كلام الفاتح عز الدين

من الاخر
حَقيقةً لا أدري لماذا لا يتعلّم “ناس” المؤتمر الوطني من تجارب الدول في التعامل مع الشعوب، ولم تُغيِّر 30 سنة حتى في طريقة كلامهم وتصريحاتهم وتعليقاتهم القميئة دائماً، وحديثهم عن أيِّ موضوعٍ يجعلك تتساءل لماذا هُم دائماً هكذا، أسلوبهم جارحٌ ومُسيئٌ ويحط من قدر المُواطن ويستخف به ويخلو من المَنطق؟ ولماذا يمنون على المُواطن ويشعرون دائماً أنهم أصحاب فضل عليه! وهو مُجرّد حمل ثقيل مجبورين على تحمُّله مع أنّ العكس هو الصحيح.
بالأمس تناقلت الصحف والأسافير، حديثاً غريباً للفاتح عز الدين، بل ليس غريباً ولكنه مُثيرٌ للغيظ! فقد قال إنّ ما يتم من احتجاجاتٍ يقودها الشباب هي ضريبة لما تلقّوه من تعليمٍ ووعي، (كأنّه يقول كتِّر خيرنا العلّمانكم وبقيتوا تعرفوا تثوروا)! وقال إنّ كل ما يُقدِّمه المؤتمر الوطني هو جهدٌ بشريٌّ، وإنّ المسؤولين ليس أنبياء معصومين عن الأخطاء، (أي أن ما أنتجوه من فشل 30 سنة أمر عادي)، وقال: لا بُدّ من الصبر على الشباب لأنهم خريجو ثورة التعليم العالي وهي ضريبة الوعي بالأسئلة المتكررة لماذا ومتى وكيف؟ وينبغي أن نصبر عليها ونحوِّلها لأعمال جادة.
طبعاً الفاتح مثل غيره (بتكلم من أجل الكلام وخلاص)، فما قاله ليس له أيِّ معنى سوى أنه يعكس مُستوى تفكير الحزب الحاكم، وعليه لا بُدّ من دحض حديثه الملوي!
أولاً: ثورة التعليم العالي لم تُقدِّم أي وعي للشباب، بل هم ضحايا لها، لأنها وفّرت جامعات بلا قيمة وغذّتها بالعُنف، وهذا كان اعترافاً من عرّابها إبراهيم أحمد عمر الذي قال اهتمننا بعدد الجامعات وأهملنا الجوانب الأخرى، طبعاً الجوانب الأخرى تشمل كل ما يجعل الشباب مُتطوِّراً، وعليه، وما وصل إليه الشباب من وعي هو بجهدٍ ذاتي خالص ليس للمؤتمر الوطني فيه شيء.
ثانياً: ثورة الشباب لا تُسمى ضريبة وعي، فهذا يُصوِّرها كأنّها أمرٌ سالبٌ، عندما يثور الشباب فهذا هو الوعي نفسه، والشباب لا يسألون لماذا ومتى وكيف، لأن هذا الأمر حدث لهم عند الطفولة عندما كانوا يتحسّسون خطاهم، وهم الآن يُجيبون على من يسأل لماذا وكيف ومتى وهي الأسئلة التي تُحيِّر حزب المؤتمر الوطني الآن.
أمّا بخُصُوص تبريره أنهم ليسوا أنبياء بل بشر، فعليه أن يعرف أن الأنبياء أيضاً بشر بأخلاق رفيعة وعظيمة ولكن الله اختارهم لتبليغ الرسالة وهذا منحهم اختلافاً عظيماً، ولكن يمكن للناس أن يمضوا على دربهم وتقليدهم لأقصى درجةٍ ممكنةٍ، و30 سنة جديرةٌ بأن تجعل من يسعى إلى الخير والحق أن يصل درجة ما من مكانتهم.
المُتحدِّث أيها السادة الفاتح عز الدين لمن لا يعرفه، كان رئيس البرلمان الدورة السابقة، وعندما أُزيح من منصبه وأصبح مُجرّد عضو عادي انتقد الواقع الاقتصادي بالبلاد، وقال “لو قعدنا 200 سنة بهذه الطريقة لن نستطيع أن نُعالج هذا الواقع”، وحرّض في أول مُداخلة له بعد الإطاحة به من منصب رئيس المجلس الوطني على الثورة، وقال: “الوضع يقتضي أن نكورك بأعلى حسّنا ومتى سنثور إن لم نثر الآن”…!
وهو هنا يدعو للثورة لأنّ الوضع الاقتصادي يستدعي ذلك وليس الوعي، والآن الوضع أصبح أكثر سُوءاً أربع مرات، وعليه الثورة التي دعا لها انطلقت تلقائياً، فلماذا ابتلع تصريحه عام 2016؟ ربما طَمعاً في منصبٍ جديدٍ…!
البرطوش ما بصير جزمة