مقالات وآراء

السودانيون لا يحبون السودان (3)

محمد سليمان الشاذلي 
أعاد بنبرة كلها تمزق ، كلها غصة “لم يعد هناك من وطن . أوَ ليس كذلك؟” ثم أردف بنبرة مرة “يوم غزانا محمد علي باشا لم يرَ فينا إلا أرضا للعبيد ، أرضا للذهب”، سكت ثم تنهد “آه”، ثم سعل سعالا طويلا  ثم سكت . قدرت أنه يشعل سيجارة سيلكت جديدة ؛ لا يتحمل أن تفارق السيجارة أصابعه أو شفتيه ! قليل من يدخن بمثل هذه الشراهة . لكن لماذا ماركة سيلكت ! السودانيون يدخنون البنسون آند هدجز ! قطع حبل تفكيرى صدى صوته الضخم وهو يعود فيقول بتؤدة ملؤها الأسى “معركة كورتي لم تكن بيين السودانين وبين جيش محمد علي …”،  سكت لبرهة متوترة ثم أردف “لقد قاتل الشايقية كشايقية وليس كسودانيين . كذلكم كان شأن الجعليين ليلة الحريق العظيم . كذلكم كان شأن العبدلاب ، شأن المقدوم مسلم في كردفان وشأن أبي لكيلك في دارفور . أما سنار فقد أسلمت مفتاحها للغازي دون قتال …”.
“لكن سنار كانت …”.
قاطعني وقد تحولت نبرة صوته إلى شظية من زجاج أزرق “كانت مشروع أمة غير أنها لم تقوَ … لم تستطع. صاحبنا محمد عبد الحي حاول في قصيدته أن يجعل منها…”.
“ضمير الأمة. وأظنه أفلح”.
“لا. لا. العودة إلى سنار حلم قصيدة عظيمة ليس أكثر . عظيمة عظمة الهزيمة الأبدية”.
“إنها لقصيدة الانصهار . بل هي حلم أمة”.
“هل لاحظت أن عبد الحي أشار إلى الشاعر الأيرلندي دبليو بي ييتس؟ لعلك لم تنتبه”.
“بلى. في بنات البحر ضاجعن إله البحر في الرغو إل آخره مما يغني الشعراء”.
“ييتس حاول ، مع آخرين ، التعبير عن أيرلندا . لكن هل الأيرلنديون أمة واحدة؟”.
“…”.
“لا أظن . مؤكد أن البروتستنتينية والكالثلوليكية أقوى عندهم من الحس القومي . نحن كذلك ، الإحساس بالطائفة ، بالمذهب الديني عندنا أقوى من الحس القومي . ثم زد ما هو أسوأ الإحساس بالقبيلة ، الإثنية”، وضحك ضحك مرة وهو يردف “وما يسمونه اليوم بالهامش . ها ! لم أتبين خطورة هذا الهامش إلا عندما عدت من لندن مؤخرا ! الغريب في الأمر هو أن هذا الهامش المسلح يعيش مع قادته في الخرطوم وفي أمدرمان وفي بحري ! كيف يفسرون ذلك؟ كيف يبررونه؟”.
“…”.
ساد الصمت.

‫4 تعليقات

  1. الآن النزعة العنصرية والجهوية أقوى من الحس الديني والقومي عن الأكثرين وهذا موطن السوء وأساسه.

    1. نحن فقط لا نحب دارفور قطيعة تقطعهم.

      يجب فصل دارفور تمااااما وكل قرقور يطرد الي دارفور داهية فيهم

  2. في ذكري استشهاده..السلطان عجبنا
    رمح في قامة وطن
    ———————–
    في مثل هذا اليوم السابع والعشرين من ديسمبر عام 1917 خيم الحزن والاسى على أرجاء الوطن العزيز بتنفيذ الحكومة البريطانية الاستعمارية الغاشمة حكم الإعدام في حق أحد أعظم أبطال السودان الذين قاوموا الحكم الاستعماري ببسالة فائقة وعزيمة نادرة سطر بها اروع المواقف البطولة والاستبسال للذود عن تراب الوطن السلطان عجبنا إبن السلطان فورغيل اراوجا إبن السلطان كينقال سبأ ووزيره سباي كيلوون حيث تم اعدامهما سويا بعد محاكمة صورية ودفنا سويا بأرض المعارك في كويدرا غرب مدينة الدلنج
    السلطان عجبنا هو السلطان الثالث عشر في سلسلة سلاطين أسرة مارياما في قبيلة أما النيمانج، دخل في خلاف مع الحكومة البريطانية بسبب رفضه الانصياع لاوامرها والامتناع عن دفع الضرائب المفروضة عليه فارسلت الحكومة البريطانية قوة عسكرية قوامها(3011) بقيادة الجنرال اسميث الذي إتخذ من منطقة النتل قيادة له، واتخذت قواته ثلاثة محاور الشمالي عند نقطة ولال بقيادة المجور فانديليو والجنوبي بقيادة المجور جراهام والشرقي بقيادة المجور ويلمور
    اندلعت المعارك علي طول مناطق كلارا وحجر السلطان وتندية وسلارا، وقد واجهت قوات السلطان عجبنا والتي كانت مسلحة ببنادق المرمطون والمرتين الجيش الانجليزي باحدث الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية واستطاعت أن تلحق به الهزائم في العديد من المواقع
    استمرت المواجهات في مراحلها الأخيرة من أبريل حتي نهاية ديسمبر عام 1917تمكنت قوات عجبنا من قتل الكابتن هوتون و43 من الجنود وجرح 112 آخرين
    وفي 27/12/1917 استشهد السلطان عجبنا بعد أن رفض مقابلة الحاكم العام في الخرطوم للعفو وفضل الموت في أرض المعارك مع أبطاله ليسدل الستار على أشرس مقاومة واجهت الحكومة البريطانية
    ضربت مندي بنت السلطان عجبنا هي الاخري أروع المواقف البطولية حيث كانت تحمل ابنتها علي ظهرها وسام(إناء لجلب الماء)علي راسها وبندقية علي كتفها وظلت تقاتل مع قوات والدها ولم تشعر حتي بوفاة طفلتها علي ظهرها
    شكرا للقوات المسلحة السودانية لاعتمادها أنشودة مندي ضمن مارشاتها العسكرية تخليدا لذكراها وذكري والدها البطل الشهيد السلطان عجبنا ووزيره سباي كيلوون
    الكرة في ملعب المؤرخين لإعادة كتابة تاريخ السودان لإبراز مساهمات الذين تم تجاوزهم خاصة وأن الوثائق متوفرة لدي الكثير من الجامعات والمراكز البحثية ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..