مقالات وآراء سياسية

عائد عائد يا حمدوك !

أسامة ضي النعيم محمد

 

العودة تكون بالإرث الذي خلفه وهو يرسي أدب الاستقالة من أعلي المناصب ، غابت تلك الخليقة وحلت محلها (الكنكشة) في المناصب ، حُق لنا أن نقول (قٌم لحمدوك ووفه التبجيلا) ، أعاد علي مسامع هذا الجيل ادب رفيع لبناء صروح الامة الذي وضع لبنته المحجوب وأضرابه -عليهم رحمة الله- وهو يخاطب رئيس الجمعية التأسيسية : (ستعمل حكومتي علي محاربة الدجل والشعوذة وعلي بناء مستشفي للأمراض الصدرية بسوبا) ، ثم أدب الخلاف ينثره علينا الحبيب السيد الصادق المهدي -عليه رحمة الله- وهو يرفع صوته الجهوري بأبيات المقنع الكندي.

اِخلع نعليك فأنت أمام (حمدوك المهذب) الذي فك رقبة السودان بلسان صادق مع المجتمع الدولي أعاد فتح طريق التجارة مع العالم يصنعها (حمدوك) بابتسامات خلفها علم ومعرفة وطلاقة لسان ذرب ، يقرأ الجهر في محله ويضع السر في موضعه ويرفع العالم القبعات تحية لحمدوك وترحيبا به ، تتقافز العطايا والمنح وكاد أكثر من المليون دولار أن يعبر الي بنك السودان لو لا انقلاب 25 اكتوبر .

طرح حمدوك مائدة مستديرة تتساوي فيها وحولها الاراء ، ذلك هو التواضع الذي أعاده حمدوك لفضاء سياسة السودان ، لثلاثين عاما كانت موائد الحوار يتصدرها البشير ثم سار خلفه البرهان بذات النهج ، من يدلي برأي مخالف فالسجون مرقده ، حول المائدة المستديرة يخرج الهواء الساخن من الصدور وتتصافي النفوس ، تأخذ الاراء وزنا متساو وزفرات حرى ليبقي أصلح الاراء ملكا للجميع ، الصراخ والزعيق في وجه حامل الرأي  يختفي عند حمدوك لتحل المبادرات بطرق متعددة للإقناع.

(ان الازمة الكبرى في الوطن ، هي أزمة سياسية في المقام الاول) كما وضع حمدوك يده علي الجرح تشخيصا للعلة والمرض ، لتفكيك ما حوته العبارة نجد أن الكل في الساحة العامة صار لاعبا سياسيا ، يبيع ويشري في جوقة السياسة ، عسكريون برتب لا يخفونها ويحددونها في مقاطع متداولة يرسلون التهديدات للشعب ، تلك سياسة علي رأس الاشهاد وخروج عن الضبط الذي تتطلبه أدبيات الجند ، لثلاثين عاما رسخت الانقاذ للسياسة تمكينا في الخدمة العامة ، حتي في المظهر صار ارسال اللحى بين بعض ضباط القوات المسلحة من علامات الانتماء لتنظيم الاخوان ، هي دعوة للجندي غير المسلم ليعلق الصليب  علي صدره لبيان معتقده ، السياسة صارت بضاعة يتم تداولها في الخدمة العامة السودانية هو ما يقصده الزعيم حمدوك بالأزمة السياسية.

جاست السياسة خلال دروب الخدمة العامة لتحمي المصالح الاقتصادية ، شوكة السياسي يبرزها في نقاط التفتيش والعبور والمطارات لتهريب الذهب والصمغ والسمسم ، تسرح وتمرح السياسة في بنك السودان لتتحكم في توزيع العملة الصعبة بحسب  درجة التمكين ، وظائف الخدمة العامة تغلفها السياسة لاختيار المؤلفة جيوبهم لتنزلق المصالح الاقتصادية في داخل (السسستم) ، السياسة تحمي ما نسبته 82% من المال العام ليظل مستثمرا بعيدا عن سلطة وزارة المالية ، تذهب العوائد بعيدا عن شواطئ وأراضي السودان في حسابات بنكية تحميها أنظمة أجنبية ، السياسة تظلل ملكية العقارات الحكومية وتخصيص الاوقاف لتظل صكوك ملكيتها لصالح الساسة.

نعم ، هو كذلك فالأزمة الكبرى في الوطن أزمة سياسية ، تجدها في تكوين المليشيات وتوزيع جبال الذهب ، ُتخلي مناطق بعينها لصالح الساسة للاستيلاء علي مصالح اقتصادية مثل مناجم الذهب واليورانيوم في بلد القرآن أو دارفور الجريحة ، تضرب السياسة النسيج الاجتماعي في شرق السودان لتحقيق مصالح اقتصادية لفئة متنفذه ، يقفل ميناء السودان الوحيد لتحقيق مكاسب اقتصادية والعنوان سياسة ، افتعال أزمة سياسية في السودان لتحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية هو ما يلعب عليه الساسة ، ينحدر بعضهم من خلفيات عسكرية يستمرئون اللعبة ويحركون حواضنهم العسكرية لتحقيق مصالح ومكتسبات اقتصادية بغطاء سياسي ، رفع قامة الجند وتزويدهم بأفضل المعدات لا يحسب هما عند الساسة ، يكفي الجند ذخيرة تقتل الشباب في شوارع مدن السودان ، تحرير حلايب وشلاتين سياسة تحمي مصالح اقتصادية في فقه السكوت والخنوع ، وضع المتاريس لإبعاد قيام المجلس التشريعي يدخل في باب أزمة السياسة وحماية مصالح اقتصادية ربما قفلت ( بلف) حصائل حرب اليمن.

عائد عائد يا حمدوك ، هو النداء نطلقه لمناداة كل سوداني حر أبي يرفض الذل والهوان وهو يعاقر السياسة لخلق أزمات السودان  لتحقيق مكاسب اقتصادية وتبديل وضعه الاجتماعي من باب الازمة الكبري في السودان وهي السياسة.

 

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..