مقالات وآراء

ليس بالخبز وحده تتفجر الثورات

محمد حسن شوربجي 
من قديم كان الخبز هو محرك كل ثورات الشعوب…
فلم يجرؤ حاكم من الاقتراب من هذه السلعة الهامة الا وقضت عليه ..
واصبح المس بالرغيف  تهديد وجودي يقود الي الثورات ..
ولطالما وقفت سنبلة قمح صغيرة خلف الكثير من الانتفاضات الشعبية حول العالم ..
فكم هي عديدة الثورات العظيمة التي اندلعت باسم الخبز ..
ولعل اشهرها ثورة فرنسا التي لعب النقص الحاد في محاصيل القمح دورا هاما في اندلاعها ..
ولعل أبرزها تلك التي عرفتها مدينة ليون سنة 1529 وعرفت بأحداث التمرد الكبير والتي اندلعت عقب ارتفاع أسعار القمح..
كذلك كان الخبز شرارة للثورة الفرنسية عام 178‪9
ولعلنا جميعا نذكر مقولة ماري أنطوانيت ملكة فرنسا التي قالت للثائرين من شعبها ..
«إن لم تجدوا الخبز فكلوا البسكويت» ..
وفي عام 1977م  قامت في مصر انتفاضة هائلة بسبب تجرؤ الرئيس المصري الأسبق أنور السادات على رفع جزئي للدعم عن السلع الأساسية ومن بينها الخبز ..
فلقد عمت الاضطرابات كل أنحاء القاهرة والمحافظات واستقل السادات طائرته الخاصة وتوجه إلى أسوان خشية وصول المتظاهرين إلى بيته في الجيزة ..
وكانت كذلك انتفاضة  الخبز التي حدثت في تونس عام 1984 ..
وانتفاضة الخبز في المغرب عام 1984 ..
وانتفاضة الخبز التي حدثت في 1986 في الجزائر في مدن قسطنطينة وسطيف ..
كذلك انتفاضة الخبز التي حدثت في 4 أكتوبر 1988 في الجزائر ..
وثورة الخبز في مدينة “معان” الأردنية عام 1989..
وثورة الخبز في مدينة “معان” الأردنية عام 1996..
وحتي ثورة ديسمبر المجيدة قد بدأت شرارتها في عطبرة خبزا وان كنت لا اصدق ذلك ..
فالخبز حقا كان سببا لقيام العديد من الثورات الحديثة ..
لذا فاننا نجد ان كل الأنظمة  تفضل إعطاء الأولوية للخبز ..
وذلك على حساب  الحقوق الاقتصادية الاخري ..
وقد يخيل إلي أن ازمات الخبز في العالم هي مصنوعة ..
وكأن الامر كله في يد مافيات عالمية تتسلط في مصير الشعوب ..
وكأن روسيا وامريكا تتسلطان في سلعة القمح ..
فكم نجدهم يسقطون الأنظمة و الحكومات مستخدمين سلاح القمح ..
وكم من بواخر قمح قد رست خارج الموانئ  للضغط على الحكومات وإثارة الشعوب ..
وكم استقبلنا نحن في السودان شحنات القمح الامريكي والروسي احيانا كثيرة ..
وان كنا قد  اضعنا الطريق مبكرا وبلادنا تملك الامكانيات  المنقذة للكثير من شعوب العالم في زراعة القمح ..
فلقد اضعناه ما بين ايدلوجيات يمينية او يسارية  كانت عائقا لزراعة هذا المنتوج الوطني الهام ..
فلقد كانت الدولتان تعرضان علينا القمح بأسعار اقل كثيرا  من المنتوج الوطني ..
وان كانت العودة لزراعته والاهتمام به رغبة وطنية لا تدانيها رغبة وفي المقام الأول ..
وكم افرحتنا بشريات انتاج القمح   في الموسم الماضي في كل انحاء السودان ..
فكل ما يمكن ان نقوله لحكام  بلادنا :
ان أردتم الاستقرار السياسي وهدوء بال الوطن والمواطن شجعوا وادعموا  زراعة القمح في كل مكان ..
ففي زراعته الامان من كل هبات الشعوب ..
رغم إيماني المطلق بأنه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ..
وليس بالخبز وحده تنفجر الثورات ..

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..