مقالات سياسية

الحراك الثوري … كيف يكون حسن الختام؟

إسماعيل عبدالله

 

مليونية التاسع عشر من ديسمبر المصادفة للذكرى الثالثة لثورة السودان تقدمت كماً ونوعاً عن سابقاتها ، وارعبت الحاكمين والمعارضين – الانقلابيين والقحتاويين ، هكذا عودنا الشباب الثائر الناشد للحرية والسلام والعدالة منذ اليوم الأول ، لكن هنالك قصور كبير في طرائق قيادة الحراك لايصاله لنهايته المنشودة – الاسقاط الكامل لطاقم الحكم العسكري ، وتكليف حكومة تصريف اعمال مدنية مؤقتة ذات مهام محددة ، وهذا الاخفاق الملازم لتحقيق الهدف الاسمى من هذه المليونيات الجماهيرية الغاضبة والساخطة على مآل الحال المائل ، سببه القوى السياسية الحزبية المتخلفة المندسة بين صفوف الثوار ، التي تعمل بشكل غير مباشر على تعطيل مسيرة الشباب نحو انجاز مشروعهم صاحب الاجندة الوطنية الحقيقية، لقد حزم ثوار ديسمبر امرهم وحملوا امتعتهم ورفعوا سقف حقوقهم المتمثلة في ازالة العسكر ورئيس الوزراء والاحزاب والحركات من المشهد ، وهو طموح مشروع وممكن رغم اصوات التهكم وكلمات السخرية الصادرة من الحرس الحزبي القديم ، فحكمة ايقونة التحرر الوطني الافريقي نلسون ما نديلا تقول :(دائماً ما يبدو الامر مستحيلاً حتى يتم تحقيقه).

الخطأ التاريخي الذي ارتكبه تجمع المهنيين باعتباره الجسم النقابي الراعي للحراك الديسمبري حتى سقوط الطاغية، تمثل في افساحه المجال لاحزاب الهبوط الناعم المختطفة لتحالف قوى اعلان الحرية والتغيير ، وتركه الحبل على غارب الثورة الديسمبرية الظافرة الذي فتح الباب واسعاً لتكالب هذا التحالف الهش على مكتسبات الانجاز الثوري ، فحوّل المنجز الممهور بدم الشباب لصفقة تشاركية بينه وبين اللجنة الأمنية للحزب البائد ، ذلك الخطأ يجب أن لا يتكرر هذه المرة وعلى شباب الثورة تجهيز قوائم اسماء شاغلي مقاعد المجالس الثلاثة : التشريعي والتنفيذي والسيادي ، وعليهم ان لا يعبأوا بالحركة السلحفائية لديناصورات الحرس الحزبي القديم ، وعليهم أن يتقدموا الصفوف دون وصاية من أحد ، ذلك لأن الشيوخ الهرمين الذين تسيّدوا المشهد السياسي بعد ثورة اكتوبر من امثال الراحلين الترابي ونقد والصادق ، كانوا في مثل اعمارهم وبنفس عنفوانهم وهم يقتحمون باحة القصر الجمهوري ، فلكل زمان رجال مرحليون يقفزون من بين صفوف الانداد ولا ينسلّون من ظلمة جحور الاجداد.

الزمن كفيل بتجاوز غير القادرين على احداث التغيير من العجزة والمسنين ، وكما قال رسولنا الكريم صلوات الله وتسليماته عليه : نصرني الشباب حين خذلني الشيوخ ، ومن الطبيعي جداً أن يتمترس فضل الله برمة ويستكين محمد عثمان ويتثائب ابراهيم السنوسي ، فقطار الزمان لا ينتظر من فاته ولا يرجع القهقرى ليلتقط من تخلف بالمحطة السابقة ، ومن يقود الاشياء والاشخاص للامام هو ذلك الشاب القوي البنيان ومعه الثائر المتوازن والراجح العقل ، ولا مكان للمعاشيين الذين اكلوا على ظهر الدهر وشربوا وعايشوا صروفه ، فالتي تعيق مسيرة الثوار هي خطرفات البائدين وهرطقات الديناصورات الحزبية المنقرضة ، والذي يرسم ملمح المستقبل هو الجيل الحديث المدرك لاحتياجاته ، والعارف بالوسائل الموصلة لهذه الاحتياجات ، فنوازع ضعف النفس البشرية من خوف وكسل وعجز واحباط لا تساير جيل الشباب بطبيعة الحال ، لكنها تجيء مصاحبة لمن بلغوا من العمر عتيا وافنوا زهرة شبابهم في تحقيق ذواتهم.

ايها الشباب الثائر قم واعلن عن مجلسك التشريعي وعيّن وزراء حكومتك التنفيذيين ، واختر من تريده أن يكون ممثلاً لسيادتك الوطنية ولا تكترث لاقوال المثبّطين ولا لتأويل المتربصين ، وليقم بذات الاجراء ثوار الولايات باعلان حكوماتهم الولائية ومجالسها ، من بين صفوف الثائرين هناك بالتنسيق مع من اقتحموا سرايا قصر الحاكم العام ، لا تتهيبوا دوواين الحكم وشئون الدولة ، فلقد تعلّم على اجسادنا جرّاحو النظام البائد لمدى ثلاثة عقود دون دارية منهم ولا علم مبين ، فانتم الاحق باعتلاء الكرسي السلطوي لتأسيس منصة الوطن لأنكم اطهار ولستم اشرار ، فالشرير لا يحمل كفنه بين يديه وهو يخاطب القضايا العامة ، والطاهر القلب والسليم النوايا لا يتربص بجهاز الدولة لكي يثرى ثراءًا فاحشاً ، ولا يسعى للكرسي ليحرم عامة الناس حقهم في العيش الكريم ، ولأنكم خرجتم من رحم معاناة الدكتاتوريات العسكرية الثلاث ، التقطوا القفاز واعلنوا حكومتكم وابنوا دولتكم العزيزة ذات السيادة والكرامة الوطنية.

[email protected]

تعليق واحد

  1. هل يخدعنا إسماعيل عبدالله ؟
    أرجعوا إلى قراءة المقال الذى كتبه فى
    موقع الراكوبه ، بتاريخ 1/1/2021 .
    وبعنوان :
    ” أين يختبئ الشيطان ؟ فى عقل الجنجويد أم فى عقلية الجلابه ؟ ”
    كتب إسماعيل عبدالله فى ذلك المقال ما يلى :

    ” الجنجويد مصطلح قديم متجدد ومتحور مثله مثل التحور الكوروني الذي تكابد مشاقه بلدان العالم، والجنجويد ليسوا قطاع طرق ولا سافكي دماء بقدر ما هم فرسان يخوضون غمار الحروب من اجل بقائهم احرار مثلهم مثل غيرهم من شعوب الارض، وشكيمتهم لم يستطع ان ينتزعها المستعمر البغيض فكيف لفلول منظومة انتهازية متحالفة مع مجموعات تعتبر (شتات) جاءت من وراء البحار، لقد فعلها شركاؤهم في الارض والتاريخ عندما علقوا اسمائهم باجندات قوائم الدوائر العدلية الدولية، ولكن من عجائب الصدف لم يفلح القوم، فقدر الله وشاء ان يقود المغضوب عليهم هؤلاء قطار الوفاق الوطني الذي اعيا الجهابذة من السياسيين، فاذا اردت ان تبحث عن الشيطان فلا تبحث عنه في عقل الجنجويد، بل عليك بسبر اغوار عقلية الجلابة التي أسست القوات الصديقة وقوات المراحيل وكتائب الظل والدفاع الشعبي و الكتائب الاستراتيجية، الشيطان يتكيء باريحية كاملة داخل هذه العقلية التي رضيت بلعب دور العميل المتآمر كابر عن كابر، وارادت ان تعتصر العقل والبدن السوداني في مساحة مثلث ضيق كي تشرب هي الماء صفوا ويشرب غيرها كدراً وطينا”
    ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..