مقالات وآراء

قوي إنقلاب 25 اكتوبر 2021م الطبيعة والمصالح

طه جعفر الخليفة 
 
تراكم التجارب النضالية للشعب السوداني منذ إنقلاب 30 يونيو 1989م تم تتويجه بانتصار ثورة ديسمبر 2018م . الجهد السلمي الرافض لإنقلاب الكيزان  قد تراكم عبر السنوات وتبلورت نتائجه في ثورة ديسمبر 2018م المستمرة إلي اليوم بمطالبها المحددة وهي الحرية والسلام والعدالة. لا تحتاج تلك التجارب النضالية لرصد وتوضيح فهي معروفة وقد كانت في شكل هبّات طُلابية عبر السنوات  وكانت في شكل وقفات احتجاجية وغيرها من أشكال النضال الحزبي والنقابي والطلابي . بلا شك كان لنشوء الحركات المسلحة وجهد الحركة الشعبية لتحرير السودان (جون قرنق) دوره المشكوك في جدواه في إسقاط النظام المباد . كانت هذه الحركات المسلحة في سجالات تفاوضية مع الكيزان اسفرت عن انفصال الجنوب عن الوطن الأم واسفرت في النهاية عن أردول والتوم هجو ومناوي وجبريل ابراهيم واشباههم من الأرجوزات السياسية . خلال نضالنا السلمي إتضح جليا لا جدوي النضال المسلح في تحقيق المصالح الوطنية وانتهائه باستمرار بنتائج كارثية . تعلمنا من فتيات وشباب ثورة ديسمبر 2018م أن النضال السلمي الجماهيري هو الانسب والأنجع لمنازلة الديكتاورية العسكرية المسنودة بالاحزاب السياسية وكان الأوجب أن نعي هذا الدرس من ثورتي اكتوبر 1964م ومارس/ابريل 1985م
بلاشك نعرف جميعا الانقسامات التي ضربت قوي إنقلاب 30 يونيو 1989م الإسلامي وكان أول هذه الانقسامات هو المفاصلة بين القصر والمنشية أي بين الترابي وعمر البشير . تحولت حكاية الترابي في النهاية لمهزلة نشوء حزب المؤتمر الشعبي الفاقد للسند الجماهيري والمرتمي في حضن المحور القطري الإيراني . ما يهمنا الآن هو تفصيل الكلام حول المجموعة المسماة حين نشؤها مجموعة القصر تصدعت هذه المجموعة بسبب ضيق المصالح الإقتصادية الطفيلية والناهبة للموارد الوطنية والسارقة لمقدرات الوطن وثرواته  فتقسمت لتيارات عديدة متناحرة كان اوضحها حالة التنازع اللصوصي بين صلاح قوش وفريقه من جهة وفريق المجرم الفاسد علي عثمان من جهة وجمهرة البداة الطامحين من فريق عمر البشير من جهة ثالثة. وقعت ثورة ديسمبر بجلالها والسلطة منقسمة علي نفسها لدرجة أن لجنة النظام المباد الأمنية هي من ورثت النظام القائم منذ 1989م إلي 2018م.  توصلت القوي السياسية المعارضة التي ضربتها هي نفسها الانقسامات وأقصد مجموعة الإجماع الوطني ومجموعة نداء الوطن والإخيرة إصلاحية لدرجة أن بعض منتسبيها كانوا مقتنعين بالنزول مرشحين في انتخابات تهيأ عمر البشير و اعوانه أنهم متموها في 2020م . المهم تفاوضت القوي السياسية مع لجنة النظام المباد الامنية وتصالحت معها وأسفر هذه الصلح المنهزم عن وثيقة دستورية جاءت لنا بحمدوك ورهطه .
مجموعة إنقلاب البرهان هي كبار ضباط الجيش المستفيدين من استثمارات الجيش في السلع الأساسية والكهرباء والاتصالات ونهب الموارد من ثروة حيوانية ومعادن ومعهم قائد الجنجويد حميدتي وسقط متاع النظام المباد في جهاز الامن  والمخابرات الوطني والأمن الشعبي بالإضافة لجماعة اتفاق سلام جوبا من حركات مسلحة وجزء من عضوية المؤتمر الوطني حزب الرئيس المعزول عمر البشير المحلول . إجتذبت هذه المجموعة معها فاسدون من جهاز الشرطة وهم أيضا من كبار الضباط.
معروف أن الحروب الأهلية تنتج نوعا من الاقتصاد المشوه ونوعا من النفوذ المؤقت ومثالنا علي ذلك نهب حميدتي المشكوك في سودانيته  لذهب جبل عامر وهو الآن بمجلس الرئاسة الانقلابي جنباً مع مالك عقاَر والطاهر حجر والهادي أدريس . الذهب المنهوب هو الاقتصاد المشوه والنفوذ المؤقت هو وجوده في مجلس الرئاسة الانقلابي . ولا تنسوا مسلخ البرهان وحميدتي الذي يوضب اللحوم ويبيعها لنظام المجرم عبد الفتاح السيسي في دولة مصر العربية . اقتصاد الحرب يشترط وجود حلف دولي لبيع المنهوبات وهذا الحلف الدولي الناهب لموارد السودان يتكون من روسيا بوتين لدرجة أن شركة فاغنر الروسية هي من تقوم بتدريب الجنجويد ورعايتهم تكنولوجياً ويشتمل أيضا علي الصين والسعودية ومصر والامارات . نحن امام اخطبوط وطني من اللصوص في الجيش وجهاز الامن والمخابرات الوطني والجنجويد ولهذا الاخطبوط أذرع دولية بينّاها بنفس الفقرة .  للسعودية والإمارات مطامع في ساحلنا بالبحر الأحمر وهي مطامع للإستثمار في تشغيل وإدارة الموانيء ومطامع في الإستثمار السياحي علي الطريقة الخليجية أما مطامع روسيا والصين في البحر الأحمر فهي نوع من حرب النفوذ والمصالح ضد الولايات المتحدة واوربا ولا تنسوا الدور الإسرائيلي المحكوم بمعاركه مع الفصائل الفلسطينية والخائف علي أمنه الداخلي والأفليمي .
ما يفعله العمل الثوري الدؤوب وشبه اليومي بجساراته المشهودة هو تركيز للضغط علي قوي الإنقلاب وحلفائها الدوليين والمقصود روسيا ، الصين ، السعودية ، الامارات ومصر.  محاور هذا الضغط هي الاستهجان الدولي لأعمال القمع المفرط الذي تقوم به اجهزة انقلاب البرهان الأمنية وسيقود هذا الاستهجان الدولي في النهاية لفضح مواقف المحور الدولي المساند للانقلاب ببساطة لأن القمع اشتمل علي فظائع تعتبر جرئم حرب مثل حالات اغتصاب المحتجيين السلميين من النساء والرجال والاعتداء علي المستشفيات بالغاز المسيل للدموع و قنابل الصوت هذا غير ترويع الكوادر الطبية ، وقتل المحتجين السلميين بالرصاص هذه الفضائح ستحاصر النظام الانقلابي دوليا مما يعيق سيل الدولارات الناتجة عن النهب لموارد البلاد من معادن وثروات حيوانية . تصعيد النضال السلمي ضد النظام سيقود الانقلابيين إلي حتفهم حيث أنهم سيرتكبون المزيد من الفظاعات مما يضيق للخناق الدولي عليهم ويؤثر بقوة علي مراكز الانقلابيين الاقتصادية من الإجراءات العقابية التي بدأ التلويح بها من الولايات المتحدة واقصد التشريعات الاخيرة للكونجرس بالعقوبات علي معيقي التحول الديمقراطي في السودان . إضعاف مراكز قادة الانقلاب البرهان وحميدتي الاقتصادية سيقود في النهاية لتصاعد التذمر في الجيش وجهاز الامن والشرطة وربما يصل هذا التذمر مرحلة المواجهة التي ستنهي قوات الدعم السريع وهي ويا للمفارقة القوي التي انجزب إنقلاب البرهان في 25 اكتوبر 2021م .
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..