مقالات سياسية

يوميات الإحتلال (14) تدوير النفايات والثورة المتعاظمة

جبير بولاد 
.. في ظل تمدد الثورة السودانية ووعيها الذي يؤسس كل يوم لمناطق  تحرر جديدة في العقل السوداني ، ظل مشهد حزب برهان المسلح يرواح مكانه في إنتظار وصفات جديدة لقوي الإحتلال التي تدعمه وتخطط له بخفاء وافعوانية ، وظل صوت الثورة وفعلها علي الارض ينمو كشتلات مكثفة الخصوبة في تطلعها لتصبح أشجار راسخة الجذور وثمارها دانية لبنات وابناء هذا الشعب العظيم  .
.. كل يوم يمر يؤكد حقيقة واحدة وهي أن البلاد في خانة الثوار كانت آمنة تماما وظل عدم الأمن والتجاوزات دوما تصدر من الحكومة وحزبها المسلح وتلك نقطة جديرة بالاهتمام والتأمل وهي لماذا نحن نشهد اسمي حالات الأمن في المناطق والاوقات التي يقل ويقصر فيها ظل الحكومات ومظاهر العسكرة والجنود المدججين بالسلاح ؟ وذلك يقود الي تساؤل جاد في تفسير معضلة ماهية وظيفة الحكومة؟ ولماذا اصلا العسكر موجود في حياتنا بكل ترسانته المسلحة وإصراره علي امتلاك سلطة الدولة ؟ ما حاجتنا للجيش في المدن؟
.. عندما تنتصر مواكب الثوار وتثبت متانتها وقوتها في تشكيل الواقع الجديد ، تظهر علي التو خلايا الفلول والانتهازية النائمة وهي تركة نظام الكيزان التي لم تستطع الفترة الإنتقالية قبل انقلاب برهان ان تحسم أمرها ، وظل برهان بتواطؤ مع يهوذا السوداني علي مغازلة معهم علي الدوام ويمكننا فهم دور برهان في المغازلة وذلك لانه يفتقد الي اي شرعية أو حاضنة تدعمه علي وضعه كشريك هو ولجنته الأمنية والتي كانت لجنة للمخلوع سلفه ، ولكن الذي يثير العجب هو مغازلة يهوذا السوداني وهو رئيس وزراء الثورة ، أو كما يفترض ، لماذا ظل علي نهج مغازلة هولاء ؟ ولن ننسي بطبيعة الحال خيانته الاولي  قبل توقيعه إتفاق انقلاب برهان وحزبه المسلح والتي من خلالها دمر اكبر فرصة للأجيال السودانية في تعليم جيد من خلال قراره الذي استجاب لجماعات الهوس والفلول والانتهازيين بإقالة وزير التعليم وقبول استقالة مدير المناهج ، وكانت هذه اولي الخيانات التي مرت علي جوقة الشاكرين والحامدين لحمدوك ! يالعجابة العقل السوداني في بعض من تمثيلاته المريعة والساذجة والتي ما زالت تغرق في سذاجتها ! .
.. البارحة أطل علينا _دون خجل _ مشهد لتدوير نفايات النظام المنهزم بعد طوال إناخة في مناطق الظلال وذلك بظهور وجوه وشخصيات ذات علاقة وارتباطات قوية بنظام المخلوع البشير وطفقوا يرغون ويبزبدون في محاولة اللحاق بسوق السمسمرة والقوادة السياسية المعهود والمعلوم للشعب السوداني في كل فترات تاريخه السياسي ، لم يكتفي هولاء بذلك ، بل اخرجوا لنا من متحف التاريخ البشري موميات ناطقة بتمثيلات قبائل ليس لها وجود وكان بأمتياز مسرح للعبث والتهريج والفوضي وعدم الحياء وسادت لغة شوارعية تصدر من شخصيات هزلية تريد أن تتسلق حياة السودانيين من جديد بعد تاريخ حافل بالخيابة ، مزري ومخجل   .. يا للهول !! .
.. أليس عجيبا ان هذا الجمع _ غير الكريم  _ كان في معظمه من الذين تعدت اعمارهم سن المعاشات وداهمت معظمهم شيخوخة وزهايمرية سياسية جعلتهم لا يفهمون حركة التطور الإجتماعي والمعرفي التي يشهدها السودان الآن ؟! صدقوني لن يدركون .
.. في نهاية المطاف  ، أحب أن اؤكد في كل مرة ، ان هذه الثورة الماجدة لا تشبه مثيلاتها في تاريخنا وتاريخ المنطقة .. هي ثورة ممتدة في التاريخ سوي علم الناس ام جهلوا وعندما نطلق لقب الكنداكات والثوار علي وقودها وقلبها الحي فذلك لأنهم سليلي من صنعوا اعظم حضارات التاريخ واهدوا الانسانية في فجرها قيم وروحانية ما زالت مسار دهشة من درسوها ونقبوا في تاريخها وما زال الزمان حافل في رحمه بخبايا واسرار عن السودان وأنسانه وهذا ما لا يدركه المتأمرون ووكلائهم بالداخل ولكنهم يعرفون تماما قدرة هذا المارد اذا وقف علي قدميه قدم الوعي وترجمته وقدم الإمكانيات الهائلة التي تزخر بها ارضنا  .
.. هذه المرة لن تكون مغامرتكم سهلة ، فسوف تكابدون طويلا قبل أن تدحركم هذه الثورة وتكنسكم الي غير رجعة .
.. الثورة وعي وفعل وبناء مستمر .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..