مقالات وآراء سياسية

الاسئلة الحائرة .. والاجابات المفقودة

إلى متى؟!!
احمد مجذوب البشير

إلى متى هذا الهراء الذي تمارسه النخبة السياسية العابثه ؟! وإلى أي المصائر تريد ان تقودنا؟!! متى يتنحى أصحاب القدرات الضعيفه والعقول المحدوده والرؤى القاصرة والنفوس المعتله عن ساحة العمل العام ؟! متى تترتب الأولويات والقضايا المصيرية لدى الفاعلين في ساحة العمل العام حسب أهميتها وضرورتها القصوى والواقعية .. لا على حسب امزجتهم وأهوائهم؟! متى يكون تقدم هذا البلد  المنكوب وازدهاره ورفاهية انسانه اولويه وبرامج عمل أساس لدي نخبته التائهة العاجزة ؟!!. متى يدرك هؤلاء أن الممارسة السياسية لايجدي معها منطق لعبة الدافوري (يافيها يا اطفئها) ولا الشعارات العدمية التي لاتفضي إلى شئ سوى النتائج الصفرية متى يدركون ذلك ؟! الا يتعلمون؟! من تجاربهم أو من التجارب الانسانية الماثلة أمامهم ؟! ألم يتبين لهم أن العمل السياسي فعل مساومات ومقاربات وتسويات وتنازلات .. وأن المواقف السياسية مواقف نسبيه تحتمل الخطأ والصواب .. ولا مجال فيها للمصادره ونفي الآخر بسبب أنه آخر ومختلف ونقيض ..

والا قطعيات ويقينيات في جل النشاط البشري والإنساني حتى على مستوى العلوم التطبيقية والتجريبية .. وأن الحياة كل يوم هي في شأن .. ألم يعلموا ذلك ؟! واذا كانوا يدركون ذلك من واقع التجربة والخبرة لديهم فعلام التمترس خلف المواقف الحديه والشعارات الصارخة .. والتي إن صلحت في مرحلة معينة من مراحل التغيير المنشود .. فإنها تفقد صلاحيتها وحيويتها عندما يفرض الواقع عليك بمعادلاته وخطوط التماس والتقاطع فيه منطقه .. بإعتبار أن المصلحة الكلية تعني الجميع .. وأنه إذا حدث تقاطع بين التمني الخاص والرغبات والمصالح الذاتية .. حينها يتقدم العام على الخاص والموضوعي على الذاتي .. ولكن قبل أن يذهب بنا الحديث بعيدا .. هل ثمة مصلحة عامة متعينة وشاخصة ومتفق عليها يمكن يتحرك لها اويقف عندها العقل السياسي الحاضر في المشهد ؟! وان وجدت في اخيلة واذهان هؤلاء الفاعلين .. ماهي هذه المصلحه ؟! وماهي خطوطها العامة ؟ وكيف السبيل لتحققها ؟! وماهو مردودها علي البلاد والعباد في حال تحققها ؟! وماهي المخاطر التي يمكن أن تنجم من عن عدم تحققها؟!

أسئلة تحتاج لأصحاب بصيرة نافذة ورؤية عميقة تجترح من الطرق والأساليب والأفكار ما يعيننا على الخروج من هذا المأزق التاريخي التي تعيش فيه البلاد .. والذي جسد فعلا ومصداقا لاقولا وحسب مقولة (ادمان نخبتنا للفشل) .. تتكرر المشاهد وتستنسخ التجارب بحذافيرها .. بقضها وقضيضها .. لااعتبار بتجربة ذاتية ولا إستفادة من تجارب ماثله.. نكثر من الثرثرة الغير منتجة وندور في ذواتنا كأننا جمع من العجماوات.. ما أتعسنا وأبأسنا .. لقد نبهنا واشرنا منذ بداية الحراك في ديسمبر ٢٠١٨ وحتي نجاحه في ابريل ٢٠١٩ ذكرنا أن واقعا سياسيا جديدا قد بدأت ملامح تشكله تطل في الافق .. وأن هذا التشكل تكتنفه جملة من التحديات والمصاعب الغير مسبوقه جديره أن يتم الإنتباه إليها والاهتمام بها .

_  ذكرنا أن مشهد العمل السياسي قد تعقد عن ما كان عليه من قبل .. وأن القضايا فيه قد تكاثفت وتشابكت وأن الرؤى المطروحة فيه قد تشعبت وأن الفئات المستهدفة بالخطاب السياسي بها تغير كمي بأعتبار أن فئة الشباب أصبحت غالبية غالبة ومؤثرة في الحركة السياسية .. وكذلك هنالك متغير نوعي قد حدث لم يكن موجودا في الاجيال السابقة .. ذلك المتغير هو اتساع دائرة ومصادر  المعرفة ووسائل الاتصال لديهم .. مما جعلهم أسرى لهذه المصادر والوسائل .. وهم بهذا يحتاجون لسلوك وتربية سياسية حاذقه وماهرة تدمج مابين ما يتلقونه من  معارف عبر الوسائط الحديثة ومابين مطلوبات واقعهم وتفاعلهم معه .

_ التحالف الذي قاد التغيير .. كان تحالفا واسعا .. فضفاضا أربك الساحة السياسية .. واعطبها..

.. افراده ليس على قلب رجل واحد لم يجمعهم شئ الا شعار (تسقط بس) دون الإجابة على سؤال ثم ماذا بعد السقوط ؟! ولهذا كان طبيعيا الا يتم الاتفاق حتى على شكل الهيكل التنظيمي الذي ينضوون تحت.. لوائه هل هو تحالف وشراكة ام جسم تنسيقي .. وبالتالي لم يتفقوا على برامج الحد الأدنى الذي يدير فترة الإنتقال..ومن ثم ييسر في المستقبل الطريق لعمل شراكات وتحالفات تصلح كأطروحه تقدم للناخب عند موعد الإستحقاق الانتخابي . وبسبب ذلك الوضع  ضاع على رئيس الوزراء عبدالله حمدوك زمنا مقدرا من حكومته الأولى من بعد إبرام الوثيقة الدستورية .. كان يمكن أن ينجز فيها الكثير لو وجد من حاضنته برنامجا وخطة عمل  جاهزة للتطبيق والعمل الجاد .. حتى أنه اضطر أن يخرج ما يعتمل في صدره من ضيق ويبوح بموجدته هذه عند لقائه بالجالية السودانية في المملكة العربية السعودية .. هذا الأمر كان من أكبر التحديات التي جابهت التحالف الذي إستلم زمام الأمر حينها .. ولكنه سقط في الإمتحان وفشل في إيصال رساله تبرهن على كونه أمين وحفيظ وقوي على إستحقاقات الثورة .. من تمهيد الأرض لفترة انتقالية مستقرة صعودا لانتخابات ديمقراطيه تعبر عن إرادة شعبية حقيقية وحره .. ولكن بدلا من ذلك سعى جزء من هذا التحالف بكل جد ومثابره للاستفراد بالفترة الانتقالية وإزاحة حتى شركائه في التغيير وتجييرها لأجندة  ضيقه تنظر للواقع من زاوية رؤاه الخاصة  المحدودة .. فكان طبيعيا أن تتولد الإشكالات وتتناسل حتى تضخمت ووصلت لطور الأزمة والاحتقان وجعلت الوطن كله في عين العاصفة ومهب الريح .

_ إفتقار المشهد السياسي لقيادة بصفات ومواصفات خاصة .. تستطيع أن تولد الأفكار وتقدم المبادرات وتقترح الحلول للازمات في ظل هذه الظروف البالغة الحساسية .. حيث تعاني الساحة من فقر مدقع وانيميا حادة على هذا الصعيد .. وتصدر المشهد النشطاء والفاعلين
في الواقع وعلى الوسائط في مواقع التواصل الاجتماعي .

_ الحضور المكثف لمظاهر الوجود الأجنبي وفاعليتهم القوية على مجمل الأحداث بل تدخلهم وتأثيرهم المباشر في توجيه مسار الموقف والقرار السياسي مما أدى لحالة من الاستقطاب الحاد والتحشيد  تنذر بتشظي وتفتت الجبهة الداخلية ويهدد النسيج والسلم الاجتماعي الهش التكوين اصلا .

_ ملف السياسة الخارجية وهو ملف به الكثير من  التعقيدات بسبب التقاطعات والمصالح المتباينة والمتشاكسة بين الفاعلين الاقليميين والدوليين ومصالحهم ومصالح بلادنا وبين اولوياتهم واولوياتنا .. ولهذا لازمنا الفشل في إنتهاج سياسة خارجية فعالة ومنتجة طيلة سنوات مابعد سقوط حكم البشير بل منذ السنوات الآخيرة من حكمه .. وفي حالتنا الراهنة رغم الادعاء العريض والجزم القاطع بأن اختراقا كبيرا ونجاحا مهولا قد تحقق في هذا الملف .. فهذه تمنيات وأوهام يكذبها الواقع .. فلقد دفعنا ثمنا باهظا وتكلفة عالية اقتطعت من لحم جسدنا الحي المنهك بالأزمات والحروب في سبيل عودتنا المزعومة للمجتمع الدولي .. وفرضت علينا روشتة الإصلاح الاقتصادي الباهظة التكاليف ذات المردود السياسي والاجتماعي الكارثي .. وارغمنا على تنفيذها قبل مد يد العون والمساعده ..(إمعانا في الوعود الكاذبة والعهود السراب .. كديدنهم دائما) يحدث ذلك والرجال رجالهم .. والنهج المرفوع نهجهم .. والساحة قد تملكوها .. ولكنهم قوم لايعدلون .

_ ملف السلام الشائك واتفاقية جوبا التي ما زادت الواقع الا تعقيدا ببدعة المسارات التي ابتدعتها المفاوضات .. فزادت من إحتقان المشهد .. فثار الشرق .. وتمرد الشمال.. وتذمر الوسط .. وتمدد سيلان الدم الحرام وزادت رقعته في دارفور وكردفان .. هذه هي حصيلة اتفاقية سلام جوبا .. ذات المنهجية المعطوبه إبتداء .. من حيث أجندة التفاوض .. ومكان التفاوض .. ورجال التفاوض .. وفقرها من الحواضن المؤثره إقليميا ودوليا .. وهو مما أثر على علو صيتها وقلة نصيبها من الزخم الإعلامي والاعلاني .. فكان نصيبها ضئيلا مقارنة بنيفاشا والدوحة .

وبعد فقد اكتفينا من الإحباط . وطفح كيلنا من إنتظار الغد المأمول .. واخشى ما أخشاه من تهيئة الأجواء للمغامرين الذين يأتون من الصفوف الخلفية ويقلبون
الطاولة على رؤوس الجميع وندخل في عتمة وظلمة المجهول . فاليرعوي ساسة الأمر الواقع .. الذين جار الزمان علينا بهم . وليرتدعوا .. وليضعوا نصب أعينهم مصلحة ومستقبل البلاد .. صناعا للتاريخ .. بدلا من أن يكونوا من لعنائه ..
[email protected]

‫2 تعليقات

  1. وكأن كاتب المقال يهاجم تمكيننا الاصيل المتعاقب فى المؤسسات المدنية و العسكرية وأنتاجها الثر السمح و قد غررّ به قول الطيب صالح :
    من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتبقي العربات ، وتميت الأرض وتحيي الآفات!!.
    فالتمكين بالتجارة و المدارس والجامعات و البعثات الدراسية السمحة المخصصة للقبائل و الاحزاب السياسية , ثم المؤسسات المدنية و العسكرية , هو من أنتج لنا عظيم واقعنا و كبير خبرائنا و كثيف مغتربينا بأوروبا و الولايات المتحدة , وهم من تعاقبوا ليديروا السودان أسلاميا و اشتراكيا وليبراليا و عسكريا, حتى أضحى السودان مخيفا لبقية الدول .

  2. هذا المقال تلخيص جيد لما مضى من الفترة الانتقاليه . ونسأل الله أن يبدل السودان خيرا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..