أخبار السودان

الإعلان السياسي..أزمة أم حل؟

أي اتفاق يبرم الآن لا يعني الجماهير المحتشدة في الشارع

الإعلان السياسي لا يلغي الوثيقة الدستورية وهو خارطة طريق

الحل يكمن في الإجماع الوطني دون عزل أحد

الإعلان السياسي شرعنة للانقلاب

الخواض عبد الفضيل

يبدو أن حالة الاحتقان السياسي في المشهد السوداني أصبحت واقعاً معاشاً رغم أن الاجتهادات التي تبذل هنا وهناك، لم تفسح الطريق أمام كل هذه التعقيدات.

وفي محاولة جديدة من رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك، تتهيأ الساحة لإعلان سياسي قادم يجمع القوى السياسية على مشروع وطني من كل المكونات، لكن في المقابل مراقبون يرون في الإعلان السياسي القادم أن هذا الإعلان لن يجد قبولاً من القوى السياسية الساخطة على قرارت البرهان الأخيرة، بينما هناك من يرى أنه قد يكون وسيلة للمخرج بالمشهد السوداني.

 

الإعلان السياسي لا يلغي الوثيقة الدستورية وهو خارطة طريق

الجنرال  والقيادي  بالحركة الشعبية شمال جناح جلاب الفريق  السنوسي محمد كوكو قال لـ(اليوم التالي)، إن الاتفاق السياسي مابين البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك الذي تم التوقيع عليه من قبل، يتكون من عشرة بنود والبند رقم (6) في الاتفاق السياسي به إعلان سياسي ضمن استحقاقات الفترة الانتقالية، بالإضافة إلى عدة مقترحات من القوة الوطنية بالإضافة إلى إعلان مقدم من الحرية والتغيير منصة التأسيس والميثاق الوطني، مضيفاً إلى أنه وبعد الجلوس مع البرهان أمن على إعلان اتفاق سياسي واحد يكون ملزماً للتنفيذ، وأضاف أن الإعلانين المقدمين يقدمان ضمن إعلان سياسي واحد. وأضاف إلى أن الإعلان السياسي لا يلغي الوثيقة الدستورية، وهو خارطة طريق للعبور بالفترة الانتقالية وهذا هو المناط به، وسوف ينجح إذا وجد الإرادة وكل التوافق من كل الكيانات السياسية، وهنالك موجهات أساسية لابد من الإعلان السياسي أن يعمل عليها وأن يكون هذا برمته داخل مظلة ثورة ديسمبر المجيدة، على الأقل الناس تعبر بالفترة الانتقالية على حسب ماورد في الوثيقة الدستورية باستكمال الهياكل العدلية والمجلس التشريعي وإقامة المفوضيات التي تخص وتساعد في الانتقال الديمقراطي، لأنه لابد من أن ينفذ الوضع الانتقالي. وزاد إذا وجد الإعلان السياسي الإرادة والشفافية في التنفيذ، فإنه سيعبر بالفترة الانتقالية إلى وضع دمقراطي سليم.

الحل يكمن في الإجماع الوطني

من جانبه يرى القيادي بالمؤتمر الشعبي الأستاذ أبوبكر عبد الرازق أن الاتفاق السياسي المطروح الآن، يأتي في سياق الاتفاق السياسي بين  البرهان وحمدوك ولا يكون مثل الوثيقة الدستورية بل متفوقاً عليها. ومن جانب آخر الإعلان السياسي هو أطروحة تتبناها بعض الأحزاب التي تنتمي إلى المجلس المركزي وبعض من قحت الثانية، بالتالي العناصر ناقصة ويصعب أن تحل الأزمة السودانية بل قد تعجز في تسهيل حل المشكلة، وقد تؤدي إلى تماديها وتطاولها،  لافتاً إلى أن الحل يكمن في إجماع وطني كامل يجلس له الجميع دون عزل أحد حتى الذين يساندون الانقلاب من الخلف وينتمي إليهم البرهان سياسياً، ينبغي أن يكونوا مع الناس على الطاولة حتى يستطيع الناس أن يتحاوروا معهم لأن في عدم وجود اصطفاف سياسي يفشل كل شيئ، وفي تقديري أن هذا مثل الإعلان السياسي السابق الذي حافظ على مكاسب الانقلاب، بل أضاف إليه مكسبين آخرين يتمثلان في تعديل الوثيقة الدستورية، بالإضافة إلى أن حمدوك تحصل على مكسب شخصي في العودة إلى رئاسة مجلس الوزراء وكسب نسبي للمعتقلين السياسيين، بأن فك أسرهم ببلاغات وضمانات غير ذلك أن العساكر حافظوا على ملامح وصفات الانقلاب في إطار الاتفاق السياسي والأطروحة التي تطرح الآن لاتخرج عن هذا المعنى كثيراً، بل تفتقد الإجماع عليها، مشيراً إلي أن أي محاولة بعيداً عن الإجماع ستكون محاولة فاشلة، إذا بإبعاد أحزاب أخرى أو أحزاب المجلس المركزي للحرية والتغيير. الدليل على ذلك أن البلد مازالت تعيش في أزمة مستفحلة أسوأ من الأزمة التي كانت تعيشها قبل الانقلاب فقبله كانت البلاد تعيش في شئء من الجبروت والصلف بانتهاك حقوق الإنسان والحريات، في ظل وثيقة دستورية تتحدث عن الحقوق والواجبات جازماً بأن مايحصل الآن هو ملامح انقلاب كامل الأركان ليس له علاقة بالاختراق الحقيقي للأزمة، لذلك الاتفاق الحقيقي هو الإجماع الوطني بإعطاء الحريات والتحول الديمقراطي وتحديد فترة الانتخابات والاتفاق على قانونها وعلى تكوين الحكومة من كل الطوائف بمشاركة كل المقترحات المقدمة من الأحزاب السياسية، بالإضافة إلى مزيد من الحريات حتى تستطيع الأحزاب أن تخاطب جماهيرها كما يجب أن يتم إلغاء حالة الطوارئ .

الإعلان السياسي شرعنة للانقلاب

أما القيادي بالحرية والتغيير معتز صالح يقول إن الإعلان السايسي القادم هو ليس بالجديد، بل إن هناك مجموعة من الأحزاب وجزء من المجموعات التي دعمت الانقلاب الذي وصفناه بأنه انقلاب كامل وهو اصطفاف فيه محاولة لشرعنة الانقلاب، حتى يقال إن هنالك إجماعاً ويوجد توافق سياسي والشاهد ان هذه الجهات الداعمة ليس لديها جديد بالتالي لن يغير هذا الإعلان أي شيئ، الدليل على ذلك الاتفاق الذي تم بين البرهان وحمدوك غير قادر على تعيين حكومة ولاتوجد أي خطوة في الاتجاه الذي تم التحدث عنه، مشيراً إلى أن الإعلان الجديد لا يضيف جديداً بل محاولة لإيجاد شرعية سياسية للوضع الجديد، منوهاً إلى أن الاتفاق القادم قائم على تناقضات أساسية في أولاها أن الاتفاق بين حمدوك والبرهان يلغي الوثيقة الدستورية، وهو مستند على القرارات التي تلغي الوثيقة الدستورية بالتالي هذا الإعلان لم يذهب في الإطار القانوني الصحيح سوف يذهب في طريق إيجاد مخرج سياسي يشرعن الانقلاب، لذا لا أظن أن يحقق شيئاً سليماً من ناحية قانونية باعتبار لا يسنده قانون بالإضافة إلى أنه تطوير للاتفاق بين البرهان وحمدوك على قرارات الجيش الأخيرة  التي أبعدت الطرف الأصيل في الوثيقة الدستورية، وحتى وجود حمدوك الآن به خلل قانوني على أساس إبعاد الأطراف التي أتت بحمدوك وأصبحت خارج الاتفاق وهي بالنسبة لنا شرعنة للانقلاب.

ما بني على باطل فهو باطل

من جهته يقول  القيادي بالمؤتمر السوداني نور الدين صلاح الدين مابني على باطل فهو باطل، أي إجراء أو تدابير بعد 25 أكتوبر هي مرفوضة لدينا جملة وتفصيلا، لأن هذا الإعلان فاقد للشرعية  القانونية والدستورية،  وإذا أردنا أن نعدل الأوضاع السياسية لابد أن نرجع إلى ماقبل الانقلاب للحكومة الانتقالية السابقة، مع مراجعة تلك الاتفاقيات مع القوات المسلحة. وهنا أنا أتحدث عن مؤسسات تخص الشعب السوداني، بالتالي ـي اتفاق يبرم الآن لا يعني الجماهير المحتشدة في الشارع التي رأيها معروف في هذا الصدد، لافتاً إلى أن القوة الانقلابية تريد أن ترجع  عقارب الساعة إلى الوراء من أجل إيجاد الشرعية بأشياء مجربة في عهد النظام البائد، بالحشود المعروفة من قبل كوادر نظام الإنقاذ. وأقول إن الاتفاق الحالي المزمع الإعلان عنه لن يجد قبولاً من الشارع السوداني ولن ينجح، إلا في حالة الرجوع إلى ماقبل الانقلاب وعودة جميع أحزاب الحرية والتغيير التي هي المفوض الحقيقي من الشارع .

الإعلان السياسي بمثابة الخروج من عنق الزجاجة

أما المحلل السياسي والباحث في العلوم السياسية يوسف علي آدم قال إن الإعلان  السياسي القادم هو بمثابة الخروج من عنق الزجاجة بعد قرارات 25 أكتوبر،  إذ أنه لن يجد قبولاً من جميع القوى السياسية التي كانت تشارك الجيش من بعد الإطاحة بنظام البشير، والتي وقعت على الوثيقة الدستورية مع الجيش  2019م، لأنها تتصور ما حدث هو انقلاب عليها لذا لن تقبل بأي إعلان جديد، مشيراً إلى أنه إذا أرادت السلطة القائمة أن تنجح في هذا الإعلان السياسي الجديد ليقود الفترة الانتقالية، يجب عليها أن تتحاور مع أحزاب قحت المجلس المركزي، والوصول معها إلى حلول توافقية خاصة وأن هذا الإعلان إذا لم يجد قبولاً من كل القوى السياسية لن تكون قيادة الفترة الانتقالية بالساهلة، كما يجب على القوى السياسية الممانعة أن تتنازل من أجل الوطن والالتفاف نحو المبادئ الوطنية للخروج بالفترة الانتقالية إلى التحول الديمقراطي، لافتاً إلى أن الإعلان السياسي لابد أن يحمل بين طياته كل ما يقرب الشقة، مابين القوى السياسية الموجودة على الساحة ولا يُستثنى منها أحد.

 

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..