أخبار السودان

رهان على طول النفس بين المحتجين والنظام السوداني

البشير محاصر بكم كبير من المشاكل، لكنه يستفيد في المقابل من تغير المزاج في المنطقة العربية وشيوع الخوف من الفوضى.

يراهن نظام الرئيس السوداني عمر حسن البشير على الخفوت التدريجي لحركة الاحتجاج المشتعلة ضدّه منذ التاسع عشر من شهر ديسمبر الماضي، ويعمل على تفكيكها تدريجيا بجرعات من القرارات والإجراءات مثل تجميد أسعار السلع الأساسية والترفيع في الرواتب، بالتوازي مع الحلّ الأمني المتمثّل في مواجهة المتظاهرين بالشوارع، وشنّ حملات اعتقال لمن يُعتقد أنّهم محرّضون على التظاهر، وقادة ميدانيون للمحتجّين.

وتدرّج المتظاهرون السودانيون في مطالبهم من تحسين الأوضاع المعيشية، إلى رفع شعار إسقاط النظام، إلّا أن الاحتجاجات لم تسلك منحى تصاعديا منتظما نظرا لعفويتها وافتقارها للقيادة الموحّدة.

وتحاصر العديد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المتراكمة عبر قرابة ثلاثة عقود، نظام البشير وتعقّد من مهمّته في مواجهة موجة الاحتجاج، إلّا أنّ الرجل يستفيد في المقابل من تغيّر المزاج في المنطقة العربية، وتصاعد المخاوف ممّا قد تفضي إليه الاضطرابات من فوضى على غرار ما يجري في ليبيا، وما حدث في سوريا، وما آلت إليه الأوضاع في اليمن.

وخرج، الجمعة، المئات من المتظاهرين عقب أدائهم صلاة الجمعة، بمسجد ود نوباوي، بمدينة أم درمان، معقل طائفة الأنصار التي يتزعمها الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي المعارض.

وردّد المتظاهرون شعارات منددة بتدهور الأوضاع الاقتصادية ومطالبة بتنحي الرئيس عن السلطة. كما تداول نشطاء أنباء عن خروج تظاهرات محدودة في أحياء الحلفايا، وأركويت، وبيت المال، والكلاكلة والجريف شرق العاصمة الخرطوم، التي شهدت منذ صباح الجمعة انتشارا أمنيا كثيفا.

وهتف المتظاهرون الذين خرجوا من مسجد ود نوباوي “الشعب يريد إسقاط النظام” و“سلمية ضد الحرامية”، وتصدّت لهم قوات الشرطة بالغاز المسيل للدموع.

وفي سياق متّصل أعلنت شبكة الصحافيين السودانيين غير الحكومية عن اعتقال السلطات الأمنية لثلاثة صحافيين، هم فيصل محمد صالح، وقرشي عوض، وكمال كرار.

وكان تجمع المهنيين السودانيين المستقل قد دعا إلى الخروج في مسيرات عقب صلاة الجمعة، تحت مسمى جمعة “الحرية والتغيير”، لكن المظاهرات لم تأخذ وفق شهود عيان زخما كبيرا.

ومرّ السودان خلال فترة الحكم الطويلة للبشير بعدّة هزات أبرزها انفصال الجنوب عنه وذهاب أغلب الثروة النفطية للدولة الوليدة، لكنّ النظام ظلّ مستقرا، حيث تشكّل الاحتجاجات الحالية أكبر تهديد يواجهه منذ 1989.

وأدت الاشتباكات إلى مقتل 19 شخصا منذ اندلاع التظاهرات في 19 ديسمبر الماضي. وقد بدأت باحتجاج على رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، ولكن سرعان ما تحولت إلى احتجاجات ضد حكم البشير.

وقدّرت منظمة العفو الدولية عدد ضحايا الاحتجاجات بـ37 قتيلا، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى فتح تحقيق في مقتل المتظاهرين.

وقال إريك ريفز من جامعة هارفرد والمتابع للسياسة والاقتصاد في السودان منذ عشرين عاما “هذه التظاهرات والغضب الذي أدى إليها هي أقوى من أي تظاهرات أخرى شهدناها في السنوات الأخيرة”، مشيرا في تصريح لوكالة فرانس برس بأنّ “نقص الخبز والزيادة الهائلة في الأسعار ربما كانا من أكبر الأسباب للغضب الشعبي الفوري وليس هناك شيء يمكن أن يخفف من المشكلة”.

واندلعت الاحتجاجات عندما رفعت الحكومة سعر رغيف الخبز من جنيه سوداني واحد إلى ثلاثة جنيهات ( من 2 إلى 6 سنت أميركي تقريبا).

وأشعل المتظاهرون النار في العديد من المباني والمكاتب التابعة لحزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه البشير في بداية أعمال العنف. كما تبنى بعض المتظاهرين الشعار الذي أطلق خلال “الربيع العربي” في 2011 “الشعب يريد إسقاط النظام”.

العرب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..