مقالات سياسية

جريمة الانقلاب من يدفع الثمن وكيف نقاومه (2)

خارج السياق
مديحة عبدالله
ثمة دروس قاسية برزت من تجربة انقلاب (25) أكتوبر، أولها العواقب الوخيمة عندما يكون العمل السياسي بعيدًا عن هموم وحياة المواطنين اليومية، فالخطاب السياسي ظل يتجاهل تفاصيل الحياة بكل تشعبها، تلك التي تكابدها ربات البيوت والعاملين والعاملات في القطاع الاقتصادي غير الرسمي على سبيل المثال، مما أدى لتباعد المسافة ما بين العمل السياسي والحزبي والمواطنين على مستوى الاحياء خاصة وأن الانقلاب عطل الحياة وعرقل مسارها اليومي، فكم تبلغ تكلفة ذلك؟ وما هي الآثار المترتبة على ذلك؟ حتى الآن لم يبرز خطاب أو فعل يدل على الاهتمام بهذا الأمر.
دعونا نعمل من أجل الكشف عن الخسائر الناجمة عن تعطل العمل في دواوين الحكومة والمستشفيات، وقطع الإنترنت، وصعوبة العمل في الأسواق لمن يعملون بها من اجل كسب مادى يعين على توفير احتياجات محدودة، أزعم أنها تكلفة مادية واجتماعية هائلة من الصعب وصفها بالأرقام ما لم يتم إجراء بحث أو مسح تصدر عنه نتائج علمية، رغم الآثار الظاهرة للعيان، في ألاف النماذج الدالة على حالات الانتهاك لأبسط الحقوق الإنسانية.
العمل من أجل الكشف عن تكلفة الانقلاب الاجتماعية يحقق هدفين الهدف، الأول معاقبة الإنقلابيين على جريمة مصادرة الحق في الحياة المستقرة، بأدلة شاخصة عن الأضرار التي لحقت بالمواطنين جراء الانقلاب، سيوفر ذلك المسح الذي اقترح أن تقوم به الأحزاب والمنظمات المدنية إمكانية أن نقف على أبعاد الأضرار التي لحقت بحياة المواطنين جراء الانقلاب والإجراءات المتخذة من قبل الإنقلابيين، خاصة وأن حالة الطوارئ ما زالت سيفًا مسلطًا على رقابنا جميعا.
الهدف الثاني ملء الفراغ المتنامي في الاحياء، فهي تكاد تغرق في وحشة الصمت، عدا أيام المواكب التي تبعث الحياة في أوصال الشارع، وهو وضع يتناقض تمامًا وهدف بناء الدولة المدنية وترسيخ الديمقراطية فالوعي والممارسة للحقوق هما ما يمهدان الأرض لغرس بذرة دولة المواطنة في الوطن. إضافة إلى أنه ليس من المتوقع أن نرى بذرة المدنية تنمو دون فعل ثقافي وفني يجددان شرايين المجتمع، ويحيل أمر التنوع والتعدد الثقافي إلى واقع نعيشه في الحياة اليومية، يشكل وعينا، ويجدد الأمل ويقضي على الجدب والحزن الذي يلف الشارع، وكأننا في حرب ضد الحياة وليس في عملية سياسية تسعى لنيل الحقوق المدنية والاقتصادية… قاوموا…
الميدان
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..