مقالات سياسية

ماذا بعد ان يذهب حمدوك؟

م. امجد مصطفى – جلاسجو

كنت قد اخترت اسماً لمقالي هذا “حمدوك يجب ان يذهب”، ولكن بعد دراسه متأنيه للوضع السياسي الراهن في السودان، وجدت ان العنوان الاصح هو “ماذا بعد ان يذهب حمدوك؟”، حيث ان إستقاله او إقاله حمدوك هي مسألة وقت فقط لا غير.

حمدوك و بعد ان وقع اتفاقه مع البرهان ليصبح رئيس وزراء الإنقلاب، وجد نفسه مباشرة في حالة عداء مع الشارع الثوري، الذي لا يري بديلاً عن تنحي العسكر تماماً عن المشهد السياسي و محاكمتهم علي جرائمهم.

حمدوك الآن بين مطرقة الشارع الثوري الرافض لإتفاقه، و سندان العسكر الذين يستعملونه كأداه لشرعنة انقلابهم، ومعلوم انهم بعد ان يؤدي دوره المرسوم له سيتخلصون منه، عزلا او انقلاباً او حتي قتلاً.

بداهة لا تنتطح عنزتان علي ان العسكر في السودان لا امان لهم ولا ذمه، وليس هناك من سبب يدعوا اياً كان لتصديق فريتهم الجديده، وهي انهم من خلال اتفاقهم مع حمدوك حريصون علي المدنيه، وجادين في تطبيق الوثيقه الدستوريه التي انقلبوا عليها اصلاً. ومخطئ حمدوك اذا ظن انهم سيلتزموا باتفاقهم معه.

الجميع يعرف انهم اعادوا حمدوك ليتسني لهم الخلاص من ضغط المجتمع الدولي الرافض لإنقلابهم، وليضمنوا استعادة الدعم الدولي الإقتصادي الذي توقف بعد الإنقلاب، ومتي ما تجاوزوا هذه العاصفه، وتمكنوا من تشكيل المؤسسات المنصوص عليها في الوثيقة الدستوريه (بما في ذلك مفوضية الإنتخابات) علي مقاسهم, سيتخلصوا من حمدوك بعد ان يكون قد لعب دوره المرسوم له، وبعد ان تنتفي حاجتهم إليه.

طبعاً، وفي رأيي الشخصي، حمدوك لن يستمر في منصبه طويلاً بما يمكن الإنقلابيين من تحقيق اهدافهم اعلاه، حيث انه آجلاً ام عاجلاً سيجد نفسه عاجزاً عن مواجهة العسكر و غير قادر علي الإستقلال بقراره، خصوصاً وان المجلس السيادي (او بالاصح رئيسه) وضع نفسه سلطة اعلي من حمدوك ووصياً عليه، واعطي نفسه سلطة مراجعة قراراته. تجلي هذا مؤخراً في تعيين رئيس القضاء، وسيتجلي ذلك اكثر في تعيين النائب العام وبقية المناصب المحورية ذات التأثير مثل اعضاء لجنة ازالة التمكين الجدد.

حمدوك يواجه حالياً معضلة تشكيل حكومة الكفاءات التي عاد من اجلهاً، خصوصاً بعد تصريحات حميرتي الاخيره عن تمثيل القبائل في الحكومة المقبله، وبعد تصريحات مرتزقة الحركات المسلحه عن اتفاقية جوبا التي تضمن تمثيلهم في الحكومة بغض النظر عن الكفاءه.

المجتمع الدولي وإن كان قد رحب بحذر بالإتفاقية الاخيرة، لا يزال يتريث في إتخاذ اي قرار بشأن إعادة الدعم الإقتصادي، خصوصاً في ظل الحراك الشعبي المتواصل والذي لابد سيتصاعد في الايام المقبله مع إقتراب الذكري الثالثه للثورة، والكونجرس الامريكي لا يزال مصراً علي معاقبة “معرقلي التحول الديمقراطي في السودان”، خصوصاً بعد سقوط العديد من الشهداء منذ الإنقلاب (عليهم الرحمة والمغفرة)، بالإضافة لإستمرار إنتهاكات حقوق الإنسان في دارفور، وفي كافة انحاء السودان.

حمدوك سيواجه رفض الشارع لحكومته، واستهانة العسكر بقراراته، وتباطؤء الدعم الدولي مع تزايد وتيرة و حدة الإحتجاجات و المواكب المعارضه والمسيرات، والتي لاشك ستقمع بقسوة مفرطه من قبل كلاب الأمن ومرتزقة الجنجويد وكتائب الظل العائده الي الخدمة بأمر العسكر، مما لن يدع له مجالاً للإستمرار في هذه الكذبة التي صدقها، وهي ان عودته ستردع العسكر عن غيهم وستوقف سفك الدماء.

السؤال المهم هو، ماذا سيحدث بعد ان يستقيل او يقال حمدوك (لا فرق)؟
في ظني ان العسكر سيجدوا انفسهم حيث كانوا عشية انقلابهم، في مواجهة شارع عنيد وغاضب يقوده الجيل اللي راكب الراس، وامام رفض شعبي و ضغوط وعزله دوليه و في مواجهة جرائم كثيره عقوبتها الإعدام. للحديث بقية.

[email protected]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..