
عوض الباري محمد طه
في الوقت الذي يلوح فيه حمدوك بالاستقالة ، لوح البرهان بالانتخابات !! وقال بيان صادر عن مجلس السيادة عقب اجتماع عقده المجلس إن المجلس سيشرع فورا ابتداء من يناير 2021م في الاعداد للانتخابات ..!! وسيستمر الاعداد للانتخابات حتى يوليو من العام 2023م والامر الغريب والمدهش في تلويح البرهان ومجلسه السيادي المُعاد تشكيله على خلفية انقلاب عسكري بالانتخابات ، جاء متزامنا مع تفعيل قانون الطوارئ واعادة كامل الصلاحيات التى كانت سائدة في عهد الانقاذ لجهاز الامن واحكام قبضته الامنية .. يعني في انتخابات وتحول ديمقراطي مدني قادم (بالعين الحمراء) .. أبوالزفت !! .
وهذه الديمقراطية القادمة بـ (العين الحمراء) وتنفذها حكومة عسكرية سيبدأ التحضير لها في وجود فراغ دستوري غير مسبوق ونقص في الأجهزة العدلية ، وربما بتمويل من شركات الأجهزة الأمنية والعسكرية لان بعثة الامم المتحدة التي كان مناط بها تمويل الانتخابات واسناد التحول المدني الديمقراطي لا اعتقد انها يمكن ان تمول عملية انتخابية في ظل اوضاع كهذه ، فبأي منطق تمول الأمم المتحدة أو بعثتها فى السودان انتخابات يشرف عليها الجيش ..!! فليس في الدنيا جيش يصنع الحياة المدنية والجيوش تقوم كلها على اساس واحد وهو إن ” التعليمات تُنفذ ولا تناقش ” وليس في ذلك ما يعيب فالجيش معد أصلا لدوره المقدس فى حماية الأرض والعرض وهو دور يتطلب الصرامة في تنفيذ التعليمات وعدم مخالفتها ، ولذلك تتناقض طبيعة تكوينه مع العملية الديمقراطية القائمة على الاختلاف والتنافس وحسم الخلافات بالنقاش والاقتناع (نظريا) ، والثقل الجماهيري (عمليا) ولذلك مكانه الثكنات التي يتحقق فيها إحترامه وتطوره وعدم خوضه فى السياسية بكل قذارتها وآلاعيبها ، وكل ميسر لما خلق له .
والتساؤل المشروع هنا اذا لم تتفاعل القوى السياسية مع الاعداد للانتخابات ولم تعترف بذلك ولم تشارك فيها ، ولم يتفاعل الشارع العريض الثائر مع هذا الطرح وهذا أمر متوقع ومع تمكن البرهان ومجلسه من إجراء انتخابات ” فعلا” لا (تلويحا) رغم عدم توفر معطيات قيامها المعروفة .. فهل تختلف انتخابات كهذه عن انتخابات المؤتمر الوطني التي ظلت ولثلاثين عاما ينافس فيها ” المؤتمر الوطني ” (المؤتمر الوطني) فتأتي النتيجة في كل مرة “طُرة ” بالجهتين حتى سقط النظام ..!!؟؟ .
يبدو في حديث البرهان ومجلسه الذي عين أعضائه بنفسه بعيدا عن المدنيين إنهم أحسوا فعلا أنهم قد دخلوا في نفق مظلم فاستعجلوا نهاية الفترة الانتقالية التي كان مقررا لها أصلا ان تنتهي بمؤتمر دستوري (لا نعلم كيف سيعقد الان) تعقبه الانتخابات فأرادوا القفز فوق المراحل وصولا للانتخابات مثلهم مثل الذي إستبد به القلق والأرق ليلا فسيتعجل الصباح ولسان حاله يردد :
ألا أيها الليل الطويل ألا أنجل
بصبح ، وما الإصباح منك بأمثل !! .
