عودة حمدوك إلى رئاسة الوزراء لا تنهي أزمة السودان

لا يزال المحتجون السودانيون يحشدون ضد الاتفاق السياسي بين رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وقائد الجيش الفريق ركن عبدالفتاح البرهان مطالبين باستعادة الحكم المدني، فيما تؤكد الأمم المتحدة والقوى الدولية الفاعلة في الأزمة السودانية أن عودة حمدوك إلى رئاسة الوزراء جنبت البلاد سيناريو عنف، لكنها لم تنه الأزمة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك، “نحن لا نعتقد أن السودان قد أنهى أزمته بعدُ”.
وأضاف دوجاريك “نحن نعتقد أن السودان ربما يكون قد تجنب سيناريو المزيد من العنف”.
واستدرك “لكننا لا نزال نعتقد أن السودان في حاجة للتوصل إلى اتفاق حول المرحلة الانتقالية، بحيث يؤدي هكذا اتفاق إلى إجراء انتخابات”.
ويشهد السودان منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي احتجاجات رفضا لإجراءات اتخذها البرهان في اليوم ذاته، وتضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل حمدوك، عقب اعتقال قيادات حزبية ومسؤولين، ضمن إجراءات وصفتها قوى سياسية بأنها “انقلاب عسكري”.
ورغم توقيع البرهان وحمدوك اتفاقا سياسيا في الحادي والعشرين من نوفمبر تضمن عودة الأخير إلى منصبه، وتشكيل حكومة كفاءات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتعهُّد الطرفين بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي، إلا أن قوى سياسية ومدنية عبرت عن رفضها للاتفاق باعتباره “محاولة لشرعنة الانقلاب”، متعهدة بمواصلة الاحتجاجات حتى تحقيق الحكم المدني الكامل.
وفي أكثر من مناسبة شدد البرهان على أنه أقدم على إجراءاته “لحماية البلاد من خطر حقيقي”، متهما قوى سياسية بـ”التحريض على الفوضى”.
وتواجه مهمة حمدوك مشكلات يتوقع أن تقود إلى عرقلة خروج حكومته الجديدة إلى النور قريبا، لأن الحركات التي انحاز بعضها بشكل ضمني والآخر بشكل صريح لقرارات قائد الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي ترفض التنازل عن مكتسباتها في السلطة، حيث خسرت جزءا من شعبيتها في الولايات، وتعول على أن يكون وقوفها مع الجيش مقدمة لتصبح حاضنة سياسية بدلا من قوى الحرية والتغيير.
ولا تحظى توجهات حمدوك نحو تشكيل حكومة كفاءات مستقلة بقبول القوى السياسية، التي تسعى للعودة الكاملة إلى أوضاع ما قبل الخامس والعشرين من أكتوبر، ومتوقع أن تكون ردة فعلها قوية في حال فشل في إقناع الحركات المسلحة بالتخلي عن الوزارات المخصصة لها في الحكومة السابقة.
وأطلقت قوات الأمن السودانية الثلاثاء الغاز المسيل للدموع على الآلاف من المحتجين المتجمعين في وسط الخرطوم.
ونظم المحتجون مسيرات في أرجاء السودان وإلى القصر الرئاسي، في أحدث مظاهرات الاحتجاج على الحكم العسكري منذ “انقلاب” الشهر الماضي.
السودان يشهد منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي احتجاجات رفضا لإجراءات اتخذها البرهان في اليوم ذاته، وتضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل حمدوك
وقال التحالف المدني المعروف باسم قوى الحرية والتغيير الذي يقود الاحتجاجات “سنواصل التصعيد الجماهيري رفقة كل قوى الثورة الحية، حتى تمام زوال الطغمة الانقلابية الجاثمة على صدر الوطن”.
ويسعى تحرك القوى المدنية إلى الحفاظ على سلاح المظاهرات لمواصلة الضغط على مجلسي السيادة والوزراء، بعد تعديل تركيبة كليهما الذي لم يحقق أهداف فصيل رئيسي في قوى الحرية والتغيير، يرفض التعاون مع الجيش ويريد ترسيخ فكرة أن اتفاق الطرفين لن يثنيه عن الترتيبات الزمنية المعدة سلفا للمظاهرات في الشارع.
ولا ترفض القوى المدنية حمدوك كشخص أو سياسي محنك، لكنها ترفض اتفاقه مع البرهان، وهي الزاوية التي تضع تفاهمه الأخير معه في عين العواصف القادمة من الشارع، والتي سيؤثر اشتدادها على مدى ثبات الاتفاق.
ويشير مراقبون إلى أن مواكب المظاهرات في الشارع لن تتوقف، لأن توقفها يرفع ما تبقى من رصيد سياسي لحمدوك، ويمنح المكون العسكري فرصة للانفراد به، وهو ما لن تسمح به قوى دولية عديدة بدأت تتشدد في ضمان تسليم السلطة للمدنيين، لذلك رهنت تقديم مساعدات بما يجري من تقدم حقيقي بشأن اتفاق البرهان وحمدوك.
العرب