
حتى لا … ننسى
منى الفاضل
عزم فارس على زيارة اخيه الغالى فى منزله الجديد بعد زواجه ، وهو يبعد عنهم مسافة ساعة بالسيارة ، وفى وجوده معهم جاءت عفراء بت الجيران وصديقة زوجة اخيه ، عفراء كانت فتاة جميل جدا ، ممشوقة القوام مضمرة ولادنة ، تضج انوثة عجيبة ، وكان أجمل ما يميز هذا الجمال لونها الأبنوسى الذى يلفت النظر لها بنعومته البراقة ، فلم يستطيع فارس أن يقاوم جمالها وإعجابه بطبيعتها و أنها لم تسعى كالأخريات بإستعمال الكريمات التى تُغير كثيرا من لون البشرة الطبيعى ، وذلك فقط هوس يحملنه الفتيات بمحاكاة نتيجة رغبات محزنة يطلقها الفتيان بأنهم يريدون الفتاة ذات اللون الأبيض ، بينما هم احفاد الفرعون وترهاقا كيف يفكرون فى ان يُبدلن فتياتنا الجميلات عن ذلك اللون الجميل وهبه من الله إذ لم يختار شخص تفاصيله ، وتم الإعجاب الشديد والحب من اول نظرة بين فارس وعفراء وتمت الخٍطبة وتم تحديد زمن الزواج بعد عدة شهور .
بينما هى تستعد لحفل الزفاف وكان قد أوشك موعده بعد عدة أيام طلب فارس الحديث مع عفراء لبعض الأشياء التى تخص مناسبتهم بعد أيام قليلة ، وكعادتنا السودانيين تُحبس العروس من رؤية عريسها الى يوم الزواج ولهذا الظرف قام بمقابلتها ، وإذا به يُفاجأ بان غيرت عفراء من لونها بواسطة كريمات التبييض وأصبحت بنت اخرى غير التى اُعجب بها ، فسألها : ماذا فعلت ؟ فأخبرته بانها إستخدمت بعض المبيضات لذلك ، فتحامق كثيرا وقال : سنؤجل هذا الزفاف الى ان يعود لونك الطبيعى الجميل الذى عشقته ، ومن قال لك أننى أُفضل اللون الأبيض وقد حبى الله كل لون من الواننا ميزاته وجماله ، وتم تأجيل الزفاف الى ان عادت لطبيعتها وجمالها الآخاذ ثم تم الزفاف بعد ذلك .تمت القصة وكانت حقيقية .
اللون لم يكن يوما من الأيام مدعاة لتقييم الشخص والإنسان ، ولن يكون هو المقياس لكى يتم إختيار شريك الحياة عبره !! تلك أسوأ الإختيارات التى تُبنى على شكل إنسان وتتناسى الروح والجمال الداخلى وبل تجعل من اللون هو ما يحدد شكل تعايُشنا السلمى الإنسانى وبل نُحدد مصيرنا وخيارات مستقبلية مهمة !! يا لهوان الإنسانية من مثل هؤلاء !!
نحن شعب جميل خُلقنا بألوان متعددة متفاوتة حتى بين أفراد الأسرة الواحدة الذين يخرجون من بطن واحدة ، تلك ليست المشكلة فقط بل أصبحت تقوم عليها تقوم صراعات جوفاء لا معنى فيها ، غير النقص والخواء الفكرى الغير مبرر ، والذى تبناه البعض لمكاسب خاصة سالت بسببها دماء بريئة لا ذنب لها غير خلقها وتكوينها ،نعم نحن جميعا السودانيين السود وتربطنا علاقات دم ورحم من منطقة لخرى ويربطنا الوطن ، فلابد ان نعتز بهذا التنوع فالدول المتقدمة كمل نُسميها ، تبحث عن هذا التعدد بشدة وفتحت له ابوابها لهجرة الجميع إليها ، ففى داخله تنشأ حضارات متنوعة ثمينة تُساعد فى قوة الدولة من جميع النواحى وتجعلها دولة إنسان ومواطنة آمنة قبل أن تُفكر فى حكم وسياسات وإكتناز ثروات لمجموعة دون اخرى .. سوداننا ادانا الكثير دون جُهد فماذا اعطيناه نحن ؟؟؟
ودمتم ..
مع أن قناعتى أن تغيير اللون أو الشكل أو ملابسه و معتقداته وغيرها من الاشياء الخاصة لأى أنسان هو (حـــــــــرية شـــــــخصــــية) ولا ينبغى على الاخر حشر أنفه بتفاصيلها , كونها من ابسط حقوقه الانسانية كما اعتد بها القانون الدولى.
الا أنى _ كسودانى أخدر أغبش سمح أبنوسى ورع و أصيل و ارتدى العمامة بشال ملون , و مشبع بأرثنا الأدبى و السياسى و الاجتماعى و الثقافى و الاقتصادى و المملوكى الذى أساسه المخدرة و المغبشة , حيث دونهم ربما تكون ملفوظا سودانيا _ أجد نفسى متعاطفا مع العريس و لا أجد له ذنبا أن طلقها و طعنها تحت كليتها معاتبا ..
الا أنى أنشد للعروس معزيا و مجاملا من وحى ثقافتى الخدراء السمحة :
يابت ياخدراء غباشتك جد ..
اصالتك كمان فاتت الحد …
وصدودك ياخى كبارى وسد …
فقولى متين , ياخى , يكون الرد ؟!
ورع ؟؟!!؟؟ هل أنت ورع ؟؟!! وَرِع؟ أوعك من الخرفان!
احترم رأيك ..ولكن هى ستصبح زوجته واختارها كما اختارته بمواصفات معينة ..مسألة كل زول حر دى لم الزول يكون على روحه ولكن عندما اخترت شريك فى الحياة لابد من احترام رغباته والتشاور فيها ..لك التحية
المفارقة أن النساء البيض أى الخواجيات يفعلن كل ما يستطعن لتكسب أجسامهن اللون الاسمر وحتى لدرجة تعريض أنفسهن لخطورة الاستلقاء تحت ضوء الشمس لساعات طويلة مما قد يسبب سرطان الجلد ولكن رغم ذلك هم يصرون على الحصول على اللون الاسمر
الامر قبل كل شئ مدى قناعة الشخص بوضعه ونوعه ولونه الرضا مهم .. لك التحية
ادعو السودانيين لتعميم الجلابية الخدراء ك زى قومى ، فهى الحل الجامع لكل مقاصدهم السياسية و الثقافية ، فتحتها ينطوى فكر الرعيل الاول من الادباء و المثقفين و توجهاتهم السياسية منذ عصر الامام المهدى ، و تعكس التصاقهم الفطرى بالصوفية و الدلاليك و العسكرية وادب القونات السامى ، كما انها تمثل التماذج الملحمى لأقاصى متجهات الفكر السودانى جله.
الجلابية الخدراء هى الامل المنشود و الحل الحاسم لكل القضايا السودانية ، فهى تلخص الجرتق و الختان و المشروع الحضارى وكل برامج التلفزيون السودانى الغثة ، تخيل ، بجلابية واحدة ستمثل الحضارة السودانية منذ المهدى وسودنة النميرى و عرضات البشير و الحركة الاسلامية بمشروعها الخلاق ثم انصار السنة و الادب الاقتصادى الشيوعى السودانى الذى يتمسك بالويكاب و القرض و الكنكشة.
هى الامل المنشود !.
لذا يجب منع الجلاليب الزرقاء أسوة بالبيضاء نظرا لما تمثله من تهديد للامن القومى الفكرى.
لدينا الكثير الذى يجمعنا ولكن البعض لمصالحه يذهب مكان الخلاف .. تحياتى