أخبار السودان

ثنائي كورونا والشرق.. مخاطر في جسد الدولة 

الخرطوم: علي وقيع الله

ثمة كوارث وأحداث متماذجة بين الطبيعية والمصتنعة تحدق بسماء البلاد، على كل يبقى التلويح و التهديد أمرا قائما تارة بإغلاق البلاد خشية من تفاقم متحور كورونا الذي أعلنته الحكومة متمثلة في اللجنة العليا للطوارئ الصحية الذي ربما إن تصاعدت معدل الإصابة به ستنفذ السلطات إجراءات الإغلاق بشكل أو بأخر، وتارة خطر الإغلاق من قبل المجلس الأعلى لنظارات البجا بشرق السودان، وبين هذا وذاك تزداد حدة المعاناة على كاهل المواطن الذي سئم من مرارة الإغلاق السابقة من قبل جائحة كورونا وأخرى من جانب أهل الشرق، وكانت قد ظهرت التأثيرات الاقتصادية جلياً عقب تطبيق ذلك في السابق، وتكرار ما حدث بات مرفوضاً بحسب قراءة محللين اقتصاديين للمشهد الذي أصبح هشاً أكثر من أي وقت مضى.

كورونا والشرق

وفي العام الماضي طبقت الحكومة الانتقالية الإغلاق الكلي والجزئي للبلاد نسبة لانتشار فايروس كورونا، مما أدى ذلك إلى ارتفاع في معدل التضخم وتصاعد صارخ في الأسعار، نتيجة لمحدودية ساعات العمل في العديد من المصانع الغذائية والشركات وكذلك المؤسسات بالبلاد، إلى أن صار الوضع الاقتصادي إلى ما هو عليه دون التحكم والسيطرة عليه، وفي غضون الفترة الأخيرة الماضية نمت في البلاد معضلة كبرى خاصة بقضية شرق السودان التي تسببت في إغلاق الموانئ والطرق بالشرق، لكن هذه أخذت طابعاً آخر حيث عززت من ضعف الاقتصاد بشكل عام، لجهة أن الشرق يعد البوابة الرئيسية لشريان الاقتصاد في البلاد، وظهرت المأساة في الفترة الماضية بعد السطو على إجبار التوقف لحركة الموانئ والنقل من بورتسودان إلى المركز والولايات لفترة لم تكن بالقصيرة، ورغم المساعي لتدارك الأمر وقتها إلا أن المحاولات باءت بالفشل دون تحقيق المطلوب.

السلامة للجميع

وكان عضو مجلس السيادة الانتقالي ورئيس اللجنة العليا للطوارئ الصحية د. عبدالباقي عبدالقادر الزبير، لوح بإغلاق البلاد في حال لم يلتزم المواطنون بتوجيهات اللجنة العليا للطوارئ الصحية وموجهات مجلس الأمن والدفاع الداعية للالتزام بارتداء المكامات في الأماكن العامة والاشتراطات الصحية، فيما وجه وزارة الصحة الاتحادية عقب لقائه الأسبوع الماضي وكيل وزارة الصحة الاتحادية د. هيثم محمد إبراهيم، بحضور مدير الإدارة العامة للرعاية الصحية الأساسية د. خليل محمد إبراهيم ود. الفاضل محمد محمود مدير إدارة الطوارئ ومكافحة الأوبئة بوزارة الصحة الاتحادية ومدير عام الطب العلاجي، بالتأهب والاستعداد والجاهزية التامه لمجابهة تنامي وتحور فايروس كورونا، مؤكداً أن الانتشار السريع لمتحور كورونا قد يؤدي إلى الإغلاق التام للبلاد وأن اللجنة العليا للطوارئ تتطلع لتنفيذ هذه الموجهات، وطالب الجهات الحكومية والخاصة باتباع مواجهات وزارة الصحة الاتحادية حتى نضمن السلامة للجميع.

الإعلان المحتمل

فيما يعتقد المحلل الاقتصادي الدكتور، وائل فهمي بدوي، أن من أهم أسباب التأخر الاقتصادي في السودان عن ركب الدول التي تقدمت عموماً ودول الجوار خاصة وقبل توقيع اتفاق السلام الأخير، هو لجوء أي سياسي مستحق لقضية عادلة لمن يمثلهم استخدام كل أدوات الضغط المسلح للوصول الى غاياته الشخصية والعامة، وقال عبر إفادته لـ(اليوم التالي) إنه بعد توقيع اتفاق سلام جوبا وظف سياسيو الشرق الحبيب في إطار رفضهم لمسار الشرق باتفاقية سلام جوبا، أدوات الضغط الاقتصادي وذلك بالتحكم في مؤسسات بنيات أساسية ذات طابع قومي اقتصادي ويتصل بمعيشة وصحة الشعب السوداني والشعوب المجاورة، بل بالأمن القومي للسودان لتأمين استقرار الأوضاع العامة بالبلاد، وأشار إلى أنه لا يتم التركيز على مدى سلبية استخدام تلك الأدوات سياسياً على أداء القاعدة الإنتاجية للاقتصاد ونموءا مما يؤدي إلى إضعاف نمو الاقتصاد وازدياد الفقر، ويعتبر أن هذا النهج كارثة سياسية لا تشبه تاريخ أهالي الشرق النضالي الغائر في القدم بتلك الأراضي السودانية، وقال: رغم تأجيل بدء الإغلاقات لأسبوعين الآن مع الإعلان المحتمل للجنة العليا للطوارئ الصحية بالإغلاق الكامل للبلاد بسبب فايروس كورونا المستجد، ويتوقع أن المتعاملين بالتجارة الخارجية والسوق الأسود للعملات ربما قيام التجار بالمضاربات في السلع وبالتالي ستكون المحصلة النهائية هي ارتفاع تكاليف الإنتاج وازدياد غلاء المعيشة باستخدام البدائل المتعددة للإغلاق الخاص بالشرق أو العام، وزاد من سقف التوقعات أن تؤدي خيارات البدائل المرتفعة التكاليف في الانكماش النسبي للإنتاج القومي وانكماش إيرادات الخزينة العامة، في ظل انحسار التمويل الدولي بعد التغيير السياسي في ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١، مع زيادة مصروفات ذات الخزينة لمقابلة الارتفاعات في الأسعار، ومن ثم ارتفاع معدلات التضخم وإضعاف الاحتياطي الدولي وارتفاع سعر الصرف بناءً على التوقعات قبل الحدث في حد ذاته.

الوضع قاتم

وقال المحلل الاقتصادي الدكتور عبد الله الرمادي في تصريح لـ(اليوم التالي): يعجز القائمون على الأمر بحل مشكلة الشرق التي في طريقها إلى التفاهم وربما إغلاق الطرق والميناء بعد انتهاء المهلة، وتابع: بحسب ما أعلنته الجهات الرسمية أن ما تبقى من جازولين في البلاد لا يكفي أكثر من أسبوع، واصفاً أن هذا الوضع قاتم إلى الحد البعيد وهذا ينذر رغم إغلاق معظم المصانع لعدم توفر مدخلات الإنتاج وقطع الغيار، وتابع: أن أكثر من 80% من المصانع قد تم إغلاقها وتوقف إنتاجها وهذا يشير إلى إبطاء في مسيرة الاقتصاد، وحذر من حدوث ضائقة اقتصادية قد تؤدي إلى الانهيار التام في الدولة وحينها يعلن بأن السودان دولة فاشلة وهذا ما يفتح الباب للأمم المتحدة لتضعه في البند السابع، وأبدى الرمادي قلقه من أن يكون هذا هو المخطط الذي يساق إليه السودان، وقال إن بالبلاد إمكانيات تكفي قارة ناهيك عن أكثر من 42 مليون نسمة، وتابع: إذا استمر الوضع كما هو عليه فإذن نحن مقبلون على أسوأ فترة تمر بالبلاد.

 

تجربة الإغلاق

المحلل الاقتصادي الدكتور الفاتح عثمان محجوب، قال في حديثه لـ(اليوم التالي) إن مشكلة شرق السودان تحتاج إلى علاج سريع وحكيم وحازم في ذات الوقت لأن الإقليم يقع في منطقة حساسة جداً للاقتصاد السوداني، وأعرب عن أمله في أن يكون هناك اتفاق سياسي جديد يشارك فيه كل أطراف شرق السودان لأن إغلاق الميناء والطرق المؤدية له أو حتى التهديد بذلك يشل الاقتصاد السوداني، وحول كيفية التعامل مع فايروس كورونا قال: هذا أمر يحتاج لحكمة بالغة ويجب الاتعاظ من تجربة الإغلاق السابقة الفاشلة تماماً التي أدت إلى إرغام المواطنين على دفع أربعة أو خمسة أضعاف ثمن تذكرة السفر بالبصات ليسافر بالشريحة أو اللواري في ظروف كارثية، بينما يعاني المواطن من تكدس الصفوف بحثاً عن الخبز والغاز والكاش في المصارف مما حول الإغلاق لقضية تعطيل الاقتصاد، وأضاف أن الراهن في البلاد يعكس حالة عدم وجود أي طرق لتجنب العدوى في ظل اضطرار المواطن للسفر وركوب مواصلات غير جيدة وبتكلفة عالية، وناشد في خلاصة حديثه أنه على الحكومة تجنب تجربة الإغلاق العام والعمل على زيادة التطعيم وتوزيع الكمامات والمطهرات مع العمل الجاد لحل مشكلة شرق السودان.

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..