مقالات سياسية

شاهدة عيان علي موكب 31 ديسمبر المجيد

ما أعظم غضبك يا شعبي ...

تزامن وجودي في السودان لكي أشارك في عرسه العظيم و هو هبة الشعب السوداني و التي تجلت عظمته في كوكب 25 و 31 و المظاهرات الليلية التي أقلقت ترسانتهم الأمنية …
قررت منذ اللحظة الأولي في المشاركة جلست أفكر علي أن أخطط مع بعض الرفاق و الأصدقاء… تواصلت مع صديقة عزيزة لكي نذهب معا … تعثر الأمر قليلا فقد كان لها تكاليفها الحزبية .. في تلك اللحظة أستحضرت أبيات من قصيدة محمود دوريش ..إن أعادوا لك المقاهي … فمن يعيد لك الرفاق .. أين هم رفاقي الآن..و قد تشردوا و أصبحت المنافي أوطاننا لهم دفعوا إليها دفعا … تذكرت كيف كنا نعمل وسط ذلك الحي الأمدرماني العريق و نحن يفع في أتحاد الشباب السوداني في انتفاضة مارس – أبريل العظيمة ….كنا و رفيقتي الجميلة البت المليانة حب للوطن صديقتي غادة التي كانت شعلة من الحماس و الشجاعة هي الآن خارج السودان كأغلب الرفاق و الرفيقات..تترقب بحماس ثورة الشعب السوداني العظيم…
أخبرت صديقتي بأنني سوف أذهب الي الموكب مع صديقنا المشترك أ-م ….ضحكت صديقتي الجميلة بأن صديقنا صاحب سوابق فقد تم القبض عليه في حراك 18 يناير 2018 لذلك علي أن أكون حزرة قليلا ..
أتصلت علي صديقنا و خططنا علي أن نلتقي في مكان ما في الخرطوم و منها نتوجه إلي صينية القندول…
وصلنا قبل الموعد المحدد عندما وصلنا و لدهشتي العظيمة كان المكان عبارة عن ثكنات عسكرية كميات مهولة من عربات التاتشر تحمل الدوشكا في مواجهة شعب أعزل كان و ما زال يهتف بسلمية الثورة … كمية كبيرة من الشرطة و مجموعة مكافحة الشغب..من يراهم يظنهم بأنهم ذاهبون لتحرير حلايب و الفشقة… لكنهم في حقيقة الأمر يحاربون شعبهم الذين ينتمون إليه بكل تلك العدة و العتاد….
لكي نقتل الوقت و حتي لا نثير الإنتباه توجهنا إلي أحدي ستات الشاي.. كان الدقائق تمضي ببطء شديد و كان القلق رفيقنا في تلك اللحظات الحاسمة من تأريخ الشعب السوداني نكون أو لا نكون ..و قد قرر الشعب بأكلمه أن يكون..هل يتمكن الثوار من الوصول الي القندول و التحرك نحو القصر و قد أصبحت صينية القندول كقطة مشردة وسط مجموعة من الكلاب .. فقد كان المكان محاصرا تماما…و كنت الترقب و إنتظار المستحيل و الذي لم يعد مستحيلا بعد الذي رأيته بأم عيني من بسالة و شجاعة خصوصا وسط الشباب..
أخبرت صديقي وين ناس المظاهرة ..قال لي انظري حولك كل هؤلاء المارة يترقبون ساعة الصفر و إنطلاق الموكب عند الواحدة تماما تلفت حولي مجموعات متفرقة اغلبها شباب و شابات و لكي يقتلوا الوقت مثلنا تجمعوا حول بائعات الشاي.. كانت نقاشتهم أكثر من عادية .. يتحدثون يضحكون و عيونهم مليئة بحب الوطن و الترقب…بعدها بدقائق قليلة و علي بضع أمتار فقط ثلاث بنات في عمر الزهور بدأنا في الهتاف..حرية … سلام و عدالة .. و الثورة خيار الشعب… لحظات و كبرت الدائرة في فترة وجيزة أصبح هناك نحو ما لا يقل عن مائتين و بدؤا في الهتاف …سلمية سلمية ضد الحرامية .. تركت كوب النعناع و توجهنا نحو المظاهرة .. لاحظت بأن أغلب او ربما كل من كان يحتسي كوبا من الشاي توجه نحو تلك المظاهرة هي كانت الأولي بالقرب من صينية القندول.. هي لحظات فقط و مع ارتفاع الهتاف… تحركت عربات الكجر نحونا بعنف شديد حتي كادوا أن يدهسوا المتظاهرين..قمت ببث لايف علي صفحتي في الفيسبوك…. شاهده بعض من في صفحتي ومحاولة إغتيال الشاب ابراهيم و نسبة لسرعة محاولة إغتياله لم نعرف في تلك اللحظة هل هي طلقة أم دهس.. و نسبة للكر و الفر لم أتمكن من حفظ الفيديو .. استعملت كمية هائلة من الغاز المسيل للدموع.. كنت احمل معي قارورة ماء مع خميرة علي حسب توجيهات الثوار و قد أكتشفت بأنه سلاح فعال في مواجهة الغاز المسيل للدموع.. تفرقت تلك المجموعة الي الازقة حول صينية القندول.. بعدها ترجل الكجر و الأمن من عرباتهم و تقدموا نحونا و بدأت الأسئلة مع الترهيب انتوا بتعملوا شنو هنا …تقدم نحونا أحدهم و سألني انتي هنا بتعملي في شنو لم تكون في ذهني إجابة محددة رفعت رأسي قليلا وقعت عيناي علي لوحة كبيرة هنا تباع مكيفات الال جي..فورا أخبرته بأنني أتيت لشراء مكيفات و معاي قريبي أشرت نحو صديقي أ- م .. سألني مرة اخري حسة ماشة وين أخبرته إلي منزلي.. انتهرنا ذلك الأمنجي تعالوا معاي تبعناه و مع مجموعة هي بضع خطوات فقط كانت هناك نحو خمس عربات تاتشر ثلاثة منها كان بها مجموعة من الشباب و الشابات قد تم القبض عليهم.. .. كان كل همهم في تلك اللحظات تفريق المظاهرة و عدم التواجد في صينية القندول و محيطها…
تقدم علي ما أعتقد قائد تلك المجموعة و أمرنا بأن نذهب دون أن نلتفت خلفنا….” أمسكوأ الشارع دا عديل اوعي تقبلو وراء تاني كانوا قساة غلاظ القلب كأنهم لا ينتمون إلى هذا الشعب العظيم…
توجهنا حسب التعليمات حتي انتهي الأمر بنا في ميدان جاكسون.. كانت هناك قوة كبيرة من الشرطة .. و في ظني هؤلاء هم أمنهم الشعبي بعد أن أصبح لا أمن و لا أمان لهم ..
في ميدان جاكسون كانت الحياة شبه مشلولة حيث توقفت حركة الموصلات تماما كانت توجد مجموعة من الناس في انتظار وسيلة موصلات و إن كان صديقي قد أخبرني في هكذا يوم لا يخرج الناس الا من يريدون التظاهر.. توجهنا مرة اخري نحو أحدي بائعات الشاي في محاولة للالتحام مع الموكب نحو القصر ..كانت محاولة الرجوع الي نقطة التجمع صعب جدا.. ترسانة أمنية تفوق الخيال… بعدها سمعنا بأن الموكب تحرك نحو موقف شروني و كلية الطب عندما وصلنا وسط أدخنة الغاز المسيل للدموع…. و قد صعبت الرؤية و الله أن مددت أصبعا من اصابعك العشر لا تراه…و كان قد فض الموكب بقوة ..
من ملاحظاتي التي لا تحتاج إلي ذكاء خارق كمية الشباب المشارك و أغلبهم إن لم يكن جلهم قد ولدوا في ظل هذا النظام الفاسد .. الشجاعة في مواجهة القوة الأمنية فاتحين صدورهم للرصاص و القناصة.. رافعين وجوهم في شموخ يأسر كل من يراه ..رغم وجودهم الكثيف و بطشهم بالمتظاهرين و المتظاهرات..التكاتف و حماية بعضهم البعض..
اقول لمن يظن بأن هؤلاء الشباب غير منظم و لا قادة لهم قد خاب ظنكم..لم أجد تنظيما اقوي من موكبي 25 و 31 ..
فهؤلاء الشباب يعرفون تماما خطواتهم التي في رائي قد خطط لها بإمتياز … شباب غايةفي التنظيم.. ملتزمين بسلمية المواكب و التظاهر .. مما أشعرني بأن السودان ما زال بخير و بأن الأرض الطيبة ولادة و لم تعقر بعد .. و بأن هؤلاء الشباب و الشابات هم أحفا أباءهم و أجداهم من أبطال الحركة الوطنية علي مر السنوات…
التحية للثوار في أكل بقاع السودان الحبيب شمالا و جنوبا..شرقا و غربا …المجد و الخلود لشهداء ثورة ديسمبر..و لكل شهداء التغيير في العالم..
أخيرا أقول بأن ثورتنا مستمرة حتي يسقط هذا النظام الفاشسستي أو الموت دون ذلك … بأن هؤلاء الشباب أثبتوا للعالم أجمع بأنه صانع التغيير مع كل فئات الشعب السوداني.. علينا فقط أن نستمر في المواكب الهادرة و أن نجعل نومهم حلم بعيد المنال بالتظاهر في كل المدن و الارياف ليلا.. حتي يذهب هذا النظام إلى مزبلة التأريخ…
النصر لنا و أن طال السفر.. التحية لتجمع المهنيين..التحية الشعب السوداني معلم الشعوب.. التحية للشباب الذي قرر مصيره و هو الإنعتاق من هذا النظام.. من أجل الحرية و العدالة الإجتماعية و دولة القانون …
و من هنا أعلن أنا سوزان كاشف بأن تجمع المهنيين يمثلني تماما و أنني أدعم كل توجهاته حتي يسقط هذا النظام المتهالك..

 

سوزان كاشف – فيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..