مقالات متنوعة

الاستقلال الذى لم يكن: (بابكر بدرى – معاوية محمد نور)، أو”حليل زمن الإنجليز”

 
عبد العزيز حسين الصاوي
++ التعريف الدارج لمعنى الإنجاز الاستقلالى بكونه الإعمار الاقتصادي- الاجتماعي،قاصر .. تجارب البشرية المعاصرة تفيد بأنه بأنه يشترط وجود القوى ذات التكوين الديموقراطي.
++ الارتباط عضوى بين تحرير الأرض وتحرير الإنسان… تحرير الإرادة الوطنية من أسر الاحتلال الأجنبي، وتحرير إرادة الإنسان من أسر البنى الاجتماعية والثقافية التقليدية والموروثات النقلية ليغدو بذلك الإنسان- الفرد.. اللبنة الاساسية للنظام الديموقراطي.
++ الاحزاب والتيارات السياسية المرتبطة بالفئات الاجتماعية الحديثة كانت مؤهلة بهذه الصفة لقيادة التطور بهذا الاتجاه ولكنها ولدت مرتبطة بأطار ايديولوجي غير ديموقراطي.
++ البلاد تعيش حالة انسداد تاريخي. بالنظر للعلاقة العضوية بين الديموقراطية والتنوير ( تحرير عقل الفرد وإرادته ) ـتنمية المخرج الديموقراطي من هذه الحالة يقتضي تنمية الرصيد السوداني التنويري.مهمة شاقة ولكن البديل سيكون  تصاعد مخرج ” ياحليل زمن الانجليز “.
___________
الإجماع السائد هو أن دولة الاستقلال السياسى الوطنى تقاصرت كثيرا عن التحول المنشود إلى دولة الرفاه المادى والمعنوى، إن لم تكن قد تحولت إلى عكس ذلك تماما. وبينما تتعدد تفسيرات الفشل ملتقية فى تحميل المسئولية للفاعلين السياسيين وغير السياسيين، يقارب هذا المقال الموضوع من زاوية تعتبر هذه التفسيرات، على صحتها، أقرب إلى المصدر الثانوى للفشل، منها إلى الرئيسى. الافتراض بهذا الخصوص هو أن هناك عيبا فى التعريف الدارج لمعنى الإنجاز الاستقلالى بكونه الإعمار الاقتصادي- الاجتماعي، بينما تفيد تجارب البشرية المعاصرة الناجحة بأنه يتضمن أيضا شرط وجود القوى المؤهلة لابتدار وقيادة هذه العملية. هناك، كما ثبت نهائيا منذ 9 نوفمبر 1989 وسقوط حائط برلين، تجارب للإعمار الاقتصادى- الاجتماعى عمرت أكثر من سبعين عاما، انكشف القناع بعدها عن واقع نقيض لافتقارها لهذا الشرط. النموذج السوفيتى القائد لهذا النوع من التجارب خسر مباراة الإعمار مع غريمه الأمريكى بحيث كان حجم الاقتصاد السوفيتى قد تقلص إلى نصف حجم الاقتصاد الأمريكى فى نهايتها، واضطر للاعتماد على تصدير الغاز والبترول، مثله فى ذلك مثل دول الخليج، لاستيراد المواد الغذائية بدلا من تصديرها، ومع تداعى الهيكل السياسى بمجمله تحت وطأة الانهيار الاقتصادى تفتت الاتحاد السوفيتى إلى 15 دولة. هذا هو المصير الذى تنحدر إليه دولة الاستقلال السودانية، بما فى ذلك إرهاصات انتقال الانفصال الجنوبى بمتعلقاته الاستنزافية فى علاقات الطرفين، وداخل كل منهما على حدة، إلى مناطق شمالية.ومرد ذلك غياب القوى المؤهلة لشق طريق الإعمار الاقتصادى – الاجتماعى المتجدد والمستدام لارتباطه بنظام سياسى له نفس الخصائص، وهو النظام الديموقراطى  1) (  .
فى قلب هذا النوع من الأنظمة يكمن الارتباط العضوى بين تحرير الأرض وتحرير الإنسان… تحرير الإرادة الوطنية من أسر الاحتلال الأجنبي، وتحرير إرادة الإنسان من أسر البنى الاجتماعية والثقافية التقليدية والموروثات النقلية ليغدو بذلك الإنسان- الفرد.. وهو ما أنجزته التجربة البشرية الأهم فى تأسيس النظام الديموقراطى بمكابدات عصر التنوير الأوروبى خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر، ومن ثم تحرير عقل الإنسان وتدريبه على استقلالية الرأى وحرية الاختيارت الخاصة والعامة حتى أصبح الإنسان- المواطن وذلك مقابل الإنسان- الرعية والإنسان- القبيلة. والتجلى الأوضح من غيره لهذا الإنجاز هو ذهاب التجربة الأوروبية فى مرحلتها الثانية خلال ثلاثينيات القرن الماضى إلى توليد تيار المراجعة النقدية الذاتية لعصر التنوير نفسه فيما عرف بـ “مدرسة أو تيار ما بعد الحداثة” الذى اعتبر الظاهرة الاستعمارية إحدى سلبياته  منبثقة من حاجة الثورة الصناعية ، أحد أعمدة التنوير،  للمواد الخام. والمفارقة التى تكمن فى صلب معضلة عقم الاستقلال أن السودان كان أحد ضحايا هذه الظاهرة، ولكنها فى عين الوقت شكلت فرصته المهدرة للاستفادة منها بما ينقذ الاستقلال من المصير الذى انتهى إليه. الاستعمار البريطاني، بهامشه المصري، كانت له أهدافه الاستراتيجية (منابع النيل، حماية جائزته المصرية الثمينة، الانتقام لمصرع غردون) والاقتصادية (المواد الخام أساسا القطن حيث الثورة الصناعية بدأت بصناعة النسيج فى أسكتلندا). كل ذلك تطلب قدرا من التحديث للنظام التعليمى وللبنية الاقتصادية والإدارية والأمنية، شكل حاضنة استنبات طلائع القوى المؤهلة لمواجهته على كافة الأصعدة العسكرية – السياسية، والثقافية – النهضوية. ولكن الظروف التاريخية حكمت بازدهار المسار السياسي- العسكرى على حساب الثقافى الذى كان قمينا بتنمية وعى متكامل بمختلف جوانب تركيبة الوجود الاستعمارى البريطاني، يضع المسار الأول فى خدمة استخلاص الإيجابى من الطابع السلبى للاستعمار، وذلك باستخدام أسلوب المواجهة كجزء من صراع تفاعلى وليس انقطاعي. فبالرغم من فشل أسلوب المواجهة العسكرية فى ثورة عام 24 إلا أن إيحاءات نموذجها الصدامى الآيل إلى القطع الكلى العشوائى مع الاستعمار بقى متجذرا فى الشعور الوطنى الاستقلالى، عندما ارتفع الضغط القمعى عنه فى الثلاثينيات.. تغير الأسلوب من العسكرى إلى السلمى، ولكن المفهوم الحاكم لنوعية التعامل مع الوجود البريطانى بقى كما هو. ومما عزز هذه الاستمرارية الإيحاءات المماثلة لنموذج الثورة المهدية (1881-1898). فالمغزى الغائب فيما يتعلق بالثورة المهدية، حتى عن الوعى المعاصر، كونها تجاوزت أسلوب الرفض العنيف للاستعمار التركى – المصرى إلى القطع مع الإفرازات الحداثية (التغيير فى الثقافة والعقلية) الممكنه لبدايات تحديث الاقتصاد والمجتمع خلال تلك الحقبة بإدخال التعليم النظامي، وزراعة القطن، والاتصالات التلغرافية، والطباعة والتقسيم الإدارى.
ولعل أبرز الأمثلة على عيوب أسلوب التعامل الانقطاعى مع الاستعمار، أن إدراك حركة الاستقلال الوطنى لأهمية التعليم، الفتح الحقيقى فى منجزات الاستعمار رغم كونها جاءت خدمة لمصالحه، وسعيها لتوسيعه بالعون الأهلى، ظل يواجه بالتشكيك باعتباره منتجا غربيا. فعندما استؤنفت البدايات التركية- المصرية المتواضعة لادخال التعليم الحديث مع الانجليز جاء التشكيك فيه حتى من داخل صفوف الحركة الوطنية وليس من الأوساط التقليدية فقط، كما تمثل فى القصيده الشهيرة ليوسف مصطفى التنى (فى الفؤاد ترعاه العناية) “ما بدور مدرسة المبشر عندى معهد وطنى العزيز” والمقصود (المعهد العلمي).بتأثير أوللة السياسى على الثقافى، أو السياسى المنزوع الدسم ثقافيا، فى الصراع الاستقلالى لم يقدر لبوادر النهضة الثقافية والفكرية التى انتعشت خلال تلك الفترة أن تغدو المؤثر الغالب فى رسم استراتيجية التعامل مع الوجود الاستعماري. نشأت هنا دائرة مفرغة: فى ظروف التخلف التاريخى للمجتمع السودانى ما قبل- التنويري، نضوج النهضة الثقافية إلى المستوى المطلوب كان رهينا بالتفاعل المفتوح مع الخلفية التنويرية والحضارية للظاهرة الاستعمارية، بعبارة أخرى تجسير الهوة بين التقليدى والعصري، بينما تتطلب قدرة التفاعل نفسها مستوى أعلى من النضوج الذى يعنى فى جوهره سيادة العقلانية والموضوعية. السودان لم يكن جزءاً فاعلا من الحضارة العربية – الإسلامية فى أوج ازدهارها، والحضارات السودانية السابقة، الموضعية والتاريخية، كانت بحكم انعزالها أو إيغالها فى القدم أكثر ضعفا كمحرك لتغيير عصري، لذلك فإن درجة الركود التى رانت على مناطق تأثير هذه الحضارة خارج السودان بعد أن انتقلت الدورة الحضارية إلى أوروبا عبر عصر التنوير، كانت مضاعفة لدينا.
عليه تبدو الأحكام الإدانية المنتشرة حتى فى كثير من الكتابات رفيعة المستوى حول تراجع مثقفى حركة الاستقلال الوطني، بما فى ذلك الأكثر تقدما نسبيا من غيرهم من أعضاء مجموعتى أبو روف والفجر، نحو الأطر الحزبية الطائفية كمجال لنشاطهم العام، مجانبة للموضوعية. فهى تفترض مقدرة غير متوفرة على مغالبة واقع الركود التاريخى المؤسس للعلاقات الطائفية – القبلية كمجال للفعل العام، بالنظر إلى محدودية التغييرات الكمية التى طرأت خلال الحقبة الاستعمارية، وضعف تأهيل النخب الحديثة لممارسة عملية الصراع التفاعلى غير الانقطاعى مع هذه الحقبة للتعويض عن ذلك، كما ذكر من قبل. ويترتب على ذلك أن الأحكام المعنية لا تساعد فى تكوين رصيد معرفى بناء لتاريخنا الحديث. من هذا القبيل، فى زعم إضافى لهذا المقال، إن شخصية أحمد خير التى تطرح فى بعض هذه الكتابات كنموذج مضاد لمثقفى تلك الفترة الآخرين بسبب نأيه عن تلك الأطر، هى فى الواقع أكثر تراجعا منهم؛ لأن انحيازه بعد ذلك إلى إطار الحكم العسكرى يعنى أنه ساهم بصورة مباشرة فى ترسيخ ظاهرة الأنظمة الانقلابية التى كانت أكثر فاعلية بكثير فى تدمير البلاد لكونها بددت الرصيد التنويرى ورصيفه الديموقراطى على شحته الموروثة، بينما مساهمة الآخرين لم تكن مباشرة لكونها تحسب ضمن إساءة إدارة الأحزاب التقليدية الكبيرة انتخابيا للنظام البرلمانى.. بل إن دور أحمد خير الرائد فى تأسيس مؤتمر الخريجين وثقافته التى تبدو أكثر نضجا من الآخرين كما يعكسها كتابه “كفاح جيل”، ومن بينها الفكرة اللامعة بأن الغاية النهائية ليست الاستقلال وإنما الديموقراطية، تحسب لصالح مثل هذا الزعم، الذى يضعه فى مرتبة أدنى من الآخرين وليس ضده؛ لأن فى ذلك تأكيدا للمدى الاستثنائى لتراجعه بقدر تميز دوره وخزينه الثقافى عنهم.
انخفاض سقف القدرة الذاتية لمثقفى حركة الاستقلال الوطنى على مغالبة قيود الواقع الموضوعى وإحداث الاختراق اللازم لوضع الاستقلال على مسار صاعد بترسيخ الديموقراطية كوسيلة وحيدة لذلك عن طريق التفاعل الصراعى ، أو الصراع التفاعلي، مع الاستعمار البريطاني، لم يجد ما يرفعه لدى الجيل اللاحق الأصغر سنا والأفضل تعليما. فهذه المهمة عطلها القالب الأيديولوجى المغلق الذى صُب فيه إرث المواجهة الانقطاعية مع الاستعمار لدى هذا الجيل، وهو القالب اليسارى الاشتراكي، والشيوعى خاصة، الذى بلغ من اتساع نفوذه  خلال الخمسينيات – الستينيات أنه مس حتى أجواء الإسلاميين. سبق لكاتب المقال عرض هذه الفكرة بتفصيل يعود بمصدر هذا التطور السلبي، فيما يتعلق بالاختراق المطلوب، إلى اشتداد جاذبية إرث الصراع غير التفاعلى مع الغرب نتيجة بزوغ المعسكر الاشتراكى وبالذات بعد عام 1917 بقيادة الاتحاد السوفيتى وانتشار التيارات والأفكار الاشتراكية حتى فى المجتمعات الغربية نفسها، ناهيك عن العالم الثالث الأفريقى والعربى والآسيوى والأمريكى اللاتينى (ناصر، نكروما، سوكارنو، كاسترو). داخليا، كان هناك بحث جيل المثقفين والناشطين الجدد عن بدائل إزاء تشرذمات أطراف حركة الاستقلال الوطنى بحيث تعذر توحيد أطرافها إلا بضغط مصرى، لتعود إلى الانفراط بعد حلولها فى السلطة السياسية والإدارية مكان الإنجليز والمصريين. وعلى الصعيد الموضوعى كان هناك ضيق القاعدة الاجتماعية للقوى الحديثة الذى لم يتجاوز عند الاستقلال أكثر من 4%  ) (  2 )
وهكذا، فإن المنظور السودانى بشقيه التقليدى والأحدث لم يكن مؤهلا لتنمية قوى الإعمار المستدام من خلال توفير شرطه الضرورى فى الديموقراطية المستدامة؛ لأنه كان مقيدا بمفهوم جزئى للتحرر يقتصر على تحرير الأرض دون الإنسان، وعندما تطور لم يتجاوز مفهوم الإنسان – الطبقة (التحرير الطبقى الاشتراكي). بهذا المعنى لم تكن هناك قوى تغيير حقيقى (ديموقراطي- تنويري) صبيحة أول يناير 1956، أى قوى إنجاز مادي- معنوى متصاعد؛ إذ ولد الاستقلال مفتقرا للموتور الذى يحركه نحو التنمية البشرية ودولة الرفاهية. واتضحت الأبعاد الكاملة والخطيرة لهذا العوق المدمر مع انجذاب الأجيال الأصغر من مثقفى وناشطى السبعينيات نحو مفهوم (التحرير الدينى الأخلاقي) مكان اليساري، تحت تأثير فشل نماذج الأخير الناصرية وغير الناصرية، ودخول البلاد نفق الأزمة الاقتصادية والمعيشية المظلم منذ ذلك التاريخ مما ولد اندفاعا شعبويا كاسحا نحو التدين البسيط والغيبى بحثا عن التوازن النفسي، شكل أرضية خصبة لنمو الإسلام السياسي. وهذا قالب أكثر انغلاقا تجاه التنمية الديموقراطية من القالب اليسارى بنسبة الفرق بين التأثير الدينى والعلمانى فى تشكيل عقل الإنسان وسلوكه. وبمقياس مستوى دخل الفرد سنلاحظ أن التنمية (الإنجاز الاقتصادي- الاجتماعى المنشود استقلاليا) التى تولت أمرها الأنظمة التسلطية المايوية – الإنقاذية بقيت تتناقص حتى تدنت إلى مستوى وجبتين فقيرتين غذائيا  وتعليم هو التجهيل بعينه، بالرغم من الصروح المادية التى أقامتها فى قطاعات الخدمات (الاتصالات، المصارف.. إلخ) والبنى التحتية، لافتقارها إلى الترشيد الديموقراطى والاجتماعي. هذه تنمية غير بشرية بمعنى الكلمة كونها معادية للإنسان، قادت إلى التعقيدات الأخطر بتعميق حالة الخلل التنموى بين الأقاليم السودانية الموروثة عن العهود السابقة، إلى مظلومية تاريخية فى المناطق الطرفية فقدت أى أمل فى الاستجابة للمطالب المشروعة، فلجأت لانتزاعها بقوة السلاح. وفى مناخ التصحر الديموقراطى حتى فى المناطق الأكثر تطورا نسبيا، كان حتميا أن تتم أدلجة هذه المظلومية وتسييسها على النمط الجنوبى القائم على الفصل بين الأزمة المحلية والأزمة الوطنية الشاملة فى جذرها الديموقراطي، مما أدى إلى سيادة رؤية تحيل المسئولية عن المظلومية إلى طبيعة المركز والوسط النيلى تارة، والثقافة العربية تارة أخرى، ومن ثم تقوية خيار الانفصال.
الرؤية التى يقترحها هذا المقال لتفسير مقولة “الاستقلال الذى لم يكن” بمعيار وعوده المأمولة، تستند إلى الانفصام بين الإنجازات الاقتصادية – الاجتماعية والديموقراطية وبين الأخيرة والتنوير/ الاستناره. وتكمن الإجابة على سؤال المخرج البديهى بعد ذلك فيما يمكن وصفه بـ “عصر تنوير سوداني” لإنتاج حصيلة عصر التنوير الأوروبى المتمثلة في تهيئة الشرط الموضوعى لاستزراع الثقافة الديموقراطية ونظمها السياسية، عبر عملية مشتقة من ظروف الزمان والمكان السودانيين. وهذه الإجابة هى بطبيعة الحال من قبيل سهولة القول وصعوبة التنفيذ، الذى تقتصر مساهمة هذا المقال بشأنه بالمثل القائل: “حُسن أو سلامة عرض المشكلة تشكل نصف الحل”، إذا تسنى القبول بانطباق الجزء الأول منه على التحليل المطروح، بالإضافة إلى عرض مقتضب لمصدرى تنوير وحداثة أحدهما سودانى والآخر أفريقي، وذلك بهدف أساسى وهو إثارة اهتمام المثقفين والباحثين السودانيين بهذا الموضوع، وتقييم مدى فائدته فى إنقاذ البلاد من هوة الاستقلالات التى تنزلق نحوها.
المصدر السوداني: بابكر بدرى ومعاويه محمد نور
المجال السودانى ليس خلوا تماما من الرصيد التنويرى، إذ يمكننا بتتبع آثاره فى مسيرة شخصيتين هما بابكر بدرى (1861- 1954) ومعاوية محمد نور (1909- 1941) العثور على ومضات لدى آخرين، فليس الأمر مجرد اختراع لهذا الرصيد تحت ضغط الشعور بالحاجة المصيرية لتأسيس الديموقراطية سودانيا، على غرار ما نقل عن فيلسوف القرن الثامن عشر الفرنسى فولتير بشأن الإله من أنه لو لم يكن موجودا لوجب اختراعه.
فى تقدير هذا المقال أن سيرة الشيخ بابكر بدرى تدل على أنه توصل للمعادلة الصحيحة فى العلاقة مع الوجود الاستعمارى البريطاني، وذلك بالصراع التفاعلى وليس الانقطاعى معه. من المعروف أن بابكر بدرى دخل فى صدامات مباشرة مع مسئولى الإدارة البريطانية فى أكثر من مناسبة، وقال رأيه فيهم بصراحه أمامهم، ولكن خارج إطار الشعارات والمواقف الوطنية العامة كما تبنتها حركة الاستقلال الوطنى. بنفس الوقت فإنه تعاون معهم إلى أقصى الحدود فيما يتعلق بمشاريعه، خاصة التعليمية، وظل مصرا على طريقته فى التعامل رغم تعرضه للمقاطعة من قبل أوساط الحركة فى مؤتمر الخريجين واتهامات التواطؤ وقلة الوطنية. إذا عّرفنا الحداثة بأنها القطع البناءغير الجزافي مع أسلوب الحياة التقليدى، الذى لا ينحصر فى البنى المادية، وانما يتناول العقل والثقافة، فإن المغزى الحقيقى لدوره الطليعى فى البدء من تعليم البنات يتسع ويتعمق إلى هذا المستوى. اختيار تجربة تعليم البنات بـ (منهج) يشمل الحساب واللغة العربية فى وقت كان يتعذر فيه تعليم الذكور إلا قليلا، يكشف عن جرأة حافزها درجة اقتناع استثنائية بأهمية التعليم تتجاوز الدوافع العادية لدى المصلحين الاجتماعيين، مثل اكتساب معارف دينية، إلى تطوير أسلوب الحياة فيما يتعلق بتنشئة الأطفال، كما ورد فى بعض أقواله وإخراج النساء للحياة العملية بداية بمهنة التدريس كما تدل تصرفاته. وفى هذا التقاء مع ما يمكن للتحليل المعاصر أن يتوصل إليه من أن المدخل الأساسى لإحداث اختراق تنويرى يشع على كافة نواحى الحياة هو التعليم الجيد. فقيام منظومة التعليم الحديث على يد الإدارة البريطانية شكل المصدر الأساسى لنشوء قوى اجتماعية حديثة، وإن لم يقدر لإرهاصات دورها الاستنارى النضوج الكامل، رغم الأهداف البريطانية المحدودة من إنشائها.
على أن الطليعية التعليمية لم تكن سوى إحدى قطع الموزاييك التى تشكل لوحة متكاملة لبابكر بدرى كعَلَم للتنوير السودانى يضاهى فى قامته، ضمن الظروف السودانية الخاصة، قامة الأعلام المصريين من أمثال الطهطاوى ومحمد عبده. فسيرته الذاتية تنطوى على ما يمكن وصفه، بسبب انعدام تفسير أفضل، باستعداد أو قابلية تنويرية غريزية تتغذى من قناعة بضرورة التعلم من الغير حتى عبر الحواجز الدينية، ومن موقع الثقة بالنفس. مذكراته بأجزائها الثلاثة تشكل فكرة كتابتها فى حد ذاتها، مجرد الفكرة، ناهيك عن المضمون، دليلا على بعد النظر وتجاوزا خلاقا للواقع لم يصل إليه مثقفو التعليم الحديث إلا مؤخرا، وفى حدود أضيق كثيرا من حيث المضمون، علما بأنها ممارسة أوروبية عتيقة تبدأ لدى الأطفال مع بداية التعليم النظامى، وتعتبر مصدر مادة غنية للتاريخ الاجتماعى بصورة خاصة. أما صراحة مذكرات بابكر بدرى التى سارت بذكرها الركبان فيما يتعلق بحياته الخاصة والعامة، ومن بينها قصة حب ملحمية، فهى تعيد إلى الأذهان سيرة أحد أعلام التنوير الغربى هو الفيلسوف الفرنسى جان جاك روسو (1712-1778) صاحب نظرية العقد الاجتماعى القائمة على فكرة التوافق الطوعى بين مجموعة بشرية لتأسيس سلطة عليا تدير شئونهم، ولا تزال حية حتى الآن مع بعض التعديلات. فالمنجز التاريخى الآخر لروسو هو كتاب السيرة الذاتية الموسوم “إميل أو الاعترافات” الذى اتسم بصراحة هزت أركان المجتمع وقتها، ويعتبر فى نفس الوقت أول كتاب فى التربية مما يخلق وشيجة على مستويين فى العقلية والشخصية والسلوك بينه وبين بابكر بدري ) 3 ( . ويمكن لمن يتفحص مذكرات بابكر بدرى على ضوء أطروحة التنوير والحداثة، أن يعثر على قطع موزاييك أخرى ترسم صورته الحقيقية كأيقونة لهذه الأطروحة، مثل ريادته فى التمثيل المسرحي، وممارسات التنظيم الدقيق للعمل، واحترام الوقت، ثم مخالفة العادات الاجتماعية فى الزواج والوفاه وغيرهما، بما يتجاوز صورته الرائجة كمصلح اجتماعى وتعليمى إلى آفاق أرحب، يكتفى هذا المقال بإيراد نماذج منها تتعلق بالتعليم. فبينما تفيض نظريات التعليم الحديثة بمفاهيم تعريفية للتعليم الجيد مثل التعليم الذى يعلم الإنسان أن يعلم نفسه أو التعليم الذى يعلم الإنسان حل المشاكل أو تفكيك المعضلات PROBLEM SOLVING، سنجد أن عبقرية بابكر بدرى وقوة إرادته، التى لا توازيها إلا قوة ذاكرته، وأيضا صلابة تكوينه الجثمانى وقوة احتماله، وهذا جانب آخر مثير للاهتمام فى سيرته، توصلت إلى تلك المفاهيم عمليا، سواء فى العلم النظرى أو التطبيقى التكنولوجي. خريج الخلوة هذا يقرأ ابن خلدون ويستشهد به ويضع مناهج لتعليم التاريخ والجغرافيا واللغة العربية للتلاميذ، ويبز فى ما يمكن تسميته بتكنولوجيا ذلك العصر، معلميه فى السمكرة والصناعات الجلدية. وليس غريبا بعد كل هذا أن نجده يرحب بإقامة تمثال له قبل وفاته ببضع سنوات، علامة كبرى على مدى تفتحه الذهنى فى فهم الإسلام لاسيما عند المقارنة بـ (حداثة) إسلاميى القرن الـ21.
يتسنى بناء على هذه الشواهد وغيرها القول، ربما بشىء من المبالغة، بأن سيرة بابكر بدرى تدل على وعى مبكر بضرورة التوازن بين التواصل والانقطاع فى العلاقة مع التجربة الغربية، وهو ما فات على حركة الاستقلال الوطنى ثم اليسار، وبالتأكيد اليمين اللاحق، ويبقى للبحث الأكثر عمقا وجدية تشخيص الأسباب وراء انتقال الرجل من أسلوب المواجهة النضالية للاستعمار كجندى مخلص فى الثورة المهدية، إلى ما يمكن تأويله كمواجهة حداثية المغزى، سواء كانت عبقريته الخاصة أو / و تجاربه الحياتية الثرية ومن بينها فترة إقامته فى مصر.
أما أيقونة الحداثة والتنوير السودانيين الأخرى، معاويه محمد نور، فإن الأسباب تبدو واضحة وهى تبحره المهول فى اللغة الإنجليزية وآدابها، ثم اضطراره إلى ممارسة نشاطه الفكرى والكتابى فى مصر مما يسر له الاحتكاك المباشر وغير المباشر بقمم العصر الفكرية والأدبية حينذاك، وتأسيس علاقة وثيقة مع قيادات التيار الليبرالى المصرى.
ريادية معاوية فى معارف الثقافة الغربية بما فى ذلك الموسيقى الكلاسيكية والرقص التعبيري، متجاوزا كل الموجود فى الساحة العربية وقتها، وكل ذلك خلال 5 سنوات فقط من حياته المنتجة، شهد عليها عدد من المثقفين السودانيين المتخصصين، عبد الحي، عجب الفيا، ولخصها د. احمد البدوى بأن معاوية “بين طليعة عصره فى جيل الحداثة فى مصر (…..) فالأسماء العالمية المشهورة فى الغرب، والتى راجت فى الستين والسبعين، وفى دائرة أضيق فى الأربعين، عرفها معاوية باقتدار منذ أواخر العشرين وكتب دارسا وناقدا أوائل الثلاثين من القرن العشرين”.(  4  )
“على أن هذا المقال يعتبر القيمة الكبرى لإنتاج معاوية وعلاقاته هو مغزاها ومحتواها التنويرى المباشر. سنلاحظ أن إقباله على النهل من الثقافة الغربية يتسم بالعمق والإيجابية، بمعنى أنه تفاعلٌ مع الحضارة الغربية يتعدى مجرد الاستيعاب الموسوعى إلى إدراك لجوانب الضعف ما يؤشر أيضا لانعدام عقدة الدونية تجاهها. ففى مقال بعنوان “الاستعمار والحضارة” يلخص معاوية بإعجاب رصين أحد مؤلفات الكاتب الإنجليزى LEONRD WOOLF بنفس العنوان، التى تعرض رؤية نقدية للحضارة الأوروبية فى جانبها الاستعماري، يتضمن أيضا تعليقاته الخاصة ومقدمة حول مذهب النقد الأدبى NEW HUMANISM ذى الأبعاد الثقافية والسياسية. والمعروف أن المؤلف كان عضوا فى الجمعية الفابية الاشتراكية وحزب العمال ومنتميا إلى مجموعة BLOOMSBURY مع شخصيات مثل الفيلسوف برتراند راسل والشاعر إليوت والاقتصادى كينز، والتى تعتبر مكونا أساسيا فى حركة الحداثة البريطانية أوائل القرن الماضى، وهناك ما يدل على أن معاوية كان على علاقة بها.. كما ينسجم مع هذا السياق مضمون إحدى قصصه بعنوان “إيمان”. فى هذه القصة تتفاعل شخصيتان رئيسيتان إحداهما كثيرة “الشك الفلسفى (تعتقد بأن…) أساس هذا العالم هو التغير والتحول (هاشم عرفات)”، لاحظ الاسم، والأخرى هزلية إلى حد ما، وتتميز بأنها سريعة التأثر بما تسمعه من الآخرين، وعندما تقع تحت تأثير عرفات ينتهى بها الأمر إلى أن: “يصبح جلال أفندى شاكا فى كل شىء بعد أن كان مؤمنا بكل شىء (…) واضطرب كيانه العصبى حتى أنه وهو على فراش الموت عندما سأله أهله أن يتشهد مرات ويقول لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله، فتح عينيه وقال لهم: هل أنتم متأكدون، وراح فى سبات عميق”. هذه القصة مثلها مثل بقية قصصه تطبيق حرفى لنظريات حديثة وقتها فى كتابة القصة القصيرة لا تتقيد بالنمط التقليدى القائم على البداية والنهاية. غير أن معاوية يحاول أيضا فى هذه القصة إيصال مبدأ الشك المنهجى الديكارتى المعروف (أنا أفكر إذا فأنا موجود) أحد أهم أركان فكر عصر النهضة الأوروبى خلال القرن السابع عشر، التى استقرت فى تكوينه الفكري. وأبعد من ذلك، فإن النظر المتأنى فى إنتاج معاوية محمد نور يلمح استشعارا مبكرا بما هو أهم بكثير فيما يتعلق بالوعى النقدى للحضارة الغربية، ففى مقال نشر عام 1932 اهتمام بكتاب عنوانه “فوضى العالم ومسئولية العلم” يدور حول الوجه السلبى لتيارات التنوير والعقلانية من خلال التلخيص والتعليق الإضافى. والمعروف أن هذا التوجه ظهر بعد ذلك فى الأربعينات إثر الحرب العالمية الثانية ممثلا فيما أطلق عليه “مدرسة فرانكفورت” التى تبرز فيها أسماء هوركهايمر، وأدورنو، ثم هربرت ماركوزه، ويتمحور نقدها لتيارات التنوير حول أن تركيزها على تسييد العقل والعلم على الطبيعة والإنسان (العقل الأداتى) كان السبب وراء اغتراب الإنسان وتحوله إلى شىء بل وتذهب بعض مكونات هذا التيار النقدى إلى تحميلها مسئولية الحروب الأوروبية”.  ) 5                                   المصدر الافريقى
تجربة أقطار غرب أفريقيا الثلاثة: سيراليون، وليبريا، وساحل العاج، تطرح أمام دارسى العلوم السياسية السودانيين تحدى تنويع مصادر وخبرات معارفهم الأكاديمية ونشاطهم إلى مناطق جديدة، وفى نفس الوقت المساهمة المباشرة فى تذليل استعصاء الأزمة السودانية بفتح نافذة جديدة فى موضوع الصراع التفاعلى مع الأطراف الأجنبية. هذه المجموعة من الأقطار استقرت أحوالها على طريق الخروج من الحرب الأهلية والانهيار الاقتصادى بتأسيس أنظمة ديموقراطية تضمن الاستمرارية، نتيجة التعامل الإيجابى مع التدخل الأجنبى العسكرى – السياسى الأممى والثنائى من بريطانيا وفرنسا وأمريكا، إلى جانب تدخل إقليمي. ففى سيراليون اندلعت حرب أهلية خلال (1991- 2001) حسمت بتدخل عسكرى من بريطانيا، المستعمر السابق، عندما فشل التدخل العسكرى الأممى فى إنجاز المهمة كاملة. وبالتعاون المفتوح بين السلطة المنتخبة ديموقراطياً بعد ذلك والأمم المتحدة وبريطانيا تأسست محكمة لجرائم الحرب، وتجرى الآن عملية إعادة البناء والتنمية، ومن ذلك التغلب الحاسم على وباء الإيبولا بدعم قوى من هذه الأطراف نفسها. ليبريا شهدت حرباً أهلية على مرحلتين بين أعوام 89- 2003 بفاصل ثلاث سنوات، تم إيقافها ووضع البلاد على طريق تجربتها الديموقراطية الحالية بتدخل عسكرى – سياسى من الأمم المتحدة، مدعوم لوجستياً من الولايات المتحدة الأمريكية وآخر من منظمة (أكواس) الإقليمية، وأشرفت بعد ذلك على إعادة بناء الجيش والاقتصاد. كذلك الأمر فى ساحل العاج (كوت دو فوار) حيث دارت الحرب الأهلية على مرحلتين الأولى 2002-2007 انتهت بتدخل قوات من الأمم المتحدة مع وجود عسكرى فرنسي. وإثر انتخابات عام 2010 عندما رفض الرئيس لوران باقبو التنازل عن السلطه بعد خسارة الانتخابات، نشبت حرب أهلية حسمها تدخل عسكرى فرنسى بدعم من قوات للأمم المتحدة، وبطلب صريح وملح من الرئيس المنتخب انتهى باعتقال الرئيس السابق وتسليمه للحكومة.
الاستنتاج الممكن من هذه النماذج الثلاثة أنه مع انتفاء ظاهرة سهولة تجييش المشاعر الشعبية ضد التدخل الأجنبى بتهمة عدم الوطنية بالنظر لتوفر عنصر التوافق الوطنى على ضرورته المؤقتة فى ظروف مصيرية، يصبح من الممكن إرساء قواعد تجربة ديموقراطية ناجحة تضع البلاد بالتدريج فى موقع الند للطرف الأجنبى فارضة بالتدريج معاييرها الموضوعية فى تقييم سياسات الحكومات والأحزاب بما فى ذلك ما يصون السيادة الوطنية حقاً. فالفصل بين سيادة الوطن وسيادة المواطن، جوهر الأنظمة والأيديولوجيات الشمولية، هو الذى جعل الاتحاد السوفيتى العظيم يتفتت بين يوم وليلة، بينما تلحق بروسيا، وتكاد تتجاوزها اقتصاديا، دول عالم ثالثية (سابقا) ذات أنظمة ديموقراطية مثل تركيا والبرازيل والهند. كما أن دولة مثل ألمانيا، الصنيعة تنمويا لمشروع مارشال الأمريكى، والتى خضعت لشروط مابعد الحرب العالمية الثانية حتى فى تعداد جيشها، تمكنت من ممارسة حق السيادة الفعلي، وليس الصوتى الشعاراتي، ضد رغبة أمريكا فى تشريع غزو العراق بقرار من الأمم المتحدة عام 2003 بفضل التحول الديموقراطى لنظامها السياسى والمنعة الاقتصادية المترتبة على ذلك.
لاشك، والحال هذه، أن إخضاع تجارب أقطار غرب أفريقيا الثلاثة المشار إليها للدراسة الأكاديمية وغير الأكاديمية التفصيلية، بما فى ذلك التشابهات والاختلافات مع الحالة السودانية، يفيد كثيرا فى الاستفادة منها. كما لا يفوت المراقب لردود فعل المزاج السودانى تجاه أوضاع البلاد المزرية أن في هذه التجارب إشارة استجابة للنداء المضمر فى التعليق المتراوح بين اليأس والسخرية: “يا حليل زمن الإنجليز”.
___________________________________
1 الرأسمالية قرينة الديموقراطية. لصاحب هذا المقال إدعاء شرحه في مناسبة سابقة بأن الموجود حاليا ولكن دون مسمي، هجين مع الاشتراكية. علي أن من الممكن ايضا تحييد اثر الانتقادات الرائجة للرأسمالية في التقليل من اي اهمية تنطوي عليها اطروحة المقال الرئيسية بوضعها بدلا عن الديموقراطية في مقولة الزعيم البريطاني تشيرشل الشهيرة فتصبح : الرأسمالية هي أسوأ نظام باستثناء الانظمة الاخري”.

2  عبد العزيز حسين الصاوى “اليسار السودانى وثورة أكتوبر”، فى حيدر إبراهيم على ( محرر)، 50 عاما على ثورة أكتوبر، ط أ، 2014، مركز الدراسات السودانية

3   شهادة حية حول الصراحة استمع إليها كاتب المقال مباشرة من أحد الذين تولوا تسجيل المذكرات (السفير لاحقا والطالب وقتها، مصطفى مدني) يقول: كنت فى بعض المقاطع أتوقف عن تسجيل ما يمليه علينا مصعوقا بالدهشة مما أسمع منه فيزجرنى لأستمر فى الكتابة. وفى مقدمة الجزء الأول من المذكرات (تحقيق د. بابكر على بدري) إشارة إلى أن بعض أجزاء المذكرات أحرقت بطلب من رئيس المعهد العلمى بسبب صراحتها البالغة.

4  د.احمد محمد البدوي، تجليات ناقد الحداثة، دار كيمبردج للنشر، ب. ت.
5   مقتطفات من مقالين لكاتب المقال (جريدة الأحداث، 23 ديسمبر2008 و9 ديسمبر 2009 ) مؤخرا وزع الكاتب دراسة بعنوان ” حسين شريف، التجليات المبكرة لللعقلانية: دراسة استطلاعية ” علي مجموعة من المثقفين السودانيين.

عبد العزيز حسين الصاوي [email protected]

تعليق واحد

  1. ما معقول يا ناس الراكوبة! بقيتو تشتغلو نسخ و لصق؟ يا أخوانا خير الكلام ما قل و دل! أقترح الإشتراط على كتاب الراكوبة إختصار موضوعاتهم في صحفحتين فقط من برنامج ويرد (مثلاً)على أن يكون الفنط 12!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..