مقالات سياسية

الثورة والسّلاح

صدام البدوي
[email protected]

إنّ اكثر تركة خلّفها الأستعمار هي الأنظمة الشمولية المتغطرسة في مؤسسات الدولة بالقوة وتعتبر أحتلال داخلي للوطن وشعبه، بحيث تنتهي جماليات الحياة _تحت جحيم القمع _التصفية_الظلم_الأستبداد _ وتبديد الموارد في الحروب الداخليـة، و لك أن تنظر ما يقارب الخمسين عاماً تحت حكم الأستعمار الداخلي جـنيّ هذا الوطن المزيد من القهر والقتل والنزوح والتدهور الاقتصادي والهجرة القسرية بعد تفاحم الظلم داخل وطن تحتلّه البنادق والعقول التي تشع الموت بأفكارهــا الأنتقامية …

أنتفض الشعب في ثورة اكتوبر ضد حكم العسكري بقيادة الفريق عبود وما أن تلّهفت الجماهير لتحوّل« الديمقراطي» عاد قوة السلاح وعقلية العسكر لــسرق احلام شعب مجدداً، وهكذا يتكرر المشهد بعد كل ثورة شعبية تريد تحرير الوطن من قبضة السلاح وعصر الأستبداد، وبعد ثورة ابريل ضد المشير جعفر نميري لم تنمو اظراف الديمقراطية حتي جاءات الجبهة اللاسوموية تحت غطاء مدني بأسوأ انقلاب عسكري قضي علي مظهر الدولة وارجعهـــا الي قاع، توسعت رقعة الحروب وانهارات المؤسسات المدنية بعد السياسيات التصفية التي قامت بها الجبهة لم يتبقي شيءٌ غير الموت او الصمت امام الأحتلال الجديد….

ثلاثون عاماً الحصاد هو تقسيم الوطن وتفتيت المجتمع، وعزلة الدولة عن العالم ، تبديد الموارد في الحروب وبقاء الحكم الأستعماري ، تهجير الكوادر المهنييــة ، تغيب الوعي، اشهار القوة تجآه المعارضيين، لم تنجز البذات العسكرية لهذا الوطن غير زيادة عجلة القتل وتحطيم احلام الشعب وجعلهم مجرد قطيع يخضع لهم بالقوة ولا شيء غير القوة يقدمون لهذا الشعب،« كم هي الخيانة أن تقتل لأنك تطالب بالحياة وحينما يصدح صوت بالحق تُسلب الحياة التي تقتال لأجلهـــا……؟؟ »
وبعد أن توفقت سفينة الأنقاذ وغرقت فوق الدماء الشعب وتعسّرت امام جماجم القتل والمجازر الجماعية، اشتعلت ثورة ديسمبر المجيدة وضربت معاقل الفساد والقتلة وقدمت درساً عظيماً يبرهن قوة وارادة هذا الشعب تجآه حقبة مظلمة الحكم الشمولي العسكري، وأنتصرت بسلميتهــا وجسارة وبسالة الثوار وهم يواجهون آلة القتل والقمع بصدور ٍ عاريا، إنّ صمود الثوار غيّر المعادلات علي ارض الواقع واصبحت ثورة ديسمبر ليس كالثورات السابقة؛ بل صارت ثورة تحريرية لكل مظاهر الأستعمار العسكري لهذا الوطن، ولم تتوقف بعد أن سقط رأس الشيطان للنظام الشمولي بقيادة المشير عمر حسن البشير ؛ لكنهــا تخطّت كل ذلك السقوط المظهري وتقدمت في تحرير الوطن من قبضة السلاح….

وتظل الثورة ديسمبــر المتجزرة في وجدان هذا الشعب حاضرة في كل نفس ٍ طواّق للتغيير الشامل للدولة واستعادة وحدتهــا وتطهير مؤسساتها من براثين الفساد وعقلية العصابات الأستبدادية ، وبعدما فشلت كل المحاولات التي قادهـا الأنقلابيين ضد اجهاض الثورة من صناعة الأزمات واثارة الفتن وآخرهــا المحاولة الأنقلابية الفاشلة والتي كشفت للشعب من هو العدو الحقيقي للوطن واعطت الوجه حقائقهــا، الأنقلاب الذي يعتبر اهانة للمؤسسة العسكرية وصمة عار تكتب في دفتر التاريخ بأنّ هذه المؤسسة ظلت تقاتل الشعب حينما يقودهــا الأعداء لهذا الشعب، انقلاب البرهان ما هو جسر جديد للثورة بأنها تعبر لا تتوقف فالطريق طويل والمعركة مستمرة لا تهزمهــا اية مساومة او رشوة فوق دماء الشهداء ، ورغم ذلك الأنقلاب الغادر والذي يفوح برائحة الخيانة ،خرج الشعب الي الشوارع بعد أن كبح الانقلابيين كل وسائل الحياة _اغلاق الكباري والشوارع والاذاعات والانترنيت والاتصال، والأكثر بشاعة إنّ الاطفال وجدوا الدوشكات والاسلحة الثقيلة تقف امام احلامهم حماية للأنقلاب لا للوطن المستباح، الشعب الذي لا يتنازل عن وطنه لأؤلئك الانقلابيين سيروا المواكب نحو القيادة العامة بحثاً عن شرفاء يحمونهم من القتل ويحررون هذا الوطن ،لم يجدوا سوي اصوات الرصاص والقذائف الغازات ، ورغم قوة القمع لم يستسلم هذا الجيل امام رصاص الخونة وغدرهم ….بل اصبحت احلام هذا ليس طلب مناصب وانما تحرير وطن مازال مستعمراً منذ خروج الأستعمار الخارجي وحتي هذه اللحظة ……

#الردة_المستحيلة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..