المتحدة و الأمم المتحدة  لم تخرج كلها عن المطالبة بالعودة إلى ما قبل 24 من أكتوبر  والتي تعني تراجعا في قرارات الجيش حيث أن هكذا تراجع يعلي من سقف توقعات الوساطات ويصعب من موقف الجيش للنزول لمثل هكذا حلول لذلك لم تحقق تقدما أو نجاحا في حين أن المبادرات الوطنية لاقت قبولا حيث راعت المبادرة الميثاق عدم إراقة ماء وجه أي من الطرفين المدني والعسكري بالرغم من وجود معارضة في الشارع للاتفاق الذي تم توقيعه بين د حمدوك والفريق أول البرهان .
التحديات التي تواجه د حمدوك ، النجاح في إطلاق سراح كافة المعتقلين منذ 24 أكتوبر  وكفالة السلامة لكافة المسيرات المناهضة للاتفاق،  عقد مؤتمر دستوري شامل لكافة الأحزاب والحركات المسلحة لوضع خارطة طريق تهتدي بها حكومة الفترة الإنتقالية حتى تتمكن من الإسهام في الإعداد للانتخابات في2023 , كما على حكومة حمدوك إكمال كافة هياكل الحكم وذلك بتوسيع قاعدة المشورة والمشاركة بواسطة كافة الأحزاب السياسية والقوى الثورية الحية ، تشكيل لجان تحقيق عدلية مستقلة للتحقيق في كل ما تعرض له الثوار من إغتيالات وتقديم الجناة للعدالة . يبقى ذلك تحت سقف توقعات الشارع ولم تكن بأي حال  إوفر إكسبيكتيشن .

[email protected]

تعليق واحد

  1. اخي احييك على المقال الموضوعي دون فلسفات وشعارات تجافي المعطيات على أرض الواقع.
    علينا دعم حمدوك بقوة والجميع رابح في الاتفاق خصوصا عامةا الشعب.

    ومن مزايا ثورة ديسمبر انه أصبح هناك قناعة راسخة عند الجميع شاملا العسكريين بأن الشعب اجمع على المدنية ولن يتخلى عنها أبدا.

    لذا يظل حمدوك أيضا خيار العسكريين لأنو حمدوك على عكس قحت لم ينزل معهم الى مستوى المخاشنات والإساءات ولذلك كان يجد الاحترام من قادة الحيش وذلك واضح من تصريحاتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..