
يصدقهم (السوداني الطيب) كل مرة ويطلب منهم وضع البرامج اللاَّزمة، فيشرعوا في المشاورات والخلافات والاتهامات ونهب الأموال وتضييع الوقت ، ويغدق عليهم (السوداني) بالثقة ويمدهم بالدعم اللازم ، وكل يوم يتظاهر هؤلاء المحتالون بالتفكير والنظر إلى السماء ولكن (السوداني الطيب) يأبى الإفصاح عما يراه خشية أن يُصنَّف في عداد الحمقى والأغبياء ، وفي كل مرة يُعلن فيها المحتالون عن انتهائهم من خياطة الملابس ، يزداد وضع (السوداني الطيب) جهلاً وفقراً وعُرياً ، حتى أصبح وضعه عاريًا تمامًا أما العالم ، غير أن أحدًا لا يجرؤ على قول الحقيقة خوفًا من أن يبدو سوداني غير أصيل أو خائناً مندساً لا يفهم عظمة وتاريخ البلاد والعباد .
تلويح حمدوك بالاستقالة يذكرني بالمسرحية الهزلية التي صاحبت استقالة جمال عبد الناصر في اعقاب هزيمة 1967 المفضوحة ، فكل قائد يظن أن العناية الإلهية قد أتت به في (هذا التوقيت الحرج) لإنقاذ البلاد ، مصير الدول لا يتوقف على أشخاص ، قدم استقالتك وافضح نفسك ومن معك واخرج أمام الشعب عارياً ومنكسراً ، وليس بطلاً حتى لا نعيد تكرار تجربتك ولا تجربة من معك.
الحقيقة المرة هي أن السودان ليس لديه أي مشروع ثقافي سياسي من شأنه انتاج قيادات بإمكانها إدارة دولة وُلدت بإعاقات إيديولوجية وهُوياتية. كل ما نملكه من تاريخ سياسي هو محضُ حُكَّام وقيادات ونُخب طائشة تنتجهم كل مرة الصدفة بدون أي قصدية أو رؤية فكرية أوسياسية، والصدفة لا يمكن أن تبني دولة.
الحل لن يكون سهلاً ولا قريباً ، إننا نمر بمرحلة تطهير ذاتي مؤلمة جداً لمشاكل (كارمات) تاريخية وثقافية ودينية تحتاج منا لشجاعة في الطرح والمواجهة ! وعلينا أن نقول بصوت عالٍ (إننا عُراة) نبحث عن ثياب جديدة تستر عوراتنا.
العالم متغير…العولمة لها قوانينها الخاصة..المحرك الأساسي هو الاقتصاد والمال..العالم في مرحلة تشكل ..جديد..الشعب لا ينتظر الحلول..الجيل الشاب اكثر عمقا مما تتصور
من ثمارهم تعرفونهم. لا ينتج الشجر الردئ إلا ثمارا رديئة، والشجر الصالح لا ينتج إلا ثمارا صالحة. المعطيات الدينية-الثقافية المتجزرة في العقل الجماعي والفردي السوداني ليس بإمكانها إنتاج شخصية بمواصفات نلسن ماندلا، مارتن لوثر كنج، أو حتى جون قرنق. سوف تثمر شجرة السودان شخصية أسوأ من البرهان ، كما أثمرت الأسوء من البشير، والدليل حميدتي! حمدوك بكل خزيه هو غاية ما يمكن صناعته سودانيا! المسكوت عنه في السودان كثير يا أخي؛ ولكن إذا ما أردنا التقدم والتحضر فقد سبقنا في ذلك أقوام وما علينا إلا التحلي بالشجاعة والابتعاد عن الإستهبال والهبل: مثال: “قوانين سبتمبر”.. ياخي لغاية بالوقت مافي واحد قادر يقول “قوانين الشريعة الإسلامية” مورست في تاريخ السودان الحديث مرتين: المرة الأولى أنتجت داعش الأولى: الثورة المهدية، أما المرة الثانية فانتجت الإنقاذ! مش عارف المرة الثالثة ح تنتج مين.
العالم في تطور مستمر وانتج الجيل الخامس في التكنلوجيا ونحن لسة مع الجيل والرعيل الأول وناس الادارات الأهلية والعمدوالمشايخ الحمدلله نحن في اقصي الشمال لا يوجد في مجتمعاتنا عمد وشيوخ ونظار ولقد تخطينا هذه المرحلة قبل مئات السنين ولهذا نحن في مجتمع متمدن ومتسامح نختلف عن بقية السودان
ابلغ دليل على ما ذهبت اليه نجده فى تاريخا السياسى البائس القريب
وتخيل على لسان رئيس دولة، حين لوح البشير بالعصى ومضى يقول مخاطبا الجماهير المحتشدة فى ابودليق:
“أي زول يرفع نخرتو للمؤتمر الوطني بندوسو لأننا فوق كل رأس … وأي زول يتطاول بنواسيه، اى زول برفع يدو بنكسرها ليهو …واى زول يرفع عينو للمؤتمر الوطني بنقدها ليهو”
فتأمل !!
سودانّا قد ملّ المـنام
حذاري أن يصبح حطام
جهلٌ وفقرٌ وانقسام